تحقيقات وملفات

بالصور.. حى "فريد الأطرش" و"أسمهان" و"الشيخ الذهبى" وعلماء الأزهر ينفض غبار الزمن ليتحول لـ"حدائق حلوان الجميلة".. الشباب قرروا تحويل منطقتهم لأجمل أحياء القاهرة لتعود لسابق عهدها بالجهود الذاتية

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013 03:58 م

كتب محمود محيى

محافظة حلوان

"حدائق حلوان الجميلة" هذا ليس اسم حى عادى، بل إنه وعن حق اسم على مسمى، فهى ليست جميلة بشوارعها وبيوتها وأشجارها وحدائقها فحسب بل جميلة بشبابها وسكانها، الذين قرروا أن يحولوا منطقتهم لأجمل أحياء القاهرة بأنفسهم.

الفكرة كانت بجروب صغير على موقع التواصل الاجتماعى "الفيس بوك" تحت اسم "حدائق حلوان الجميلة" بهدف توثيق "حدائق حلوان" كحى سكنى له خصوصيته وحكاياته، وتجميع سكان المنطقة فى مكان واحد يتواصلون فيما بينهم للحديث عن عبق الحى التاريخى، الذى يعود تاريخه لثلاثينيات القرن الماضى، وتذكر أجمل القصور والفيلات والحدائق التى زينت شوارعها، على مر السنين، ثم تطورت الفكرة إلى واقع ملموس لإعادة الحدائق، كما كانت قديما جميلة وأنيقة.

مجموعة من الشباب فضلوا عدم انتظار الحكومة حتى تنظف شوارعها وتلون أرصفتها وتعيد زرع جناينها، بل قرروا أن يفعلوا ذلك بأنفسهم فى حملة كبرى تشمل جميع شوارع "حدائق حلوان"، بدأت صباح الجمعة الماضية، لتستمر لأيام حتى الانتهاء من تجميل جميع شوارعها.

"حدائق حلوان"، التى عاش فيها العديد من الشعراء والأدباء وعلماء الأزهر والفنانين الكبار كفريد الأطرش وشقيقته أسمهان وأمهما علياء المنذر التى يحمل أحد شوارعها اسمها حتى الآن، وكذلك الشيخ الذهبى شيخ الأزهر السابق، الذى اغتالته يد الإرهاب فى فيلته فى تسعينيات القرن الماضى، وكذلك عدد من شيوخ الأزهر الكبار مثل الشيخ على السايس، والشيخ النخيلى، والشيخ مرزوق، بالإضافة لموريس حنفى الذى بنى أول فيلا بالحدائق عام 1935، وتعهد شبابها وأقسم سكانها بأن تعود الحدائق أجمل مما كانت.

وبدأ العشرات من الشباب للنزول للشوارع منذ صباح الجمعة الماضية، حاملين المكانس وأدوات النظافة بعد أن تواصلوا مع إدارة حى "المعصرة" التابعة له منطقة حدائق حلوان إداريا لمساعدتهم فى حملة التنظيف، وبدأت البلدوزرات فى جمع الأتربة والقمامة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وجدت الحملة دعم مسجد "الميدان" أكبر مساجد الحدائق، حيث ناشد الشيخ السيد الطيب، الأهالى من خلال خطبة الجمعة للمشاركة والمساهمة فى حملة تنظيف شوارعها، كما دعا عبر المنبر مساعدة الأهالى لشباب الحملة بإبعاد سيارتهم عن الشوارع التى يتم فيها أعمال النظافة، وهو نفس الموقف الذى تبنته كنيسة "مارى جرجس" إحدى أقدم الكنائس فى منطقة جنوب القاهرة بالكامل.

كما قامت الحملة، بطبع ملصقات وتوزيع منشورات تدعو أهالى حدائق حلوان لتنظيف الشوارع وغسل الأشجار والجدران، وزرع الجناين ودهان الأرصفة وتنظيف مداخل البيوت والأسطح، وقرروا الاجتماع بصورة دورية فى إحدى جناين الحدائق لتحقيق الحلم والسعى لتنفيذه.

وقال وليد فكرى، أدمن جروب "حدائق حلوان الجميلة" وأحد سكان المنطقة لـ"اليوم السابع": "إن الصفحة فى الأساس كانت لتوثيق حدائق حلوان والتعريف بنماذجها المضيئة.. كنا نبحث فى أصول تسمية الشوارع المنسوبة لأول من سكنها.. ونتتبع الباقين منهم ليكشفوا لنا أسرار المكان.. وربما كانت هى الفكرة التى غازلت الحنين لدى أبناء المنطقة فى عودتها لسابق جمالها أو الحفاظ على الصورة الذهنية الباقية منها على الأقل خاصة بعد أن اغتالت أبراج الأسمنت فيلاتها القديمة.. فاجتمع للصفحة قرابة الأربعة آلاف عضو، فى فترة وجيزة تقاسموا خلالها الذكريات والآمال.. ففكرنا فى استثمار الطاقة الجمعية الإيجابية هذه فى عمل يفيدها".

وأضاف فكرى: "أعددنا وخططا لنظافة الحدائق وتجميلها وتشجير حدائقها المحدودة.. فأنا شخصيا أؤمن بأن الجمال عدوى.. تنتقل حال وجوده. . ولكى لا تذهب الجهود سدى خاطبنا جهات تنفيذية كالحى والمحافظة لنطلعهم على ما ننويه فيساعدوننا بمعداتهم وإمكانياتهم البشرية، ونتكفل نحن بالخامات.. فأنشأنا صندوقا رمزيا لتجميل المنطقة عهدنا به لأناس ثقات وآمن كثيرون بالفكرة، ووثقوا فى القائمين عليها.. وقسمنا المنطقة لمربعات عمل ودعونا الناس لما يشبه الخدمة العامة قديما، وكانت الاستجابة مبشرة".

وفى السياق نفسه، يقول أحمد النخيلى، أحد شباب الحدائق على صفحة الجروب: "وحياتك يا حدائق لنوفى الوعد ونرجعك عروسة حلوان كلها لأنك تستحقين منا أكثر من ذلك.. ممكن بعض الناس يستعجبون من هذا الإحساس لرد الجميل، أنها الحدائق حدائق العلم والعلماء، والمشاهير إنها حدائق الشيخ الذهبى، وعبد الحميد النخيلى، إنها حدائق فريد وأسمهان الأطرش إنها حدائق عياد إنها حدائق السايس، وحمودة إنها حدائق جامع الميدان، والكنيسة إنها يا سادة حدائق حلوان، لقد أخذنا عهدا أمام الله أن نعمل على إعادتك جميلة وبإذن الله سنوفى الوعد".

ويضيف النخيلى: "لقد نجحنا فى أول يوم لحملة تنظيف الحدائق الجميلة بنسبة 80 % الحمد لله ونسستكمل نجاحنا بإذن الله على مدار الأسبوع بمعاونة رجال الحى، ولن نتوقف إن شاء الله، لقد كان المشهد رائعا وجميلا، أشكر كل من ساهم معنا فى الحملة".