محمد الدسوقى رشدى

رأى صلاح جاهين فى قيادات الحزب الوطنى !

السبت، 06 فبراير 2010 12:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لكل وطن أكاذيبه التى يعشق النوم فى أحضانها ويكيف نفسه على التعايش معها، وماإن يعتادها حتى يظهر واحد رخم ليلقى بحجر فى زجاج نافذته فيفيق ذلك الوطن من غفوته، ويكتشف أنه تعرض لنوع خسيس ومذل من أنواع الخيانة وأنه طوال الفترة الماضية يحتضن الوهم، كثير من الأوطان تفيق من غفوتها تلك مذعورة وتشهر مسدسها وتطلق منه طلقتين وتدفن الأكاذيب للأبد وتريح دماغها والبعض منها يحاول تشريح تلك الكذبة ليعرف سبب كونها كذبة وليس حقيقة، وطن واحد فقط "مصر" تتحول فضيحته لتصبح بجلاجل ومع ذلك يظل نائما فى أحضان أكاذيبه، ولا يريد أن يفيق ليكتشف أن هناك مصيبة تحتاج لحل.

واحدة من تلك الأكاذيب التى نام الوطن فى أحضانها طويلا وحاول أن يتعايش مع فضائحها ويظهرها أنها واحدة من أهم التجارب فى إعداد قيادات شابة سياسية اسمها منظمة الشباب الاشتراكى.. أفاق النظام المصرى الذى أنشأها فى الستينات على كابوس بسببها عندما أدرك مدى خطورة صنيعته التى صنعها لتحميه فوجدها تطالب بتغيير فى صفوفه ومحاسبة المسئولين على هزيمة يونيو 67 ولم يستطع نظام عبد الناصر وقتها السيطرة على منظمة الشباب الاشتراكى، ولم تتعلم الأنظمة المتوالية "السادات ومبارك" من تجربة عبد الناصر أى شئ، فمنظمة الشباب التى قدمها بالتفصيل الأستاذ القدير عبد الغفار شكر فى دراسة رائعة ذكرت أرقام وتواريخ وشهادات، ونسيت تماما أشياء إنسانية وسياسية كان لابد من إخراجها من بين السطور حتى يتضح قبحها الإنسانى الذى كشفته أحداث مابعد النكسة.

فى بداية الستينات كان نظام عبد الناصر يواجه الكثير من المخاطر الداخلية والخارجية فهو أمام قوة ترفض سيادة الثورة ويخشى فى نفس الوقت نفوذ الجيش ويواجه ضغوط من دول خارجية تعيق حركة التحرر.. وضع خطير لنظام يحكم بلد مثل مصر، وحله عند عبد الناصر كان فى ضرورة صناعة جماهير تؤمن بالقيادة السياسية وتؤمن بمبادئ الثورة وتستطيع تحريك الجماهير لحماية النظام لالخدمة الوطن وضمن هوجة هذا التفكير جاءت فكرة منظمة الشباب لتحل للنظام مشكلة تمرد الشباب والطلبة فى الجامعات خاصة بعد أن زادت حركة التنظيمات السياسية فى الجامعات مما دفع الدولة لفرض نظام الفصلين الدراسيين لشغل الشباب عن السياسة"نفس مايحدث الآن أو نفس مافعله حسين كامل بهاء الدين حينما جاء لوزارة التربية والتعليم" ورغم الفضيحة التى أصابت تلك المنظمة عقب نكسة يونيو وكشفت نوايا الدولة تجاهها وأثبتت بالدليل القاطع أن المنظمة لم تكن سوى درع يتم إعداده لحماية النظام ولا دخل لشئ اسمه مستقبل الوطن بهذا التدريب والإعداد بدليل أن الحكومة وقتها قامت بتصفية كل العناصر التى تظاهرت ضدها وقامت بإعادة تصفية وفرز أعضاء المنظمة من جديد على أساس مقدار الولاء.

ورغم هذا الدرس تجد نظام الحكم الحالى يعيد ارتكاب نفس الخطأ وقد يكون سبب ذلك أن قيادات الحزب الوطنى الآن كانت فى الأصل أعضاء فى منظمة الشباب وكما فعل عبد الناصر فعل مبارك.. حالة اهتمام وهمى بالشباب ومستقبلهم السياسى من أجل صناعة قاعدة جماهيرية تتيح لمبارك أن يقول كلمة أنه زعيم الأغلبية فحينما وجد نظام مبارك حالة من النشاط السياسى فى الجامعة عمل على مسح ذلك بأستيكة وحاول فى أوائل التسعينات أن يصنع كتلة طلابية لصالحة فقام باستثمار على الدين هلال "عضو منظمة الشباب السابق" وخبراته فى ذلك المجال وعمل الرجل فى ذلك الوقت على إنشاء تنظيم غير معلن فى أوساط الطلبة مستغلا كونه أمين المجلس الأعلى للجامعات فى ذلك الوقت، وكان غرض هذا التنظم الطلابى هو إيجاد كتلة طلابية يمكن تحريكها فى أى وقت لصالح النظام وأيضا لمواجهة نفوذ طلاب الإخوان واليسار ومع هذا التنظيم بدأ الحزب الوطنى يدخل إلى الجامعات رويدا رويدا و تحول ليشكل قاعدة عريضة لتنظيم جديد يقوده نجل الرئيس تحت اسم "جمعية جيل المستقبل" التى اتبعت هى أيضا نفس أسلوب عمل المنظمة من محاضرات وتدريبات ورحلات وسفريات تابعة للحزب الوطنى وأمانة الشباب فيه وللصدفة العجيبة أن نفس المناطق التى سجن فيها الطلاب أيام المنظمة للحفظ والتلقين هى نفس الأماكن التى يذهب إليها تنظيم الحزب الوطنى ومنها مثلا معهد إعداد القادة بحلوان ومركز شباب زينهم ومطروح وغيرها وللصدفة اللى مش عجيبة أن نفس الشخصيات التى حاضرت فى الطلبة أيام منظمة الشباب هى التى تحاضر الآن فى شباب الحزب الوطنى "مفيد شهاب، مصطفى الفقى، على الدين هلال، حسين كامل بهاء الدين" مع اختلاف بسيط أن هؤلاء من 35 سنة كانوا يلقنون الطلبة فى المنظمة أن الاشتراكية هى الحل وأن وجود عبد الناصر ضرورى مثل الماء والهواء وأنه لا صلح ولا سلام مع إسرائيل أما الأن فهم يلقنون الطلاب أن الرأسمالية ونظام اللخبطيطة هو الحل وأن وجود مبارك ضرورى كالماء والهواء وأن إسرائيل دولة صديقة لها حق الجوار ولنا الحق فى التعامل التجارى معها وكما فشلت منظمة الشباب عقب النكسة وحتى من قبلها حين تم الكشف عن وجود تنظيمات سرية تعمل من داخل المنظمة منها تنظيم للإخوان المسلمين تم اكتشافه فى عام 65 19 فإن محاولات نظام الحكم الحالى لتنظيم الشباب غالبا مايصيبها الفشل والدليل أن طلاب الإخوان واليسار مازالوا الأكثر تأثيرا داخل الجامعات.

وسواء فى الماضى أو الآن تظل أسباب الفشل متشابهة.. الاعتماد على عناصر سابقة فى الجيش أو الشرطة لتكون مسئولة عن تلك المعسكرات وأن استقطاب الطلاب مازال يتم من خلال الرشوة ومن خلال الحفلات والرحلات ويتحدد أيضا على أساس الولاء فكان من الطبيعى فى ظل هذا الجو أن يركب الانتهازيون ويقفزون فوق أكتاف منظمة الشباب ويستمروا بمنهجهم هذا حتى يصلوا لكراسى الحكم الآن طالما أن الطريقة مازالت تعتمد على الولاء والثقة ولذلك ليس غريبا أن تجد أن معظم أعضاء الحزب الوطنى ومعظم وزراء الحكومة كانوا أعضاء بارزين فى منظمة الشباب وليس غريبا أن تجد أنهم صالحون لأداء مهمة السكرتارية التى تعتمد على السمع والطاعة للسيد الرئيس دون نقاش أو حتى تفكير فالإعداد الذى تم لهم فى المعاهد الإشتراكية والذى قام على الحفظ والتلقين والتنفيذ لم يكن يؤهل لخروج قيادة سياسية إنما لخروج منفذين وسكرتارية تقول نعم على طول الخط ولذلك وصلوا إلى ماهم فيه الآن بينما لم تكمل العناصر المحترمة المشوار مع الحزب الحاكم واتجهت إما لأحزاب معارضة أو جلست فى بيوتها تشاهد وتنتظر من بين الذين أكملوا الطريق بانتهازيتهم ووصلوا لأن أصبحوا أعضاء فى الحزب الوطنى تجد "مفيد شهاب وعلى الدين هلال وحسين كامل بهاء الدين ومصطفى الفقى والسيد حمادى أمين الفلاحين السابق ومحمد عبد اللاه ومؤمنة كامل ومحمود رجب ومحمود شريف" ومعهم عدد كبير فى أمانات الحزب بالمحافظات.

هذا العدد الكبير الذى يعتمد عليه نظام الحكم فى قيادة البلد "نحو الغرق طبعا" تم إعداده لسنوات داخل أسوار المعاهد الاشتراكية وفق برنامج فكرى يؤكد على قيم العدالة الاجتماعية ويدعو إلى نظرة إيجابية للدين باعتباره قوة إنسانية دافعة، تجدهم الآن أول من يدعون أن تذهب العدالة الاجتماعية للجحيم ويصفقون لصعود رجال الأعمال المتواصل وهو أنفسهم الآن الذين يرون أن الدين خطيئة كبيرة لابد أن يتم حبسها داخل أسوار الكنائس والمساجد ويبصمون بالعشرة على حتمية الحل الرأسمالى ويرحبون بالخصخصة وليذهب القطاع العام للجحيم وبملاليم الفلوس ويرون أن صداقة إسرائيل اليوم أمر طبيعى وواجب مقدس بعد أن كانوا يهتفون بسقوطها وهم للصدفة نفس البشر الذى كان يصرخ من أجل العروبة ويبكى لها والآن يلعنون أبو العروبة واللى خلفها.

ليس غريبا إذن أن يصل هؤلاء لحجر السلطة طالما أنهم يقبلون بدلعها فلم نسمع أو نجد اسم واحد فيهم خرج فى مظاهرة ضد الدولة بعد النكسة حينما كان عضوا فى منظمة الشباب ولم نسمع أو نجد اسم واحد فيهم ضمن من تركوا المنظمة عندما اكتشفوا أنها لم تكن سوى خدعة لخدمة الرئيس وحاشيته، بينما نجد آخرين تركوا المنظمة احتراما لأنفسهم وخوفا على وطنهم وللصدفة تلك الأسماء التى اتخذت موقفا ضد النظام فى الستينات وتمتعت باحترام الكل مازالت قادرة على اتخاذ مواقف الآن وتتمتع باحترام الكل ومنها أحمد بهاء شعبان عضو حركة كفاية والذى أعلن انفصاله عن المنظمة عقب النكسة كحركة احتجاجية ضد الحكومة الكاذبة وأبو العز الحريرى وأحمد عبد الله رزة وهشام السلامونى ومحمد منير مجاهد وغيرهم كثير رفضوا التنازل عن كرامتهم من أجل التواجد فى رحاب السلطة بينما رحب الآخرون أن يتحولوا لمرشدى بوليس وكتبة تقارير أمنية من أجل مزيد من الترقى فحصلوا على المكافأة الآن وأخذوها على طبق من فضة على شكل مناصب رسمية تخدم النظام والسلطة ولاشئ غير ذلك، ليثبتوا أن صلاح جاهين كان صاحب نظرة ثاقبة حينما قال رأيه فيهم عام 67 عندما رسم كاريكاتير لأعضاء منظمة الشباب، ومن بينهما طبعا الذين أصبحوا وزراء ومسؤلين فى الدولة والحزب الآن، يظهرهم على هيئة قوالب طوب مرصوصة ومصفوفة تصفق وتهتف وتردد شعارات لاتفهم من معانيها شئ !








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة