خليل ابو شادى

الحرب علم.. استراتيجيتان عسكريتان متناقضتان فى غ ز ة

الأربعاء، 15 مايو 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نعم الحرب علم وفن فى ذات الوقت، وموضوع علم الحرب هو الاستراتيجية العسكرية والتكتيك، والحرب فن أيضا، لأن نجاح هذه الاستراتيجيات والتكتيكات، يتوقف على مهارة وقدرات وصفات من يطبقها.

وهذا يدفعنا إلى المرور سريعا على تعريف الاستراتيجية العسكرية، وعلاقتها بالاستراتيجية السياسية، وذلك قبل استعراض الاستراتيجية العسكرية المستخدمة من الطرفين المتحاربين فى غزة.

ويعد كارل فون كلاوزفيتز، وليدل هارت، وأنطوان هنرى جومينى، أهم مؤسسى أفكار الاستراتيجية العسكرية الحديثة.

وبالنسبة لكلاوزفيتز فإن الاستراتيجية استجابة ضرورية للواقع المتمثل فى محدودية الموارد، وتتعلق بأين وكيف نركز الموارد لتحقيق التفوق. والموهبة الاستراتيجية تكمن فى تحديد النقطة الحاسمة وتركيز كل شيء عليها، بما فى ذلك قلوب وعقول الناس، فالاستراتيجية الجيدة تبدأ بتحليل الموقف وفهم نقاط القوة والضعف، لذلك فإن الاستخبارات دائما تسبق العمليات العسكرية.

وأحد أهم الخيارات الاستراتيجية هى تحديد ما لا تفعله، وتحويل الجهد من مكان أو مجال لآخر، لذلك فإن الاستراتيجية تحتاج إلى عناصر منضبطة.

الاستراتيجية تعنى الاعتماد على العقل بشكل أساسى لكسب الحرب، فالحرب خارج فضاء الاستراتيجية، عبارة عن التقاء جيشين، يظلان يتقاتلان، حتى يتغلب أكثرهما عددا وعدة على الآخر، ويتم هذا بأكبر قدر من العنف وسفك الدماء والتدمير، أما الاستراتيجية فى أبسط وأوضح مفاهيمها، وفقا لليدل هارت، فتستهدف كسب الحرب بالحيلة والذكاء، وبالتالى أقل قدر من العنف والتدمير وسفك الدماء.

والأساس الذى بنى عليه هارت نظريته فى كتابه "الاستراتيجية العسكرية وتاريخها"، يتلخص فى أن استخدام أسلحة الدمار الشامل، يعد بمثابة انتحار متبادل من المتحاربين، وأن هذا الخطر يفسح المجال واسعا، لأساليب الهجوم غير المباشر، أو ما يسميه بعض الكتاب "الاقتراب غير المباشر"، الذى هو جوهر الاستراتيجية.

ولسان حال هارت فى كتابه سالف الذكر يقول "بل ويصرخ"، بأنه إذا كان لا بد من الحرب، فإنه يجب استخدام أكثر الأساليب ذكاء وأقلها وحشية، لتجنب التصعيد المستمر فى استخدام آلات التدمير، مخافة الانزلاق لنقطة اللاعودة، بالوقوع فى الحرب البعيدة عن أى عقل أو فكر استراتيجى وهى "الحرب النووية"، التى يمكنها أن تقضى على الغالبية العظمى من سكان الكوكب.

أما الاستراتيجية السياسية فهى التى تحكم الاستراتيجية العسكرية، بناء على المصالح العليا التى تبتغيها دولة ما من تحريك قواتها العسكرية.

وإذا كان تطبيق الاستراتيجية العسكرية يستلزم مجموعة من التكتيكات المتوائمة، فإن الاستراتيجية العسكرية بدورها يجب أن تتواءم مع الاستراتيجية السياسية "العليا"، وربما وصفها البعض بأنها تأخذ موقع التكتيك بالنسبة للاستراتيجية العليا.

وفى المقال القادم، نستعرض الاستراتيجية التى استخدمتها المقاومة الفلسطينية فى عملية طوفان الأقصى، وما بعدها خلال العدوان الإسرائيلى على غزة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة