على درويش

قاعدة ذهبية

الخميس، 15 أكتوبر 2009 10:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثناء وجوده فى الطائف وفى قمة الاضطهاد إليه من أهل الوثنية السوداء فى بداية الدعوة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مناجيا ربه عز وجل «إن لم يكن بك غضب على فلا أبالى». هذه هى القاعدة الذهبية النورانية التى وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون نبراسا للمؤمن فى حياته الإيمانية.

إن هذه القاعدة القلبية- العقلية تشير إلى الاختيار الحتمى للإنسان وهو رضى الله عن أفعاله، حتى إن وقفت الدنيا كلها فى الجانب المعاكس. إنه نفس الاختيار الأول الذى اتخذه المهاجرون الأوائل عندما تركوا موطنهم الذى ولدوا فيه وساروا مع رسول الله إلى المدينة المنورة ليبدأوا حياة جديدة كلها حب ومؤاخاة وحتى يمارسوا دينهم الذى ارتضاه الله لهم.

إن هذا الدعاء النورانى السامى يمثل جوهر الإسلام، لأن العبد الذى رضى أن يسلم وجهه لله ويقبل الإسلام دينا، فإنه لن يسعى إلا لإرضاء الله عز وجل. إن هذا الدعاء المقدس الشريف هو القوة الوجدانية الدافعة للمؤمن لكى يتقبل كل الصعاب ويرفض كل الإغراءات المادية والمعنوية التى قد تبعده ولو أقل القليل عن الله وعن رسوله الخاتم العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

ويروى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه قال «إذا تقرب إلى العبد شبرا تقربت منه باعا وإذا أتانى ماشيا أتيته هرولة» وهذا من رحمة الله وحبه للبشر، خاصة الذين لا يترددون فى التقرب إلى الله طاعة وحبا. إن هذا الحديث القدسى يجب أن يجعل الإنسان يشدو بعظمة الله ورحمته ويزداد حبا فى رب الوجود الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار. إن هذا الإله العظيم يتقرب وهو فى عليائه إلى مخلوقاته إذا تقربوا إليه، وهو دائما عند حسن ظن عبده به لا يخزيه ولا يحرمه من رضاه ورحمته، حتى إن كان من العصاة وتاب إليه. لقد خلق الله الوجود بكل ما فيه من النعم لمخلوقاته ووعدهم بالمزيد إذا اتبعوا الطريق المستقيم الذى ارتضاه لهم.

الفراشة تحن الى النور حتى إن احترقت، والمؤمن يحن ويسعى إلى ربه حتى إن كانت المشاق فى حجم الجبال وفى عمق المحيطات. المؤمن لا يطيق أن يبعد عن الله وجدانيا وفكريا وسلوكيا، ففى البعد بأى صورة من صورة هو عين العذاب, والذين اقتربوا ولو لبرهة من هذه الحالة يحنون إليها وقلوبهم تذرف الدمع واللسان يناجى ربه، ويرجو أن يسقى مرة أخرى رشفة من القرب. ويقول المتصوفة فى وصف هذه الحالة من القرب للذين لا يصدقون جمال القرب «من ذاق عرف».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة