هانى صلاح الدين

مصر اللى ما نعرفهاش ظهرت الساعة 12 بالليل

الجمعة، 01 يناير 2010 11:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الطبيعى عندما نمر بشوارع بلدنا المحروسة، أن نجد موظفا يحاول اللحاق بالأتوبيس من أجل التوفير باستخدام الاشتراك، وبالطبع لكى يتحقق له الركوب بأتوبيسات هيئة النقل العام عليه أن يقف طويلا فى انتظارها.. ومن الطبيعى أيضا أن أجد المئات من المصريين واقفين فى طوابير "العيش"، لعلا أحلامهم فى الحصول على بضع أرغفة تتحقق، حتى لو كلفهم ذلك "غزة مطواه" أو تعرضهم للسرقة من قبل حرامية الفقراء.

بل من الطبيعى أن أجد العشرات من أبناء شعبنا يلتفون حول عربيات الفول المنتشرة بجميع المحافظات، من أجل "التفويل" بأرخص الأسعار، وسد الرمق لعلهم لا يحتاجون لوجبات أخرى، رافعين شعار "ليس بعد الفول كلام ولا طعام"، وتعودنا جميعا أن نرى تصارعنا على أى سلعة مدعمة تصل لمنافذ الجمعيات التعاونية أو الاستهلاكية من أجل الفوز بسلعة تنجينا من نار أسعار السوق السوداء.

كما تعودنا أن نرى مشاهد التصارع على إسطوانات البوتاجاز المدعمة، خاصة بعد أن وصل سعرها لـ20 جنيها بالسوق السوداء، بل أدمنا رؤية الاشتباكات الزوجية مع مطلع كل شهر بسبب الميزانية اللعينة التى تحتاج خبراء من أجل حل معادلتها الصعبة التى تعجز الجميع. وتعودنا أيضا أن نرى المصريين فى احتفالاتهم يتوجهون للحدائق العامة أو الكورنيش، مصطحبين "حلل المحشى" أو الفسيخ، مع تجنب البذخ والصرف غير المحسوب الذى يطيح بميزانية الأسرة.

هذا هو شعبنا، وهذه هى أحوال مصر التى نعرفها، على مدار عقود كثيرة، لكن بالأمس ظهرت فى سماء الأحداث مصر التى لا نعرف عنها شيئا، فشوارع القاهرة امتلأت بسيارات الشبح التى يسكنها عفاريت المال والسلطة، ثم وجدنا أن المناطق السياحية والفنادق ذات الخمس النجوم والقرى السياحية بشرم الشيخ والغردقة ومارينا، احمر ليلها، وتفجرت ملايين الجنيهات بها، وأبيحت كل المحرمات، وأغرقت الموائد بأنواع من الطعام لم يسمع عنها أولاد بلدنا، ولم يستهلك ربعها، وكان نصيب الأسد منها لسلات القمامة.

بل شاهدنا عند نزولنا من عملنا مع ساعات الصباح الأولى، شبابا وفتيات شبه عاريات مخمورين يتسكعون بالطرقات، ضاربين بالقيم والأخلاق عرض الحائط. وكأننا فى بلد غير البلد، لم يعرف الفقر قط ولا وجود فيها لمعدومى أو حتى محدودى الدخل، وكأن ليس لدينا مشاكل مزمنة تغرق فقرائنا، أو لدينا ديون تهلك كاهلنا، بل كأننا لا نعانى من أزمة اقتصادية تفسد حياتنا، وتطيح بأملنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة