تحقيقات وملفات

حكم التعاملات البنكية لم يعرف كلمة نهائية الإمام شلتوت وطنطاوى وعلى جمعة أباحوها.. وأبوزهرة وجاد الحق وابن باز حرموها

الأحد، 24 فبراير 2013 01:22 م

كتب - بلال رمضان

محمد سيد طنطاوى شيخ الازهر الراحل

تباينت آراء علماء الأزهر حول فتاوى إباحة وتحريم أخذ الفوائد على الأموال المستثمرة فى البنوك، وحتى يومنا هذا لا يزال هناك جدل فقهى حولها، فلم تعرف الشريعة الإسلامية رأيا نهائيا، فقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية فتواه الشهيرة التى أباحت التعامل مع البنوك وأخذ الفوائد من أرباحها، وقد صدرت الفتوى موقعة من الشيخ محمود شلتوت «1893/1963م» وأحد أهم شيوخ الأزهر، وقد أفتى بجواز التعامل مع المصارف المالية وأخذ القروض منها، مؤكدا أن هذا الأمر لا يدخل فى باب الربا الذى كان يحصل عليه المرابى أضعافا مضاعفة، لأن المال المودع فى الصندوق ليس ديناً ولم يقترضه منه صندوق التوفير، وإنما تقدم صاحب المال إلى صندوق التوفير بنفسه طائعاً مختاراً ملتمساً قبول إيداع ماله عنده، وهو يعرف أن مصلحة التوفير تستغل الأموال المودعة لديها فى مشروعات تجارية تحقق فيها ربحاً وهى تعطيه الفوائد من خلال تلك الأرباح، وإمداد المصلحة الحكومية بزيادة رأس مالها ليتسع نطاق معاملاتها وتكثر أرباحها فينتفع العمال والموظفون وتتسع مجالات العمل وينتفع الجميع بفوائض الأرباح، وكان الشيخ محمد أبوزهرة «1390هـ 1970» على خلاف بينه وبين علماء المسلمين إلى حد المعاركة الفكرية الكبيرة، حيث أفتى بأن الربا زيادة الدين فى نظير الأجل وأن ربا المصارف هو ربا القرآن وهو حرام ولا شك فيه، وأن تحريم الربا يشمل الاستثمارى والاستهلاكى، وهو ما اختلف فيه مع الإمام محمود شلتوت بسبب فتواه التى أجازت التعامل مع البنوك، والإمام السورى الكبير مصطفى الزرقا بسبب فتواه التى أباح فيها التأمين على الحياة هو وكثير من علماء المسلمين.

ويقول الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الراحل: إن الاستثمار بإيداع الأموال فى البنوك بفائدة محددة مقدما أو بشراء شهادات الاستثمار ذات الفائدة المحددة مقدما قرض بفائدة، وبهذا الوصف تكون الفائدة من ربا الزيادة المحرم شرعا، أما الاستثمار دون تحديد فائدة مقدما بل يبقى خاضعا لواقع الربح والخسارة كل عام فهو جائز شرعا، لأنه يدخل فى نطاق عقد المضاربة الشرعية، والربح والاستثمار بهذا الطريق حلال، موضحًا أن العائد من الاستثمار بالطريق الأول حرام، باعتبار أن فائدة الشهادات محددة مقدما فهى من ربا الزيادة، وبالطريق الآخر حلال، باعتبار أن الربح غير محدد بل يتبع الواقع من ربح وخسارة، ويتعين على المسلم أن يتخلص من الفائدة المحرمة بالتصدق بها ولا تجب عليها زكاة.
أما الشيخ محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الراحل فقد أفتى بأن فوائد البنوك والمصارف المالية المحددة مسبقًا مباحة شرعًا ولا تعد من الربا المحرم وإنما تعد ضمانًا بصورة أفضل لأموال المودعين فى تعاملاتهم مع البنوك المختلفة، كما قال إن التعامل مع البنوك من الأمور التى لم تكن موجودة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة رضوان الله عليهم والخلفاء الراشدين، ولذلك فهى من الأمور التى فرضتها تطورات العصر.

أما الإمام الوهابى الشيخ عبدالعزيز بن باز والذى يعد المرجع الدينى لكل شيوخ الوهابية فى مصر، فكان له رأى فى فتوى «طنطاوى» فى الحكم الشرعى فى المعاملات الربوية فى البنوك، حيث قال إن القول بحل ما تتعامل به البنوك من أنواع الربا، فيه تحليل لما حرمه الله تعالى؛ مستندًا على العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ومنها ما جاء فى صحيح مسلم عن جابر رضى الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه.

ويتفق مع «طنطاوى» فى رأيه الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، حيث استند فى ذلك على أن غطاء العملات لم يصبح كالسابق بالذهب والفضة، وأنه مع فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، التى تجيز تحديد قيمة الأرباح مقدماً على الأموال المستثمرة فى البنوك أصبحت الفائدة حلالا.