هانى صلاح الدين

الخاسر والرابح فى ملحمة غزة

الإثنين، 26 يناير 2009 02:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وضعت الحرب أوزارها، وانتهت مجزرة حفرها اليهود بحروف من نار ودم وأشلاء جثث فى عقولنا وضمائرنا جميعاً، وخرجت غزة منها أبية صامدة رافعة الجبين، بالرغم من جسدها المفعم بالجروح والدماء وأراضيها المدمرة، لكن ما زاد دهشتى هذا الصمود والتمسك بالمبادئ الذى أظهره أبناء هذه المدينة بعد انتهاء هذه الجريمة البشعة، فما وجدنا أحدهم ينتقد المقاومة ومواقفها، وما وجدنا أحداً يتحسر على وقفتهم فى وجه اليهود. ولكن على العكس وجدناهم متمسكين بمشروعهم المقاوم، فاخرين بشهدائهم ومتحدين لجراحهم بل متمسكين بالحياة ومواصلة عاجلتها، ولعلنا رأينا مدى حرص هؤلاء المناضلين على فتح مدارسهم حتى ولو استبدلوها بخيام، كما دبت الحياة من جديد فى مؤسساتهم الحكومية الخدمية، إنها الرغبة فى الحياة الكريمة المغلفة بالعزة لا الذل، إنها ملحمة شعب تعجز العبارات عن وصفه، لكن يبقى علينا أن نعلم من الخاسر والرابح فى هذه الملحمة.

ولنبدأ بالرابحين، ويأتى على رأسهم المقاومة الشريفة التى ضربت مثلاً فى الصمود والتضحية، فقد أصبحت محل ثقة الجميع، وأعطت للمفاوضين أرضية لم يكونوا يحلمون بها، بل أثبتت لنا أن المقاومة هى الحل، وأن العدو الصهيونى لا يردعه إلا المقاومون لا المستسلمون العاشقون لأوسلو وخريطة الطريقة، وغيرها من اتفاقيات الذل والهوان، ولعل خير دليل على ازدياد ثقة الشارع العربى فى المقاومة عامة وحماس خاصة، استطلاعات الرأى التى تجريها بعض المواقع الكبرى على الإنترنت مثل موقع العربية نت والجزيرة نت واليوم السابع و(بى.بى.سى) وغيرها، والتى أكدت نتائجها انحياز المعظم للمشروع المقاوم وأيضاً الثقة فى حماس، وأنها أفضل من يشرف على إعمار غزة، ويتصرف فى أموال المنح المخصصة لهذا الإعمار.

ويأتى على قائمة الرابحين أيضا الأتراك الذين عادوا للساحة العربية والإسلامية بقوة، ولعبوا دوراً بارزاً فى هذه المعركة الشرسة جعل أرصدتهم ترتفع فى الشارع العربى والإسلامى، وأصبح من الصعب إخراجهم من مسرح الأحداث.

كما كانت الشعوب والقوى السياسية المعارضة فى العالم العربى، ضمن قائمة الرابحين فقد أثبتوا أننا شعوب حية، ولم يفلح القهر والديكتاتوريات فى تصفيتهم سياسياً وـن لديهم الجاهزية الكاملة لرد أى عدوان لو أتيحت لهم الفرصة، ولعل القوائم التى امتلأت بأسماء ملايين الشباب الذين طالبوا بفتح باب الجهاد، وتطوعوا لهذه المهمة خير دليل على ذلك.

كما نجد أن النظام الفنزويلى ورئيسه كان داخل قائمة الرابحين المناضلين من أجل مقاومة النظام العالمى الجديد الذى استهدف إخراس المخالفين له، والإطاحة بشرفاء العالم، وقد تربع شافيز فى قلوب الشرفاء بعد موقفه الحازم تجاه الصهاينة وطردة للسفير الإسرائيلى من بلاده، ويكفى أن المتظاهرين حملوا صوره جنباً إلى جنب صور أسود المقاومة الفلسطينية.

أما الخاسرون فهم كُثر، ويأتى على ر أسهم العدو الصهيونى الذى فشل بالرغم من ترسانة آلياته العسكرية فى تحقيق أى من أهدافه التى أعلنها قبل الحرب، وخير دليل على ذلك ما تنشره الصحف العبرية من تحليلات تؤكد إخفاق هذا الجيش فى مهمته، وأنه ذاق الأمرين من المقاومة الباسلة، وعلينا أن نؤكد أن الشىء الوحيد الذى نجح فيه هو سفك المزيد من دماء الأبرياء من المدنيين، كما أن معاركة المستمرة مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية أكدت أكذوبة الجيش الذى لا يقهر.

كما لابد كمصريين أن نعترف أن النظام المصرى كان أبرز الخاسرين فى هذه المعركة، ووضعه العدو الإسرائيلى عن عمد معه فى خانة واحدة، وقد وجدت السياسة المصرية لحل الأزمة رفضاً كبيراً، سواء من الداخل أو الخارج، خاصة من جانب الفصائل الفلسطينية، ولا يستطيع أحد أن ينكر دور مصر التاريخى فى القضية الفلسطينية، فقائمة التضحيات المصرية لحساب القضية الفلسطينية سجلها التاريخ بحروف من نور، لكن علينا أن نعترف أن هذا الدور أصيب بكبوة فى مجزرة غزة، بسبب تصرفات النظام العبثية، لكن أثبت الشعب كعادته أنه منحاز بكل قوة نحو نصرة هذه القضية، ولعل مظاهرات الغضب التى اندلعت بكل أرجاء مصر خير دليل على ذلك.

كما خسرت السلطة الفلسطينية وقيادات فتح الكثير فى هذه المعركة، فمواقف عباس فى الأزمة كانت مخزية، وكفى أنه حتى الآن يرفض أن يرفع قضية أمام المحاكم الدولية لمحاسبة جنرالات الموت والدمار بجيش العدو، وقد أكدت كثير من استطلاعات الرأى تراجع أسهمهم، سواء داخل الأراضى المحتلة أو فى العالمين العربى والإسلامى، بل وصل الأمر إلى أن كثيراً من شباب فتح بالضفة قاموا بالانضمام لحماس.

المنظمات العالمية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، كانت على رأس هذه القائمة الخاسرة حيث أثبتت هشاشتها أمام آلة الحرب الإسرائيلية، وأن قراراتها لم تزد عن ديكور، وأن أجهزتها وقفت عاجزة أمام المواقف الأمريكية، وأن مثل هذه المنظمات لا تدافع إلا عن حقوق أبناء الغرب فقط، أما أمثالنا فليس لهم هذه الحقوق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة