على درويش

التضحية باللسان فقط لا تقود إلى جنة الرحمن

الخميس، 16 أبريل 2009 09:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يلوح فى الذهن مع بداية الاحتفالات بمولد الإمام الحسين بن الإمام على رضى الله عنهما سؤال حول الطرق الصوفية، وخاصة مشايخ الطرق وهل هؤلاء المشايخ تنطبق عليهم نفس مقاييس السلف الصالح من مشايخ الطرق الصوفية ورموزها مثل السيد البدوى وسيدى إبراهيم الدسوقى وسيدى عبدالوهاب الشعرانى والجنيد والنبهانى وسيدى الدباغ والتيجانى والثورى وحاتم الطائى وغيرهم الكثبر والكثير..... وتأتى الإجابة على استحياء أن أمثال هؤلاء الرموز النقية التقية من الصعب أن تتكرر فهم كالشموس التى أضاءت فأدت دورها بقدرة ربها سبحانه وتعالى، ثم اختفت ولكن يظل نورها فى الأرواح والقلوب يتوارثه جيل بعد جيل من أهل السعادة والنور والحب والإخلاص.

قال بعض العباد الأتقياء الأنقياء لسيدى إبراهيم بن الجنيد: «أحيوا قلوبكم بذكر الله وأميتوها بالخشية ونوروها بحب الله وفرحوها بالشوق إليه واعلموا أنكم بالمحبة ترتفعون وبالمغفرة ترهبون وبالشوق ترغبون وبحسن النية تقهرون الهوى وبترك الشهوات تصفو أعمالكم حتى يورثكم ملكوت السموات فى عليين فمن أراد منكم الراحة فليعمل فى منازل أهل المحبة وإن من أخلاق أهل محبة الله كثرة الذكر فى ساعات الليل والنهار بالقلب واللسان فإن أمسك اللسان فالقلب فإن القلب أبلغ وأنفع».

هذه بعض الإشارات الحكيمة من واحد من أهل الطريق. لكن من أعظم النصائح التى يقولها المشايخ لتلاميذهم هو أن الجانب النظرى فى العبادة لا يجب أن يظل نظريا بل يجب أن يترجم لفعل يؤثر فى القائل وفى المستقبل وفى المحيط الذى يعيشون فيه. إن الهلاك هو فى «القول دون الفعل» لأن النصيحة باللسان فقط البعيدة عن صدق القلب والحركة لا تقود إلى جنة الرحمن، بل تؤدى إلى النيران وتخلق إنسانا منافقا يضر الوطن والأمة وذلك لأن نصائح مثل هذا الكائن هى نصائح كاذبة تضل وتضر ولا تنفع، كما يقدم هذا الكائن مثلا مضللا للصغار وينشر اليأس فى نفوس الذين يتمنون صلاح المجتمع عن طريق العمل الفردى الأخلاقى الممزوج بنورانية الدين.

لابد من مراجعة الحركة الصوفية لنفسها عن طريق مشايخ يخلقون عبادا لله خداما للوطن ومواطنين يقدمون يد المساعدة لإخوانهم من الفقراء والأغنياء تطبيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «خيركم أنفعكم للناس» لكل الناس. فى حقيقة الأمر المتصوف يكون فى حالة عشق مستمر لله ولرسوله دون مغالاة ظاهرية استعراضية، فكل انفعالاته هى فى قلبه الذى يتأجج بالحب والجوى والوله لله ولرسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حامل أنوار الرسالة فى قلبه وفى أقواله وفى أفعاله.

لقد قال سيدى محمد بن سهل بن عبدالله رضى الله عنه وهو من كبار المتصوفة: «أصولنا ستة أشياء، الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكل الحلال وكف الأذى واجتناب الآثام والتوبة وأداء الحقوق». فلنتخيل أن الـ15 مليون عضو فى الطرق الصوفية قد أصبحوا بعد تطبيق التعاليم النورانية المحمدية بإخلاص تحت إشراف مشايخ لا يسعون إلى المناصب الدنيوية ذات العائد المادى بؤرا من النور يتحركون بالحب والسماحة وبالتفانى فى إتقان العمل وفى مساعدة الآخرين (أى الناس كما جاء فى الحديث النبوى) قولا وفعلا وعطاء لتخليص المجتمع من أغلب مشاكله عندئذ تتشابك الأيدى بالحب وبالإخاء وبالتعاون.

ويجب الإشارة إلى أن العطاء لا يكون فقط مالا كما يظن الماديون، ولكن قد يكون علما أو وجبة أو زيارة لمريض أو السؤال عن اليتامى أو حتى إماطة الأذى عن الطريق أو قد يكون حل مشكلة عاطل فيجد له عملا يقوم به أو بناء مصنع أو فتح ورشة أو بناء منزل أو عدم المغالاة فى سعر سلعته. العبد الصالح النورانى فى عالم المتصوفة القدامى لم يستعن بشىء من نعم الله على ارتكاب معصية لله أو سعى لشهرة من أجل المال والمديح.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة