هانى صلاح الدين

فى ذكرى مولده .. أمة تتخبط وعدو يتجبر

الإثنين، 09 مارس 2009 10:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يختلف اثنان من عقلاء البشرية على أن مولد وبعثة الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، ميلاد حقيقى لأمة العرب، ونبراس هدى العالم بعد تخبط طويل لطريق ومنهج قويم، فقد جاء النبى الكريم بمنهاج شمل كل جوانب الحياة، وحمل بين طياته عدالة اجتماعية تساوى فيها الرجل والمرأة والغنى والفقير، ونظماً اقتصادية مطهرة من الربا، وسياسة تقوم على القيم المنزهة عن الألاعيب السياسية القذرة، وقيم عسكرية تحمى المدنيين وتنقذهم من جرائم الحرب الوحشية، ونهضة أخلاقية تترفع بالبشرية عن الانزلاق لأنفاق الشيطان المظلمة.

بل جاء محمد صلى الله عليه وسلم بالحرية الكاملة، التى لا تسمح بالاعتداء على حرية الآخرين، وأطلق حرية الاعتقاد للمخالفين لدينه، رافعاً شعار "لكم دينكم ولى دين" و"ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وعاش أهل الكتاب من المسيحيين واليهود فى كنف شرعته بكل أمان، وقام المجتمع المسلم على التكامل والتعايش السلمى الذى لم يشبه العنصرية أو التطرف، إنه رحمة للعالمين، أمر أتباعه بحسن التعامل مع الآخر، وقال "من آذى ذمياً فقد آذانى".

لكن بعد مرور أكثر من 14 قرناً، عادت أمتنا من جديد للتخبط والتيه فى شتى مجالات الحياة، فها نحن نعيش فى ظل سياسة عالمية تقوم على العنصرية والكيل بمكيالين، كما تتعرض أمتنا لجرائم حرب عسكرية تشيب منها الولدان، كما حدث فى الحرب الإسرائيلية القذرة على غزة مؤخراً.

بل أصبحت أمتنا تغرق فى أزمات مالية تهلك البسطاء، ذلك بالرغم من الثروات الطبيعية التى حبانا الله بها، بل وصل الأمر بنا إلى أننا ننتظر المعونات من البيت الأبيض تارة ومن الكتلة الحمراء تارة أخرى، وندفع فى النهاية فواتير الأزمة المالية العالمية التى اقترفها الغرب بتعاملاته الربوية، وذلك بالرغم من الاعتراف العالمى بأن حل الأزمة المالية العالمية تكمن فى الاقتصاد الإسلامى، ولعل خير دليل على ذلك ما أعلنه الفاتيكان نفسه أنه لابد من الأخذ بطرق الاقتصاد الإسلامى من أجل الخروج من الأزمة المالية العالمية.

تراجع الأمة وصل لدرجة أن الكل استخف بها وأصبحنا غثاء كغثاء السيل، كما وصفنا الرسول الكريم حال ابتعادنا عن منهاجه، فها هو الغرب يعتدى على رسولنا بالسب القذف، وهاهم يطلبون حكامنا كمجرمين أمام محاكم دولية تحكمها العنصرية والانتقائية، بل هاهم يحتلون أراضينا كما فى العراق وأفغانستان وفلسطين وكشمير.

بل وصل بنا الأمر إلى انهيار أخلاقى يخالف ما جاء به من حرر البشرية من الشهوات المحرمة، فهاهم شبابنا يتسكعون فى الطرقات، وها هى فتياتنا تلهث خلف نساء الغرب لتأسى بهن فى ملابسهن وسلوكهن، والمحصلة لهذا الانهيار الأخلاقى للأسف أكثر من مليون حالة زواج عرفى بين الشباب والفتيات فى الجامعات والمدارس المصرية فقط، ناهيك عن باقى الدول العربية والإسلامية، وآلاف من حالات الاغتصاب والتحرش الجنسى تسجلها محاضر الشرطة والمحاكم، وانتشار للأمراض الجنسية الفتاكة كالإيدز وغيرها.

إنه التيه الذى لا مخرج منه إلا بما قاله صاحب الذكرى العطرة محمد صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا، كتاب الله وسنتى" فلن يصلح حال هذه الأمة إلا بما أصلح حالها فى أول عهدها، ولا نجاة لنا إلا بتطبيق إسلامنا بشموله حتى يصبح عقيدة ودعوة، وديناً ودولة، واقتصاداً وسياسة، ونظاماً اجتماعياً يعود بالبشرية للخيرية التى غرسها الله فى عباده.

لقد أصبح العالم كله يئن من المادية المفرطة التى أهدرت كل معانى السعادة، فى الوقت الذى يعانى فيه من فراغ روحى وإيمانى، لذا وجب على المسلمين أن يحيوا ذكرى نبيهم بإنقاذ أمتنا وإحياء منهجه، من خلال العودة للنبع الصافى، كما علينا أن نتحمل مسئوليتنا تجاه البشرية، وإلا سنستمر فى السقوط وننزلق لمزيد من الانهيار ويشقى العالم بشقائنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة