أكرم القصاص - علا الشافعي

كعكة بـ12 مليار جنيه.. تتنافس على التهامها 3 أطراف خليجية :

"أرض ماسبيرو".. مثلث غواية فى قلب القاهرة

الأربعاء، 07 مايو 2008 03:31 م
"أرض ماسبيرو".. مثلث غواية فى قلب القاهرة تصوير: أحمد إسماعيل.
تحقيق: شوقى عبد القادر - سيد محفوظ - السيد خضرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين شارع الجلاء وكورنيش النيل و26 يوليو تقع منطقة "شركس" التابعة لحى بولاق أبو العلا التى تدخل ضمن خطة حكومية غير معلنة لتطوير المناطق على امتداد كورنيش النيل من حلوان إلى شبرا، ورغم النفى المتكرر بعدم وجود المشروع إلا أن اللواء محمود ياسين نائب المنطقة الغربية بمحافظة القاهرة، أكد أن منطقة ماسبيرو دخلت فعلياً ضمن مشروع شركة ماسبيرو الاستثمارية التى تسعى إلى تطوير المنطقة بعد صرف التعويضات اللازمة للأهالى عن طريق التراضى.

مشروع شركة ماسبيرو المزعوم يهدف إلى تحويل المنطقة إلى منطقة سياحية ويستهدف أيضاً إسكاناً متميزاً، وأنشطة سياحية وترفيهية، ومبانى إدارية، وصالات عرض ومتاحف ومناطق خضراء ومسارات مشاه وجراجات وأماكن انتظار سيارات، وذلك حسبما أكدت الرسوم التوضيحية. اليوم السابع استطاعت الحصول على نسخة من المشروع والتى تفيد بأن المنطقة البالغ إجمالى مساحتها 72 فداناً منها 49 فداناً تقع ضمن المناطق المتدنية عمرانياً وتتمركز بحى بولاق أبو العلا على شكل مثلث ومحصورة بين شارع الجلاء وكورنيش النيل و26 يوليو ويحد المنطقة شرقاً شارع يوليو و غرباً شارع كورنيش النيل وهما يمثلان ضلعى المثلث وجنوباً شارع الجلاء. دراسات عديدة أجريت على هذه المنطقة من عدة جهات ووزارات منها التضامن الاجتماعى ووزارة السياحة وهيئة التخطيط العمرانى ومحافظة القاهرة التى قامت إدارة التخطيط العمرانى بها بإعداد مخطط لتطوير منطقة ماسبيرو تم اعتماده للتنفيذ عام 2000 وتم إيقاف العمل به بقرار من الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة بعد أن تركت مهمة التطوير لشركة ماسبيرو للتنمية العمرانية وذلك بناء على بروتوكول التعاون بين وزارة الاستثمار ومحافظة القاهرة الذى يتيح لشركة ماسبيرو تطوير المنطقة دون غيرها من الشركات.

الشكوك والغموض يحوم حول اختيار هذه الشركة بالتحديد لتطوير المنطقة خاصة أن من يرأس مجلس إدارتها د. شريف حافظ عضو لجنة الإسكان وأحد رجال محمود محيى الدين وزير الاستثمار الذين اختارهم لرئاسة هذه الشركة عقب تأسيسها عام 2006، وقد بدأت هذه الشركة برأس مال "150 مليون جنيه" وتوقع حافظ أن يصل رأس المال إلى "12 مليار جنيه" بنهاية مشروع التطوير. الطريف أن تأسيس هذه الشركة فى البداية كان بين محافظة القاهرة ووزارة الاستثمار على الرغم من أن محافظة القاهرة جهة ووزارة الاستثمار جهة أخرى. شركة نماء هى الأخرى تدخل كطرف أصيل فى الصراع حيث تمتلك مساحة من الأراضى والعقارات فى المنطقة، وترفض البيع أو التفريط فيها لشركة ماسبيرو المخولة بعملية التطوير، وعندما طرحت ماسبيرو عرضاً على نماء لشراء ما تمتلكه فى المنطقة رفضت نماء البيع بالسعر المحدد للمتر وهو 3 آلاف جنيه، وأصرت على بيع المساحة المملوكة لها ب 50 مليون جنيه، أو أن تكون شريكاً فى المشروع.

أما أكثر الأمور غموضاً على أرض ماسبيرو فهو موقف الشركة العربية للاستثمار التى تمنح للسكان إيصالات استلام نقدية ممهورة بختمها وهذه الشركة مملوكة لرجل أعمال خليجى يدعى سعد المطوع الذى يمتلك العديد من المشروعات العقارية فى العين السخنة، بالإضافة إلى توكيل سيارات "فولفو" فى مصر. صراع الشركات الاستثمارية العقارية على منطقة ماسبيرو أخرج أهالى المنطقة البالغ عددهم قرابة الـ 150 ألف نسمة من الحسابات اللهم إلا تعهد شفوى بالتعويض إما بتوفير شقق بديلة أو بتعويض مادى قد يتناسب مع قيمة الأرض أو العقار. وزارة الإسكان بدورها اكتفت بأن لديها بدائل للأهالى المضارين من خلال مشروع "ابنى بيتك" فى أكتوبر والقاهرة الجديدة وحلوان وغيرها من المناطق التى يوجد على أرضها هذا المشروع، وهو ما يفتح تساؤلاً حول توطين هؤلاء فى المحافظات الجديدة التى تم إنشاؤها مؤخراً؟! أهالى منطقة شركس "ماسبيرو" انقسموا حول إمكانية تركهم للمنطقة كما أنهم انقسموا أيضا حول الشركة التى تمتلك الأرض، لكنهم اتفقوا جميعاً على أن محافظة القاهرة ليس لها أى شبر أرض فى المنطقة، إنما هم يتبعون إحدى الشركات العربية "كويتية الجنسية" وذلك بموجب إيصالات السداد التى يقومون بدفع مبالغ نقدية بموجبها للشركة شهرياً وهى فى نفس الوقت مبالغ زهيدة جداً لا تتجاوز 15 جنيهاً سنوياً.

اليوم السابع فى جولتها الميدانية بمنطقة شركس "ماسبيرو" تحدثت إلى العديد من الأهالى الذين أكدوا أن قراراً صدر من محافظة القاهرة يمنعهم من ترميم أو بناء أية مساكن جديدة بديلاً عن المساكن التى تهدم أو تكاد تهدم على رؤوسهم رغم أنها لا تملك شيئاً فيها. "لينا رب اسمه الكريم" قالها عم إبراهيم السيد الذى يسكن وأولاده الأربعة فى غرفة منذ 37 عاماً لا يعرف مكانا غير حارة "شركس" ولا يدرى إلى أين يذهب إذا طردوه من غرفته، مصدر دخله الوحيد بيع النعناع والليمون الذى يرى أنه من الممكن أن يبيعهما فى أى مكان "بس نلاقى حته نقعد فيها". عم عثمان عبد الله هو كبير منطقة الشراكسة هكذا أشار الأهالى إليه عمره 55 عاما قضاها كلها فى المنطقة قال "المنطقة التى نسكنها تعتبر حكراً ومقسمة بين مستثمرين أحدهما كويتى وآخر سعودى ولكن لن يستطيع أحد إخراج الأهالى منها إلا بعد إسقاط البيوت، "مشيراً إلى أن ارتباط الناس بالمكان هو نوع من الانتماء، وأن الدولة قد توفر السكن البديل لكنها لن تستطيع توفير المستشفيات والمدارس المجاورة". "الفقير هنا ممكن يعيش بـ3 جنيه فى اليوم" انطلقت من خالد شوقى لتعبر عن بساطة الحياة فى منطقة شركس وأبو العلا، مشيراً إلى تفضيله لهما عن العيش بمدينة نصر قائلاً: "إحنا هنا لينا تاريخ، ده حتى الصرف الصحى الإنجليز همه اللى عملوه، كفاية أنى بسيب عيالى وأنا مطمن عليهم لأنهم فى وسط ولاد البلد، وأضاف أن الحكومة لو أرادت طردنا من المكان لفعلت لكنها تستخدمنا كشوكة فى حلق المستثمرين لرفع سعر الأرض. محمود أحمد 57 عاماً يسكن فى 36 حارة أبو طالب يشير بيديه إلى البيوت المتهالكة "البيوت التعبانة اللى اتحملت الزلزال فى الوقت اللى وقعت فيه بيوت مصر الجديدة، إحنا غلابة علشان كده ربنا بيقف معانا ولا يمكن نسيب حتتنا أبداً".

أمام كشك صغير يمتلئ ببعض الكاسات وبابور وبراد شاى وقف فاروق محمد 61 عاماً مفتخرا بانتمائه لبولاق أبو العلا، مشيراً إلى أنقاض منزل بجواره "الحكومة هدت بيتى واديتنى شقة فى النهضة، بعتها لأنها بعيدة ومواصلاتها غالية". فتحى أبو المجد مساعد 65 عاماً من مواليد شارع شركس الوسطانى أبدى استعداداً لبيع منزله بـ 100 ألف جنيه فى بداية حديثه ثم أصبحت 50 ألفاً قبل أن نتركه. عم محمد حسن 61 عاماً كهربائى استولت الدولة على 50 متراً كان يملكها لتقيم عليها مبنى ماسبيرو ومازال يبحث عن حقه أمام ساحات القضاء "أنا وراهم ومش حتنازل عن أرضى" قالها وهو لا يزال منهمكا فى إصلاح مروحة جاره التى تتكلف 25 جنيهاً سيأخذها بالتقسيط مضيفاً "الناس هنا غلابة والواحد ما بقاش عارف يعمل إيه"، مضيفا "الأرض ملك من يسكنها وعاش عليها أكثر من 40 سنة وليس للمستثمرين". "من 30 سنة واحنا بنسمع عن الهدم" قالها عم إبراهيم سليم الذى حول بيته القديم والمتهالك إلى ورشة نجارة صغيرة بعد أن قام اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإجباره على إخلاء ورشته القديمة بعد أن تم تعويضه بـ500 جنيه عن المتر رغم أنها أعلى من ذلك بمئات الأضعاف ولكن "ما باليد حيلة". 52 عاماً قضاها عم إبراهيم فى منطقة بولاق أبو العلا ورغم أن مبانيها قديمة ومتهالكة ويمكن أن تتهدم فوق رؤوس سكانها ولا يعرف العيش فى منطقة أخرى. عم إبراهيم سليم يؤكد أن معظم الأهالى الذين خرجوا من نطاق الشارع الموازى لاتحاد الإذاعة والتليفزيون قبل سبع سنوات لم يستفيدوا بشىء سوى التشريد فلم تعطهم المحافظة تعويضات مناسبة كما قالت إنما أعطتهم ملاليم لا تذكر"..

ويقول "2 فقط اللى استفادوا من إخلاء مساكنهم فى تلك الفترة واحد مستشار لا أذكر اسمه والثانى محامى يدعى أبو عميرة فقد أصرا على عدم الإخلاء قبل أن يأخذا تعويضات مناسبة". حكايات الأهالى عن وجود شركات عربية تمتلك الأرض لم تنته فالبعض يعرف أنها كويتية وآخرون يقولون إنها إماراتية ومنهم من يرى أنها سعودية، أحد المواطنين قدم لنا إيصال سداد لما أسموه "الحكر" باسم الشركة الاستثمارية العربية للعقارات قيمته الإيجارية لهذه العقارات لا تتعدى قيمتها 15 جنيهاً فى العام وهو ما أكده عصام غانم أحد أهالى المنطقة الذى قال فى حزن شديد "سمعنا أن المنطقة هتتباع من زمان منذ 20 سنة"، مضيفاً أن المنطقة "هتتباع هتتباع" ولا حيلة لنا فى ذلك، وعندما سألته عن نبرة الاستسلام التى يوجد عليها قال "الحكومة عايزة كده". وأمام مقهى صغير كان عم على الذى يبلغ من العمر 65 عاماً يجلس لمتابعة مشروعه الصغير الذى يعمل فيه أحد أبنائه وهو ذات المقهى الذى يجلس أمامه، فأجاب على سؤالى حول بيع المنطقة وقهوته قائلاً: "المنطقة حكر تتبع شركة إماراتية أو كويتية والله ما عرف إذا كانت تبع مين فيهم المهم أنها مش مصرية وخلاص" ويبدأ حديثه من القهوة التى كان يمتلكها فى منطقة "الشيخ على" خلف وزارة الإعلام وتمت إزالتها منذ 5 سنوات حيث باع عم على قهوته إجباريا مقابل 16 ألف جنيه فقط، أى مقابل 1000 جنيه للمتر فى أول 10 أمتار، و500 جنيه فى باقى القهوة.

أحمد أبو كامل من أهالى المنطقة يروى حكاية، فيقول "إن المنطقة كانت تتبع واحد تركى اسمه الباشا شركس، وقبل وفاته باع المنطقة للخدم وقاموا ببنائها وجاءت شركة عربية واستولت على المنطقة أيام السادات، واشترى بثمنها عزبة فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقامت الشركة التى اشترت أو انتزعت الأرض والمبانى بتوزيعها على المقيمين فيها وبدأت تأجيرها للناس وكان ذلك فى الثمانينيات من القرن الماضى مقابل قيمة إيجارية قليلة جداً". الحاجة عايدة تعيش فى المنطقة منذ 20 عاما، وكانت تظن أننا جئنا لتقديم مساعدة مالية لها لأن زوجها متوفى وترك لها ثلاثة أولاد جميعهم فى المدارس، قالت إنها على استعداد لترك المنطقة إذا ما قامت الحكومة بتعويضها تعويضاً مناسباً تشترى به شقة لها ولأولادها الثلاثة، لأن البيوت فى المنطقة بتقع على دماغ اللى ساكنين فيها وهم ممنوعون من الترميم أو البناء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة