علاء عبد الهادى

من فينيسيا للقاهرة.. ياقلبى لا تحزن!

الجمعة، 10 أكتوبر 2008 04:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحد الوجوه القبيحة للعولمة، محاولة الإتجار بكل شئ، بما فى ذلك تاريخ الشعوب وتراثها وثقافتها. دول العالم، بما فيها دول أهل الشمال، ودول أهل الجنوب، لم تعد بمنأى عن هذا الفكر الذى يحسب كل شئ بلغة التجارة والمال، ولا شئ غير ذلك.

كلنا يعرف فينيسيا أو "البندقية"، جنة أوروبا التى تعتبر من أهم المدن الإيطالية وأكثرها جمالاً، لما تتمتع به من مبان تاريخية يعود أغلبها إلى عصر النهضة فى إيطاليا وقنواتها المائية المتعددة، ما يجعلها فريدة من نوعها على مستوى العالم.

ورغم هذا لم تسلم فينيسيا من هذه الرؤية، فقد وجدوا أنه رغم الرواج السياحى الذى تنعم به المدينة، إلا أن أغلب الزيارات تندرج تحت نوع من أنواع السياحة يسمى "سياحة اليوم الواحد"، عبارة عن مجموعات سياحية يتم عمل برنامج مكثف لها لزيارة أهم معالم المدينة "على الطاير" باستخدام الجناديل، وهذا الأمر معناه أن السائح لاينفق شيئا، فهو لايستخدم المواصلات الداخلية، ولا يأكل فى المطاعم ولا يقيم بالطبع فى فنادق المدينة، وتفتق ذهن أحد الاستشاريين عن فكرة تحويل المدينة إلى فرع كبير لشركة ديزنى العالمية، لإقامة أكبر مدينة ملاهى، وعلى أن يكون دخول المدينة برسم دخول فى حدود 40 دولاراً.

هذا الأمر الكارثى أقام الدنيا ولم يقعدها هناك، وأنا لا أعتقد أن مثل هذه الجريمة يمكن أن تمر هناك، وستجد هذه الفكرة من يعارضها وبشدة . ولكن الأمر فى مصر مختلف تماما.. كيف؟

مصر دولة ذات حضارة، وتتميز دون بقية شعوب الدنيا بقدم حضارتها وتنوعها وثرائها على المستوى المادى المحسوس، أو على المستوى المعنوى، هذا الأمر بقدر مافيه من مزايا، بقدر ما جعل مصر مطمعا لكل المتاجرين بكل شئ، بداية من تجارة العملة فى الثمانينيات، ومرورا بتجارة الآثار والهروين والسمنة والعقارات والأراضى، ولا مانع من الإتجار فى التراث والثقافة والتاريخ، لذلك حاول أحدهم تنفيذ مشروع " تليفريك" للتنقل بين البرين الغربى والشرقى بالأقصر دون مراعاة لقدسية وأهمية أهم موقع أثرى فى العالم، وهو وادى الملوك والملكات.

أضع يدى على قلبى وأشارك الكاتب الكبير جمال الغيطانى مخاوفه بشأن النية التى تتجه إلى استثمار شارع المعز لدين الله استثمارا تجاريا بعد انتهاء المشروع العظيم لترميم 33 أثرا إسلاميا فريدا، يتضمنها هذا الشارع العبقرى.

المخاوف تتركز فيما تم تسريبه من أخبار تتعلق بنية وزارة الثقافة تحويل بعض البيوت الأثرية فى الشارع إلى مطاعم خمسة نجوم، لتعظيم الاستفادة من الشارع الذى سيتحول خلال أيام إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم للآثار الإسلامية.

وأنا أتمنى من فاروق حسنى وزير الثقافة، وهو على أعتاب اليونيسكو، أن يعلن تبرؤه من هذه النية، ولا يقدم نفسه كمرشح للمنظمة الأمينة على تراث العالم، وهو فى نفس الوقت يهدر تراث بلده!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة