أكرم القصاص

أحكام الإدارية.. وملاعيب الترزية

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010 11:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيادة القانون.. الشعار الذى يحلو للحكومة أن ترفعه دائما. فهل الحكومة مستعدة لتطبيقه؟ وهل يمكن تحمل ودفع ثمن فرض احترام القانون؟ نقول هذا بمناسبة صدور حكم الإدارية العليا بإلغاء قرار إنشاء إدارة للحرس الجامعى تابعة لوزارة الداخلية داخل الجامعة. الحكم ليس موجها إلى الداخلية، بل إنه يرفع عن كاهل الداخلية مهام ليست من اختصاصها لتتفرغ لاختصاصاتها.

الحكومة أعلنت أنها تحترم أحكام القضاء، وقال الدكتور نظيف إن الحكومة سوف تنفذ الحكم، وقال إن الحكم ليس إلغاءً للحرس، وقال أيضا: سندرس الحكم بالتفصيل وطبعا سنحترمه ونطبقه، ولكن سنحقق أيضا الأمان لجامعتنا والطلبة والأساتذة مع تحقيق الاستقلالية للجامعة.

والاحترام غير التنفيذ، ولايوجد شخص يمكنه القول إنه لا يحترم القانون أو القضاء، اعتاد الناس أن لدى الحكومة «جراب» الحاوى، وخبراء يمكنهم أن يخترعوا حلولا تحترم أحكام القضاء وتنفذها على الورق. هؤلاء الخبراء هم من يطلق عليهم شعبيا «الترزية»، وهم رجال قانون محترفون يمكنهم اللعب بالبيضة والحجر، يضمنون الشكل دون المضمون، والترزى مهنة محترمة، لكن الترزى القانونى مهنة فى غير محلها.

وأقرب مثال كان حكم الإدارية العليا ببطلان عقد «مدينتى»، الحكومة «مكدبتش خبر»، استدعت الخبراء الذين اجتمعوا وفكروا، وقدموا للحكومة الحل، أن يتم إعلان إلغاء العقد المطعون ببطلانه، كما قال الحكم القضائى، ثم إعادة الأرض إلى الشركة بنفس السعر، تصورت الحكومة أنها أرضت كل الأطراف، القضاء والشركة والحاجزين.

حكم الإدارية العليا حول «مدينتى» كشف عن تناقضات قانونية، وتشريعات متضاربة، سمحت بتسرب أراضى الدولة إلى من لايستحق، ومع افتراض جدية شركة «مدينتى»، كان من الممكن التعامل بوضوح والبحث عن أصل المشكلة فى التشريعات وليس فى الحيل، وساعتها لن يعترض أحد، لكن ما جرى أن الحكومة نفذت الحكم فى الشكل وفى الموضوع التفت عليه، وهو ما يتوقع البعض أن تفعله فى حكم الحرس الجامعى، وأى حكم قضائى قادم.
لا أحد مع أن تتحول الأمور إلى فوضى أو تبقى المنشآت الجامعية بلا حراسة، والحرس هو أقل أدوات السلطة، لأن الحكومة تحزم الجامعات بعشرات الطرق، العرفية وليس القانونية. الظاهر والقانون والدستور يؤكدون أن الجامعات مستقلة، والفعل يعنى أن الأمن والحكومة يمدون أيديهم وأنوفهم فى الجامعات، وأن الولاء وليس العلم هو المحرك لاختيار عمداء الكليات ورؤساء الجامعات، والتدخل من المنبع.

وإذا تصورت الحكومة أنها بهذه الحيل، ترضى جميع الأطراف فهى واهمة، لأنه إذا كانت السلطة التنفيذية تلتف على القانون وأحكام القضاء، فلايمكن توجيه اللوم لمن يضربون بالقانون عرض الحائط، وسيادة القانون تعنى أن القانون قواعد عامة مجردة، تسرى على الوزير والخفير، لكنها تتحول بأيدى السلطة التنفيذية إلى قماش يمكن تفصيله حسب الهوى، وهنا تنهدم دولة القانون، وتضيع سيادة القانون.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة