محمد الدسوقى رشدى

الدم المصرى على سور كنيسة العمرانية

الجمعة، 26 نوفمبر 2010 02:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخيلت للحظات أننا فى تورا بورا أو فى الصومال، لم أستوعب أن شارع الهرم ومنطقة العمرانية قد تحولت إلى ثكنة عسكرية يتبادل فيها الإخوة الأقباط وعساكر الأمن المركزى الطوب برصاصات النار، أعرف أن الدولة تدير ملف بناء الكنائس بكثير من السذاجة و"الهطل" الإدارى وأعرف أيضا أن إخوتنا الأقباط يتعاملون مع هذا الأمر بالكثير من الحساسية والتعصب وأحيانا النصب.. ولكننى لم أتخيل أن يصل الأمر فى لحظة ما إلى خروج آلاف لاقتحام مبنى محافظة والهجوم على العاملين بها، هل أصبح الحل فى الفوضى والعنف؟ هل من المعقول أن تفيض دماء أبناء هذا البلد على الأرض من أجل سور كنيسة بعد أن كانت تسيل على الأرض من أجل العزة والشرف.. عزة النفس وشرف الوطن؟!
من حق الأقباط أن يغضبوا بسبب حالة التضييق الحكومية غير المبررة فى مسألة بناء الكنائس، ولكن ليس من حقهم أن يشعلوا النار فى رماد الفتنة النائمة، من حق الأقباط أن يدافعوا عن دور عبادتهم ولكن ليس من حقهم أن يحولوا دور العبادة المقدسة إلى وسيلة ابتزاز سخيفة ومكشوفة، من حق الأقباط أن يتظاهروا ويغضبوا لكنيستهم ولكن ليس من حقهم أن يتظاهروا بناءً على ترتيبات سابقة ومواعيد محددة لخدمة أهداف أطراف نحن أعلم بنواياهم تجاه مصر، ما حدث فى العمرانية قد يمر من أمامى ألف مرة دون أن أتوجه باللوم لأقباط مصر لأن تعامل الدولة مع بناء الكنائس أصبح أمرا مستفزا ويخيل للمسيحيين أن الأرض ليست أرضهم والبلد ليس بلدهم، ولكن ما حدث فى تلك المرة ارتبط بما شاهدته بعينى فى محافظة الأقصر التى قام محافظها الدكتور سمير فرج بهدم عشرات البيوت بها وعدد من المساجد من أجل إنشاء منظومة حضارية داخل المدينة الأثرية العريقة.. هدم الرجل كل شئ إلا كنيسة واحدة باقية بمفردها فى العراء بسبب تعنت الإخوة المسيحيين واعتبارهم أن الهدم هنا تحرك طائفى دون النظر إلى المصلحة العامة للبلد والتى اقتضت بهدم المساجد والبيوت، وقتها فقط شعرت أن هناك أيد خفية تلعب داخل الوسط القبطى، أطراف لا يريدون لهذا البلد سوى أن يتحول إلى كومة من التراب على شرف نار الفتنة الطائفية.
لا شئ يعلو فوق مصلحة هذا الوطن سواء كانت كنيسة أو كان مسجدا، ولا شئ سيذهب بتلك البلد نحو نيران الفتنة سوى هؤلاء الموظفين أهل الروتين والعقد الذين يرون فى وقف ترخيص بناء كنيسة انتصارا للإسلام، أو أمثالهم من الطرف الآخر الذين يرون فى إشعال معركة من أجل سور كنيسة أو الإصرار على عدم هدم كنيسة من أجل المصلحة العامة أو التصميم على إنشاء كنيسة فى منطقة ليست فى حاجة إلى المزيد انتصارا للمسيحية، أمثال هؤلاء هم أصل البلوى ولا علاج لهم إلا كما قلت من قبل وكما سيظهر لك فى السطور التالية..
لا شئ قد يصلح للخلاص من بعبع الفتنة الطائفية الذى يطل علينا كل شوية ويزرع فى قلوبنا خوفا ورعبا سوى الحرق بجاز ويفضل أن يكون "وسخ" أو غير نظيف إن كانت تلك الكلمة العامية لا تعجبك، نجمع كل الذين يثبت مشاركتهم فى إشعال الفتنة من الطرفين المسلم ولامسيحى سواء بالتحريض أو العنف ونضعهم فى حفرة كبيرة ونولع فيهم لعل تلك النار تطهر قلوبهم مما علق بها من شوائب التعصب والتخلف.
أعلم جيدا أن فكرة الحرق هذه قاسية وبشعة وغير إنسانية بالمرة ولكنهم يستحقونها، هؤلاء الذين يحرقون الوطن بتعصبهم وتطرفهم يستحقون الحرق، هؤلاء الذين تهون عليهم العشرة والتاريخ المشترك يستحقون الحرق بجاز أسود من السواد الذى يعشش فى أرواحهم، هؤلاء الذين يسفكون الدماء وينشرون الخوف والرعب ويشوهون الملامح الجميلة لتلك البلد العظيمة من أجل سور هنا أو قطعة أرض هناك أو فتاة مومس هنا أو فتاة مش مظبوطة هناك لا يستحقون سوى الحرق بالجاز أو البنزين إن لم يكن خسارة فيهم سعره.
هل يمكن أن أكون روؤفا أو إنسانيا مع هؤلاء الذين طحنوا بعضهم وأسالوا دماء بعضهم فى مطروح بسبب سور كنيسة ؟ أو سقطوا قتلى ومصابين فى أزمة العمرانية؟ هل يمكن أكون رحيما وأنا أتكلم عن ناس فضلت الحجارة والأسمنت على دماء البشر؟ هل يمكن أن أكون هين الكلمات وأنا أكتب عن وحوش يسهل عليها حصد الأرواح والتخريب والتدمير بسبب "مومس" مسيحية نامت مع مسلم أو العكس؟ هل يمكن أن أكون منطقى إذا طالبت بشئ غير الحرق لهؤلاء الذين يستغلون الدين لإشباع شهواتهم المتطرفة وأنا أثق تماما فى أنهم لايزورون الكنيسة ولا يسجدون فى الجامع؟
ليس هذا موضع الرحمة إن شئنا الخير لهذا البلد، العبرة هنا ستكون الحل الذى يخمد الفتنة للأبد، عقاب سريع وحاسم وحازم وصارم لكل من يشارك فى إيقاظ الفتنة، عقاب واحد يفرض من فرط قسوته على الجميع التفكير ألف مرة قبل أن يفكر أحدهم فى أن يرفع يده على أخيه فى الوطن بسبب سور كنيسة أو غيره، عقاب قوى لا يلين أمام حسابات التهدئة وتدخلات السياسة .. هذا هو الحل السريع لوأد تلك الفتنة، صحيح أن العقل يقول إن الفتنة لن تموت إلا إذا ساد مصر خطاب دينى جديد مستنير ومحترم ولكن لن يسود مثل هذا الخطاب ولن يجد فرصة للانتشار إلا إذا سبقه عقاب صادم يلفت الأنظار لخطورة الجريمة ووحشيتها.
اعترفوا بالأزمة يا سادة .. إعترفوا بالخطر الذى يحيط بمصر حتى تقتنعوا بضرورة قسوة العقاب، لا تفعلوا مثل الدولة أو المؤسسة الدينية الإسلامية أو المؤسسة الدينية المسيحية وتنفوا وجود الأزمة بقبلات مصورة وأحضان غير صادقة، اعترفوا أن هناك أزمة ترقد تحت رمادها فتنة طائفية غاضبة وكارهة تنتظر شرارة الاندلاع ،أزمة تسجلها ميكروفنات المساجد التى تعلو أصوات الخاطبين فيها بالدعاء على النصارى وتكفير غير المسلمين مع أن الداعى يعلم يقينا أنا بالشقة التى تعلو المسجد هناك أسرة مسيحية تسكن، أزمة تسجلها تلك العظات التى تتضمن المزيد من الغمز واللمز فى حق المسلمين كما تتضمن نفس عبارات التكفير لهم... يخرج المسلم من مسجده بعد أن صب لعناته على النصارى الكفرة ويخرج المسيحى من كنيسته بعد أن صب لعنات غضبه على المسلمين الكفرة ويلتقوا على جانب الطريق أو على باب المنزل ليتحدث بتلك الحواديت عن الوحدة الوطنية وخلافه وكأن شيئا لم يكن، وتظل البطون مغلقة على ما بها من "قئ" طائفى حتى تظهر شرارة واحدة فتنفجر البطون بما فيها من غضب وكراهية مثلما حدث فى مطروح ومن قبلها فى الكشح والإسكندرية ومثلما سيحدث قريبا فى أى بقعة من بقاع المحروسة.. اعترفوا بالأزمة وعاقبوا مشعلى الفتنة بقسوة ولا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة وإلا فسوف يأتى يوم أقرب مما تتخيلون لتأكلنا جميعا نار فتنة موقدة !









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة