تحقيقات وملفات

من الصوم إلى القرعة الهيكلية .. البابا 118 يظهر بعد 72 ساعة

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012 05:22 م

كتب مايكل فارس - رانيا فزاع - هدى زكريا - صفاء عاشور

الأنبا رافائيل والأنبا تواضروس والقمص روفائيل

بإعلان الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة قائم مقام البطريرك عن خوض الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة، والأنبا تواضروس أسقف عام البحيرة، والقمص روفائيل أفامينا، القرعة الهيكلية يوم 4 نوفمبر المقبل تكون الانتخابات البابوية قد أوشكت على الدخول فى محطتها النهائية.

وتبدأ إجراءات القرعة بقداس للقائم مقام البطريرك، الأنبا باخوميوس، وتُكتب أسماء المرشحين الثلاثة فى ثلاثة أوراق بيضاء كبيرة متساوية وتوضع أمام الجميع قبل أن يتم لفها، ووضع كل منها فى حلقة معدنية منفصلة، وستختم بالشمع الأحمر، ثم ستوضع فى إناء زجاجى كبير على منصة مرتفعة. ويُصطحب طفل صغير يتم اختياره من بين عدد من الأطفال المتقدمين لسحب ورقة واحدة من الإناء الزجاجى، ويكون مدونا عليها اسم البابا الجديد، ويسبق القرعة الهيكلية صوم وصلاة ثلاث أيام من الدرجة الأولى تبدأ اليوم الأربعاء.

جموع الأقباط لديهم شغف، وترقب شديد لمعرفة من هو البابا الجديد، الذى يقود أقباط مصر ويقود الكنيسة فى هذا التوقيت الصعب الذى تمر بها بلادنا. كان أول اختيار وفقًا للقرعة الهيكلية من نصيب البابا كيرلس السادس، فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وهو البطريرك الـ116، والذى أتى فى المركز الأخير من بين المرشحين الثلاثة المنتخبين، فيما كان البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117، ثانى من يتم اختياره بالقرعة، وكان حاصلا على المركز الثانى من ضمن ثلاثة، واختير بابا وفقًا للقرعة الهيكلية، فى 31 أكتوبر عام 1971.

الأنبا رافائيل الطبيب الحساس

- يطالب بضرورة تعديل لائحة 57.. ويؤكد عدم ضرورة خروج الكنيسة عن دورها الروحى

الأنبا رافائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة، والملقب بـ«الأسقف الزاهد»، والحاصل على المركز الأول من أصوات الناخبين حيث حصد 1980 صوتا، ولد باسم ميشيل عريان حكيم، بتاريخ 6 مايو 1958 فى القاهرة، حصل على بكالوريوس طب وجراحة من جامعة عين شمس فى ديسمبر 1982، وبكالوريوس الكلية الإكلريكية فى القاهرة 1984، ذهب إلى دير السيدة العذراء البراموس فى أغسطس 1987، ورسم باسم الراهب يسطس فى دير السيدة العذراء البراموس فى 28 فبراير 1990، ثم نال الكهنوت فى 18 مايو 1995، ثم أسقف باسم رافائيل فى 15 يونيو 1997، وعمل على خدمة العيادة وزوار دير البراموس فى أثناء وجوده كراهب بالدير.

من خلال لقائه بالأنبا بولا فى البرنامج التعريفى للمرشحين للبابوية وأيضا من تصريحاته السابقة فهو يحمل عددا من الأفكار أهمها توطيد العلاقات مع الطوائف المسيحية فى مصر، وتفعيل مقترح بدأه البابا شنودة لتشكيل مجلس كنائس مصر، يضم كل الطوائف المسيحية، وهناك مجموعة من القانونيين يعدون لائحة له لا تتعارض مع لائحة مجلس كنائس الشرق الأوسط، كما يؤكد التواصل مع العلمانيين لأنهم أولاد الكنيسة.

ويرى أن النظام الكنسى منذ القرن الميلادى الأول نظام مؤسسى يقوم على التفويض، والبابا شنودة كان يدعم ذلك، لكن طبيعة شخصيته «الكاريزمية»، المتفردة حالت دون ظهور هذه المؤسسة للعامة، رغم أن نظرته إلى الآباء الأساقفة الذين رسموا فى عهده تظهر مدى مؤسسية العمل الكنسى المتسع خلال فترة رئاسته للكنيسة.

كما يرى رافائيل أن هناك ضرورة لتعديل لائحة انتخاب البطريرك، لتوسيع القاعدة الانتخابية لانتخابات البابا لتضم جميع الكهنة ومجموعة من رهبان كل دير، وكذلك أساتذة الجامعات وأعضاء جميع النقابات المفكرين والباحثين ويرفض أن تتخلى الكنيسة عن دورها الروحى مقابل الأعمال التجارية، حسبما أكد ذلك للأنبا بولا.

ويرى رافائيل عدم ضرورة خروج الكنيسة عن دورها الروحى وأن تكون داعمة للمجتمع، وأن تعمل الكنيسة على القيام بدورها فى خلاص النفوس وأن تترك الأعمال التجارية أو أى شىء آخر، كما يرى رافائيل ضرورة إعداد نظام إدارى جديد للكنيسة يقوم على أساس التنظيم الجيد.

الأنبا رافائيل، أسقف كنائس وسط القاهرة، الصفة الغالبة عليه أنه: «شخصية حسية انفعالية»، وليس المقصود بالانفعالية، أى العصبية، بل إن انفعالاته تظهر بوضوح فى حركات يده، كما أنه شخصية حسية، حيث إن نظرات عينيه للأسفل، وهى شخصية تغلب عليها العاطفة أكثر، حسبما أكدت رغداء السعيد خبيرة لغة الجسد، فأثناء حديثه ترتفع اليد اليسرى، وهى من سمات الشخصية الانفعالية، بالرغم من محاولته عدم تحريك اليد كثيرا، وإسنادها على يد الكرسى، إلا أن تعبيراته وحركة يده كانت مقروءة بسهولة، فهو شخصية دقيقة ومنظمة الأفكار، ويظهر ذلك فى ضم اليدين عند الأصابع، وهذا فى لغة الجسد تجميع للأفكار وتحديدها، وتظهر دقة أفكاره أيضا فى ضم أصابع يديه جميعها، كأنما تساعده يده فى تجميع الأفكار وسردها.
يظهر من حديث الأنبا رافائيل، أنه محاور جيد.


الأنبا تواضروس الصيدلى الواضح
- يؤكد على ضرورة الحوار مع الشباب.. واستمرار علاقة الأخوة بين المسلمين والمسيحيين

الأنبا تواضروس أسقف عام إبراشية البحيرة، فى بداية الحديث عنه اللافت للنظر هو تاريخ ميلاده وهو يوم 4 / 11 / 1952، ويوم 4 /11 هو يوم قداس القرعة الهيكلية لاختيار البابا القادم ليواكب يوم الميلاد نفس يوم اختيار البطريرك، وإن حدث واختارته القرعة الهيكلية فستكون سابقة ليكون ميلاده هو يوم اختياره بطريركا، وحصل على المركز الثانى من بين المرشحين للكرسى البابوى بعدد أصوات 1623 صوتا ليدخل القرعة الهيكية الأحد القادم.
حصل الأنبا تواضروس على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الإسكندرية عام 1975 وبكالوريوس الكلية الإكيريلكية، وحصل على زمالة الصحة العالمية بإنجلترا عام 1985 وعمل مديرا لمصنع أدوية دمنهور التابع لوزارة الصحة، وترهبن فى 31 يوليو عام 1988 بدير الأنبا بيشوى، ليتغير اسمه العلمانى الذى ولد به وكان وجيه صبحى باقى.

ويعد الأنبا تواضروس من تلاميذ الأنبا باخوميوس، قائم مقام البابا، وحصل على تزكية من الأنبا رافائيل لترشحيه بالانتخابات البابوية إضافة إلى تزكية 6 أساقفة داخل وخارج مصر، وهم: الأنبا باخوم، أسقف سوهاج، والأنبا أنداروس، أسقف عام البحيرة، والأنبا دميان، الأسقف العام بألمانيا، والأنبا سريال، أسقف ملبورن بأستراليا، والأنبا مكاريوس، أسقف دير السريان.

خلال لقائه مع الأنبا بولا، المتحدث باسم الانتخابات البابوية، للتعريف بالمرشحين للكرسى البطريكى، وأيضا من خلال عظاته ورؤاه فهو يؤكد على ضرورة «لم الشمل» من خلال جذب أقباط المهجر، والحوار الجاد مع الشباب، فهو أبرز الطرق لتوطيد علاقة الكنيسة بهم بعد ثورة 25 يناير، وأن البابا هو صمام الأمان للكنيسة والدولة، وأنه لابد من استمرار علاقة الأخوة بين المسيحيين والمسلمين، عطفا على ضرورة تركيز وسائل الإعلام على الدور المشترك بين المسيحيين والمسلمين والاندماج بينهم فى المجتمع، خاصة عبر المناهج الدراسية، ويسعى تواضروس إذا تولى منصب البابا 118 للكنيسة الأرثوذكسية إلى أن يقوم بتخصيص ميزانية ضخمة لإنشاء معهد لإعداد خدام كنائس المهجر لإطلاعهم على الثقافات المختلفة فى الدول الأوروبية وأمريكا وكندا.

وعن الأنبا تواضروس، أسقف البحيرة، قالت رغداء إنه شخصية بسيطة بشوشة وهادئة، ويظهر ذلك فى نبرة الصوت المنخفضة، وهو شخصية بصرية أيضا، يشرح بمرادفات للوصف كثيرة، كى تصل المعلومة، وترتفع عينه للأعلى أثناء الحديث ليتذكر بوضوح ذكرياته، والغالب على شخصيته «الاتزان»، ويظهر ذلك فى هيئة جلوسه، ووضع الكوعين على مسند الكرسى وحركة يده بتواز، عندما يسكت أثناء الحديث، فهو يرتب أفكاره جيدا بعدها يسترسل بمنتهى السلاسة، وهذا النمط يفكر كثيرا قبل اتخاذ القرار، ويزن الأمور جيدا، فهو محاور جيد ومستمع جيد، وظهرت أستاذيته فى دروس مدارس الأحد على لغة جسده فى وقفات ما بين سرد المعلومة وحركة رأسه لأسفل والعين لأعلى للمتحدث، للتأكد من وصول المعلومة بدقة.

القمص روفائيل البركة الكتوم

- تتلمذ على يد البابا كيرلس السادس.. ويرى أن قرارات الكنيسة لا يمكن أن يتخذها فرد «لوحده»

المرشح الثالث القمص روفائيل أفامينا.. ولقبة الأنبا بولا بـ«البركة»، والذى حصل على 1530 من جملة أصوات الناخبين، لما يتمتع به من الحكمة والمحبة والخبرة الإدارية، وفق كل الذين تعاملوا معه، كما أنه يتمتع بالحزم والمحبة والوداعة.

ولقى دعم إيبارشية الإسكندرية، من مواليد 8 سبتمبر 1942، باسم رافائيل صبحى توفيق، من مواليد روض الفرج بالقاهرة، ولكنه قُيد فى شهادة الميلاد فى 18 أكتوبر، وهو حاصل على ليسانس الحقوق بجامعة عين شمس سنة 1964، وتعود أُصول عائلته إلى أبنوب الحمام، وقد تمت رهبنته فى دير مارمينا فى 7 أغسطس 1969م، ورُسم قساً فى اليوم التالى مباشرة، وخدم بمقـر الدير والطاحونة بالقاهرة فى الفترة من 1986م إلى 1994، وسيم قمصاً فى 2001.
قام بتأليف 25 كتاباً، تنوعت بين كتب روحية وكنسية وطقسية وتفسير وسير شهداء وقديسين.

خلال لقاء الأنبا بولا، معه فى اللقاء التعريفى بالمرشحيين للكرسى البابوى، كان يجاوب روفائيل بتلقائية شديدة دون حساسيات، يتحدث سريعاً، سألة بولا عن البابا القادم هل سيستطيع أن يكون مثل البابا شنودة الثالث بابا العرب، فرد بتلقائية أن الكنيسة فى عهد البابا شنودة الثالث، توسعت فى الخدمة خارج مصر، وكان بابا مصر والعرب وغرس الوطنية فينا، لذا فالكنيسة تحتاج لبابا يستمر فى المسيرة، لتوطيد العلاقة بين الكنيسة والأزهر، مضيفاً، يجب أن تكون هناك قنوات اتصال مع الجميع، فيجب ألا نأخذ حقنا بأيدينا بل بالمحبة والسلام والمشاركة فى كل شىء.

وأضاف، خلال لقائه مع الأنبا بولا، المتحدث باسم لجنة الترشيحات البابوية، فى البرنامج التعريفى بالمرشحين للبابوية، الذى يقدمه الأنبا بولا على القنوات المسيحية، أنه تتلمذ على أيدى البابا كيرلس السادس، والذى كان يؤمن بالعمل المؤسسى داخل الكنيسة، وقد أنشأ هيئة إدارة البطريركية، وكان يرأسها إبراهيم نجيب، وزير السياحة.

وردًا على سؤال الأنبا بولا، كيف كان يتم إراحة البابا كيرلس، هل بحجب المعلومات عنه أم لا، فرد «أفا مينا»، كنا نوصل له كل المعلومات ماعدا الإدانة، وقد وصلت له إدانة مرتين فقط.

كما أنه، يرى أن قرارات الكنيسة، لا يمكن أن يتخذها فرد لوحده، ولكن عبر قرارات جماعية، ويرى ضرورة توطيد العلاقة بين الكنيسة والأزهر الشريف ووجود قنوات اتصال مع الدولة وبين جميع الطوائف الداخلية والخارجية، وأن يكون الاتصال مع البابا نفسه، أو المحيطين به مثل سكرتير المجمع المقدس، بحيث يعملون بتوجيهات صارمة، ولا يعتدون على هذه القنوات، ويرى أن مصلحة المسيحيين والمسلمين أن تكون هناك محبة وسلام ومشاركة.

يتسم القمص روفائيل – حسب رغداء - بعدم الاتصال المباشر بالعين مع المتحدث لمدة طويلة، الأمر الذى يدل على أنه شخصية حسية كتومة إلى حد ما، وتظهر شخصيته الحسية فى نظرة عينيه للأسفل كثيراً، متجهة لليسار ناحية القلب، وهى شخصية تسعى للهدوء، ولا تحب الضوضاء، كما أنه ملتزم جداً، ويقدر الالتزام بالملبس والهندام.


..ويواجه تحديات أبرز الملفات المؤجلة للأقباط

حرية بناء الكنائس.. تعديل لائحة 57.. قانون الأحوال الشخصية.. مشاركة الأقباط السياسية.. أقباط المهجر

ينتظر البابا الجديد العديد من الملفات الشائكة، التى تحتاج إلى حلول عاجلة، لحل أزمات الأقباط المتراكمة، منذ سنوات حكم النظام السابق، الذى كان يتعمد التكريس للطائفية، وعزلة الأقباط، ومنع حقوقهم، التى من شأنها تحقيق مبدأ المواطنة، وكان النظام السابق الذى سقط بفعل الثورة، ينتهج نفس الأسلوب مع جميع الأطياف السياسية والدينية الأخرى، بهدف تقسيم المجتمع ككل، حتى يتسنى له التغطية على ملفات الفساد السياسى والاجتماعى، التى أغرقت مصر فى الفقر والديون والخلافات، وقبل أيام من إعلان اسم البابا الجديد، ترصد «اليوم السابع» أهم القضايا المتعلقة بالأقباط، والتى سيقع العبء الأكبر على كاهل البابا لحلها.

1- «حرية بناء الكنائس»

يعد إصدار قانون لبناء الكنائس على رأس تلك الملفات الشائكة، التى تنتظر تدخل الكنيسة، للضغط على الحكومة لسرعة إصدراه، ومنذ قيام ثورة 25 من يناير، أعلن مجلس الوزراء وقتها، أنه بصدد إصدار قانون، يخفف من الشروط اللازمة لبناء الكنائس، فتنص المادة الأولى منه على أن يكون ترخيص بناء دور العبادة أو تعليتها أو إجراء ترميمات بها بترخيص من الجهة الإدارية المختصة، كما منعت المادة الثانية إقامة الكنائس ضمن بناء معد لأغراض السكن، بينما تنص المادة الثالثة على ضرورة الكشف عن مصادر التمويل، فى حين اشترطت المادة الرابعة، التقدم بطلب للحصول على ترخيص ببناء دار عبادة إلى الإدارة الهندسية بالمحافظة الكائنة بدائرتها الأرض محل البناء، وأقرت المادة السادسة أن يصدر القرار ببناء دور العبادة من وزير التنمية المحلية، بعد أخذ رأى المحافظ المختص، مع عرض أى قرار بالرفض على رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار نهائى فى شأن الترخيص ، ولكن مشروع قانون بناء الكنائس الجديد، لم ير النور، وفى أولى جلسات مجلس الشعب المنحل، وعد عدد من النواب بسرعة إقرار القانون الجديد، خلال 6 أشهر من بداية الجلسات، إلا أن الأزمات التى تعرض لها المجلس، وصدور قرار بحله، حال دون ذلك.

المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، أصدرت تقريرا نهاية الشهر الماضى، رصدت فيه الانتهاكات التى تعرض لها الأقباط، منذ قيام ثورة 25 من يناير، والتى كان أبرزها التعدى على كنيستى إمبابة واطفيح، ومنع الشرطة من إعادة فتح كنيسة عين شمس، وأوصى التقرير بسرعة النظر فى تقنين أوضاع الكنائس القائمة بالفعل، والتى تقام فيها الصلوات الدينية منذ سنوات، ولم تحصل على تراخيص رسمية، وكذلك سرعة إصدار قانون ينظم إجراءات بناء الكنائس، وقال القمص عبدالمسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء بمسطرد، أنه ينبغى على البابا الجديد، أن يطالب بقانون جديد خاص ببناء الكنائس بشكل يحفظ لها خصوصيتها التامة، دون علاقة لها ببناء المساجد وتحديد المسافة بينهما فى المكان الواحد، كما كان ينص القانون السابق الخاص بحرية وحق إنشاء الكنائس، والذى ثار حوله جدل كبير خلال الفترة الماضية.

2- «المشاركة السياسية للأقباط»

كما ينتظر من البابا القادم، أن يساهم فى إعادة انفتاح الأقباط على المجتمع، وحثهم على المشاركة فى الحياة السياسية، واقتصار الكنيسة على الجانب الروحى فقط، ذلك حتى يتحقق مبدأ المواطنة بمفهومه الشامل، وترفع كل أشكال التميز فى المجتمع، التى ترجع فى كثير من الأحيان، إلى مناقشة مشاكل الأقباط داخل الكنيسة، بدلا من مناقشتها فى المجالس النيابية والتشريعية، بمشاركة الأطياف السياسية بالمجتمع كافة. وشهدت الفترة التى تلت قيام الثورة المصرية، ظهور عدد من الحركات القبطية، والأحزاب، التى مازالت تحتاج إلى دعم شعبى من الأقباط، وخبرة سياسية، للتأثير فى الحراك السياسى داخل المجتمع.

المفكر القبطى جمال أسعد، يتحدث عن دور ومشاركة الأقباط فى الحياة السياسة فى ظل تولى البابا الجديد، قائلا: الأمور والشؤون السياسية لا دخل للبابا فيها، فالأخير دوره روحى ربانى فقط، لا علاقة له بالحياة السياسية والأحزاب وغيرها، مضيفا أن الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، كان تدخله فى الأمور السياسية خطأ استثنائيا يجب ألا يتكرر مع البابا الجديد. وأضاف أسعد: أن الرئيس المخلوع حسنى مبارك، هو من أعطى الفرصة للبابا شنودة الثالث، وصوره كزعيم سياسى.. فى حين أن دوره كان من المفترض أن يظل قاصرا على الأمور الكنسية فقط، حتى تفاقمت مشاكل الأقباط، وأصبح الجميع عاجزا عن حلها لذا يجب على البابا الجديد أن يتفرغ للأمور الكنسية فقط. فيما يرى المحامى نجيب جبرائيل، أنه لا يمكن فصل الكنيسة عما يحيط بها من أحداث مجتمعية وسياسية، وإذا قلنا إن البابا الجديد لا علاقة له بالسياسة، فهذا لا يعنى فصله التام عن شؤون مجتمعه، مضيفا أنه على الجانب الآخر ووفقا للمتغيرات السياسية التى تطرأ على المجتمع المصرى بين الحين والآخر، فقد حان وقت الأقباط للخروج، والتفاعل مع القنوات السياسية، والتعبير عن آرائهم بمنتهى الحرية كمواطنين مصريين فى الدرجة الأولى.

3- «أقباط المهجر»

عما يتردد عن كيفية تعامل البابا القادم مع ملف أقباط المهجر، قال « إنهم مصريون يقيمون على أرض غير مصرية، ولا يوجد فرق بينهم وبين أقباط الداخل، فهم يؤمنون بنفس العقيدة، ويخضعون لرئاسة البابا، وعندما يتكلمون عن السياسة، فهم يتعاملون مع الدولة بصفتهم مصريين، وليس بصفتهم مسيحيين، كما أن القوانين الخاصة بالأقباط كافة تنطبق عليهم مثل مسيحيى الداخل، ولا يوجد فرق بينهم، وجميعهم رعايا الكنيسة روحيا.

وأكد النجار أنه من المنتظر أن ينظر البابا لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط وأن يلتقى بمجموعة أقباط 38. وحول دور البابا القادم فى المواد الخاصة بالأقباط بالدستور القادم، قال إن الكنيسة سبق وأن أعلنت عن رأيها فيما نشر فى مسودة الدستور عن الأقباط، وأعلنت عن موافقتها عليها، بالإضافة إلى أنها أعلنت عن رأيها فى الدستور، وضرورة تمكسه بالحريات والمواطنة. كما قال الناشط القبطى مايكل منير، أنه لا يوجد فرق بين البابا السابق والحالى، فى التعامل مع أقباط المهجر، فهم يتعاملون معهم باعتبارهم أبناء الدين المسيحى، ولا يوجد بينهم وبين البابا أى مشاكل، كما أن البابا سيلتزم بالفصل بين الدين والسياسة، وإذا عملت مجموعات منهم فى السياسة لن يتعرضوا لأى ضغط من الكنيسة.

ونفى ما يتردد عن إمكانية حدوث صدام بين أقباط المهجر والكنيسة، طالما أن الطرف الأول لا يسىء لمصر، والثانى لم يتدخل فى السياسة ويترك عمله الروحى. ويأتى أقباط المهجر من ضمن الملفات الشائكة التى تنتظر البابا، فرغم أن بعض تلك الجمعيات المنتشرة خارج مصر، تطالب بعدد من الحقوق المعقولة والأساسية للأقباط فى مصر، إلا أن عددا آخر من تلك الجمعيات، كثيرا ما يتبنى لغة طائفية، تكرس لحالة الانفصال المجتمعى، وتدعو لتدويل قضايا طائفية، تحتاج إلى حلول عاجلة حقا، ولكن داخل المجتمع المصرى المتماسك.

5- «قانون الأحوال الشخصية»

ينتظر الأقباط من البابا القادم كذلك، الدفع بقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، وإقراره فى أقرب وقت، والقانون الجديد من شأنه أن يضع حلولاً للعديد من القضايا الأسرية، داخل إطار العقيدة المسيحية، وبخاصة الزواج الثانى.

إقرار مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، لا يقل أهمية عن إتاحة حرية بناء الكنائس، فمادام قانون الأحوال الشخصية الحالى، يستمد بنوده من الشريعة الإسلامية فلا مانع من قانون آخر يستمد بنوده من تعاليم الكنيسة، خاصة بعد ظهور العديد من القضايا الاجتماعية العاصفة، على رأسها قضايا التحول الدينى لأحد الزوجين، والزواج الثانى، وخاصة أن مشروع القانون السالف ذكره، وإن أجازته مؤسسة الأزهر، منذ أول ظهور له عام 1980، فوقتها صاغته الكنيسة ليضم 92 مادة، وعرضته على وزير العدل، لكنه لم يدخل إلى حيز المناقشة داخل أروقة مجلس الشعب، وفى عام 1998 دعا البابا شنودة رؤساء الكنائس، وممثليها لإعادة مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية القديم مرة أخرى، وتعديل بنوده بما يتناسب والمتغيرات الاجتماعية، ليقدم مرة أخرى إلى وزارة العدل، تمهيدًا لعرضه على مجلس الشعب، لكن السيناريو نفسه تكرر، ولم تتم مناقشة القانون.

وفى عام 2006 عاد الحديث حول القانون مرة أخرى، دون أن يدخل القانون حيز التنفيذ، ليس بسبب عرقلة حكومية، ولكن بسبب اختلافات بين الطوائف حول القانون.

وقال ممدوح نخلة، الناشط الحقوقى، إنه بالرغم من الاتفاق حول مشروع القانون بين جميع الطوائف عام 1998، فإنه عند إعادة طرح القانون خلال عام 2006 اشتعلت الاختلافات حوله، أولاً بين الطائفة الأرثوذكسية والإنجيلية، بسبب الشروط التى وضعها مشروع القانون للزواج الثانى، بعدها أعلنت الكنيسة الكاثوليكية رفضها التام للقانون، وفقًا لتعاليمها، وأضاف نخلة أنه علم من مصادر مطلعة داخل الكنيسة، أن مشروع القانون لن يتم إقراره إلا فى حالة رضاء كل الطوائف، وبعد ضم ملحقات لبنود القانون، وفقًا لتعاليم كل طائفة، وأضاف نخلة أن هناك مطالبات بأن يتضمن قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين بنودًا خاصة بالميراث، خاصة أن نصيبى الرجل والأنثى متساويان، وفقًا لتعاليم الديانة المسيحية، ولا يحصل الرجل على ضعف ميراث الأنثى كما فى الشريعة الإسلامية، إلا أنه يرى أن هذا الأمر غير ضرورى، خاصة أن توزيع الميراث وفقًا للتعاليم المسيحية، وبعيدا عن المثال السابق، يتشابه كثيرًا مع الشريعة الإسلامية.

ويشتمل مشروع القانون على 146 مادة، موزعة على خمسة أبواب، خصص الباب الأول للزواج، وما يتعلق به، من بطلان عقد الزواج، وموانعه، وحقوق الزوجين وواجباتهما، ويتناول الباب الثانى النفقة بين الزوجين، وبين الآباء والأبناء وبين الأقارب، ويختص الباب الثالث بالسلطة الأبوية، والحضانة، والباب الرابع بثبوت النسب، والخامس بانحلال الزواج وبطلانه، ويوجه للقانون عدد من الانتقادات الأخرى، أهمها المطالبة بتغيير اسم القانون، ليصبح القانون الموحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، لأن هناك عددًا من الطوائف الدينية الأخرى فى مصر، كما ينتقد مشروع القانون بسبب عدم إظهاره الرؤية المسيحية لعدد من القضايا الاجتماعية الجديدة، كالزواج العرفى أو الخلع، كذلك عدم ورود مواد خاصة، بفسخ عقد الزواج فى حالة تغيير أحد الزوجين ديانته، أو إخفائه حالة مرضية كالعقم مثلاً عن الطرف الآخر.

5- «تعديل لائحة انتخاب البابا»

من أهم القضايا التى تنتظر البابا القادم أيضا، ضرورة تعديل اللائحة 57، والخاصة باختيار البابا، وقد أعدت الكنيسة لائحة جديدة، من المفترض عرضها على البابا الجديد، واستحداث اللائحة الجديدة منصب «نائب البابا»، والذى من ضمن مهامه وفقا لنص اللائحة الجديدة: يعاون البابا فى مهامه التى يوكلها إليه، ويقوم بمهام البابا فى حالة خلو الكرسى، وفى حالات غياب البابا عن كرسيه فى رحلاته الرعوية للخارج أو مرضه، أو بسبب موانع قهرية، أو فى حالة عدم قدرة البابا على القيام بمهامه بحسب التقاليد الكنسية، لحين انتخاب البابا الجديد.
على الجانب الآخر قال رمسيس النجار المستشار القانونى للكنيسة المصرية، إن تعديل لائحة المجلس الملى، واحد من أهم الأمور التى ينبغى على البابا القادم النظر لها، ومن المفترض تزويد صلاحياتها، على ما هى عليه الآن.