ناصر عراق

السيد الرئيس فقير!

الأحد، 20 يونيو 2010 08:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أكن أعلم أنه من الممكن أن يكون هناك رئيس جمهورية فقير يعيش بيننا فى هذا الزمن الغريب، إلا حين قرأت عن خوسيه موخيكا رئيس جمهورية الأورجواى ذلك أن سمعة رؤساء الجمهوريات ارتبطت فى العقود الأخيرة بالغنى والثراء، فما من رئيس جمهورية الآن يحيا كبسطاء الناس، سواء كان هذا الرئيس مازال مستمتعاً بممارسة السلطة، أو كان من السابقين الذين مرّوا على كرسى العرش فترة، ثم تركه مجبوراً: إما وفق انتخابات فى البلاد الديمقراطية، أو تمت إزاحته عن طريق عزرائيل أو بانقلاب فى الدول إياها إذ إن كل رؤساء الجمهوريات الحاليين والسابقين يعيشون حياة مملوءة بالرفاهية والبذخ لا ضنك فيها ولا حرمان!.

خوسيه موخيكا، رئيس من طراز آخر لا نعرفه نحن العرب، فالرجل الذى ولد عام 1935 كان– ومازال– متمرداً ثورياً ضد الاستبداد والظلم والفقر يحلم دوماُ بالحرية والعدل والإنصاف لجميع المقهورين والمحرومين من رجال ونساء شعبه، الأمر الذى دفعه إلى أن يشارك فى شبابه الأول فى تأسيس "حركة التحرير الوطنى توبامارو" قبل نصف قرن تقريباً، هذه المنظمة كانت ذات نزعة يسارية تنحاز إلى العمال والفلاحين والموظفين والفقراء ضد طغيان الرأسماليين وجشعهم وتحالفهم المشبوه مع السلطة الديكتاتورية (يذكر أن عدد سكان الأورجواى يبلغ 3 ملايين ونصف المليون نسمة، وموقعها محشور بين البرازيل والأرجنتين ).

كعادة كل المناضلين الرومانسيين لم يكن بد من أن يصافح خوسيه موخيكا السجن، وهكذا اعتقل الرجل لمدة أربعة عشر عاماً نظراً لنشاطه السياسى ومع أفول الحقبة الديكتاتورية السوداء فى الأورجواى سنة 1985 أفرج عنه ليعاود النضال فى صفوف الفقراء حتى أوصله النظام الديموقراطى الجديد إلى أرفع منصب فى الدولة العام الماضى.
المدهش أن الرجل الذى كان يعمل مزارعاً للزهور لم يكترث بألوان السلطة الزاهية، ولم تبهره أضواء الرئاسة المغرية، حيث ظل مقيماً فى مزرعته المتواضعة التى تملكها زوجته رفيقة الكفاح معه فى أول الشباب، رافضاً الانتقال إلى العيش فى قصر الرئاسة الفاخر!

حسناً ماذا يملك خوسيه موخيكا إذن إذا كان البيت الذى يأويه ليس من أملاكه؟ سيارة فولكس فاجن هى كل ما يملك السيد الرئيس، وبالمناسبة لا تتعدى قيمة هذه السيارة 1920 دولاراً فقط لأنها موديل قديم يعود إلى سنة1987، أما راتبه الشهرى فهو 11680 دولاراً يتبرع بسبعين فى المائة منه كل شهر لجمعية متخصصة فى بناء مساكن للفقراء!
لذا لا عجب ولا غرابة أن هذا السيد الرئيس يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق من دون حرس مخيف أو موكب مهيب.
هذه المعلومات ليست من عندى، بل هى ما أدلى به خوسيه موخيكا نفسه بعد أدائه القسم أمام مجلس الشفافية والآداب فى أورجواى، حيث إن القانون عندهم يحتم على كل مسئول أن يكشف عن ممتلكاته أمام هذا المجلس فور تسلمه مهام منصبه.
حين قرأت هذا الكلام تساءلت: هل يمكن أن ننعم بوجود رئيس عربى مثل خوسيه موخيكا؟
اسألوا الحكومات العربية أولاً قبل الإجابة!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة