براء الخطيب

تحويل اتحاد كرة القدم للنيابة.. فتش عن شوبير

الأحد، 06 يونيو 2010 07:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرر المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة الخميس، إحالة أعضاء مجلس إدارة الاتحاد المصرى لكرة القدم للنيابة العامة للتحقيق بسبب بعض المخالفات المالية، وجاء فى الخبر الذى تناولته كافة الصحف المصرية أن المجلس القومى للرياضة وضح أن هذا القرار، جاء على خلفية تقرير صادر عن الجهاز المركزى للمحاسبات يطالب فيه مجلس إدارة اتحاد الكرة بتوضيح موقفه من عدم تحصيل 15 مليون جنيه مستحقة له لدى جهات أخرى يتعامل معها إلى جانب بعض المصروفات الأخرى غير المبررة فى رحلات المنتخب الخارجية، مع التأكيد على أن اتحاد الكرة لم يرد على استفسارات المجلس القومى للرياضة بسبب هذه المخالفات المالية فتم تحويل الملف إلى النيابة العامة.

تساءل البعض عن السر فى "توقيت" هذا الإجراء العنيف من تحويل الحكومة عبر ممثلها الرياضى لمؤسسة رياضية للدولة، لاسيما وأن رجال اتحاد الكرة كثيرا ما "طنطنوا" بالإنجازات، معلنين دائما بمناسبة وغير مناسبة أن المجلس القومى للرياضة شريك أساسى فى هذه الإنجازات، فكيف لشريك الإنجازات أن ينقلب على شريكه لدرجة تحويله للنائب العام متهما إياه بإهدار المال العام؟

وفى محاولة من جانبنا لتفسير "التوقيت" سوف نجد أنه قد جاء بعد تحويل اتحاد الكرة للإعلامى "أحمد شوبير" للنائب العام، بعد أن كان "شوبير" قد أكد فى برنامجه الذى يذاع عبر إذاعة الشباب والرياضة أن هناك مسئولا فى الاتحاد المصرى لكرة القدم قد جلس مع روابط الجماهير وطالبهم برشق الحافلة الجزائرية بالحجارة كنوع من الرد على الإساءات الجزائرية عبر الصحافة والتصريحات التى هاجمت مصر والمعاملة السيئة فى الجزائر، وأصر أعضاء اتحاد الكرة على التقدم ببلاغ للنائب العام ضد "شوبير" ولم يقبل الاعتذار العلنى والحار الذى قدمه "شوبير" علنا وفى الغرف المغلقة للمسئولين، وجاء تصرف أعضاء اتحاد الكرة بمثابة لطمة كبرى لشخص "ِشوبير" بينما جاء قرار وزير الإعلام بمنع "شوبير" من الظهور على شاشات تليفزيون الدولة بل والتهديد بقطع إشارة البث عن أية قناة فضائية تسمح بظهور "شوبير" عليها، وجاء قرار "أنس الفقى" وزير الإعلام هذا بمثابة اللطمة الكبرى لمستقبل "شوبير" الإعلامى بل والسياسى أيضا.

لاشك أن "شوبير" قد أخطأ بتصريحه واتهاماته فى حق نظام الحكم نفسه، والذى هو أحد رجاله وممثليه سواء كعضو فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم أو كعضو منتخب عن الحزب الوطنى فى مجلس الشعب، فى هذه المرة لم يسعف "شوبير" ذكاؤه كما لم يسعفه ذكاؤه أيضا فى معاركه الفضائية مع المستشار "مرتضى منصور" هذه المعارك غير المبررة التى تدنت فى بعض فتراتها تدنى مزرى مع أنى أعرف مدى احترام "شوبير" لنفسه واعتزازه بكبريائه وأعرف كم كان "شوبير" عصاميا فى بناء كيانه الإعلامى والسياسى، وكنت وما زلت أرى فى "شوبير" شخصا محترما ومكافحا وطموحا بلا حدود، حيث استطاع عبور كل الحفر التى صادفته فى طريقه واستطاع القفز عليها بمهارة وتسخير كل الظروف المحيطة من أجل صعوده الذى شهد له به الجميع، كما أنى ارتبط بعلاقة صداقة مع "مرتضى منصور" تمتد لأكثر من ثلاثين سنة ومنذ أن كان قاضيا، وكنت طوال عمرنا- بالرغم من اختلافنا فى القضايا العامة والموقف من نظام الحكم- معجبا به وبإصراره على النجاح وأعرف كم أنه إنسان محترم وعصامى شيد مستقبله بذكاء ومجهود جبار ولم يكسب قرشا واحدا من غير مهنته كمحامى تلك المهنة التى أصبح واحدا من أهم الممارسين لها..

وأعرف كم كان "مرتضى" معتدا بكبريائه ومحبا لأسرته والتى أعرف تماما كم هى أسرة محترمة وزاملتنى شقيقتاه فى العمل فى وزارة الثقافة دون أن تطل إحداهما ولو مجرد إشاعة من الإشاعات التى تطول العاملين فى الوسط الثقافى أو الإعلامى، وبالرغم من الاختلاف السياسى بيننا إلا أنه كان دائما داعما لأصدقائه فى رجولة وشهامة، وقد بنا "مرتضى" نجوميته المهنية ونجوميته كشخصية عامة بذكائه ورجولته وكفاءته الشخصية وقد أخطأ "شوبير" فى حق "مرتضى" بدليل الحكم القاسى الذى حصل عليه "مرتضى" ضده..

وقد خان "شوبير" ذكاؤه فى خلافه مع "مرتضى" وكان من الممكن تلافى هذا الخلاف منذ البداية لاسيما وأن "مرتضى" يحمل فى صدره قلب طفل طيب لكنه فيما يخص كبرياءه يصبح شخصا عدوانيا لآخر مدى، ومع ذلك كان من الممكن لـ"شوبير" أن يتخلص من هذا المطب الذى لم يسعفه ذكاؤه فى عدم السقوط فيه منذ البداية.

بعد أزمة "شوبير" مع "مرتضى" كان لابد أن يدخل "شوبير" فى منطقة انعدام الوزن حيث تختلط عنده الحسابات التى يجيدها، ولأن "شوبير" شخص شجاع إلى درجة التهور فقد تصور أنه قادر على هدم معبد اتحاد الكرة فوق رأس خصومه تمهيدا لركوبه الحصان الأبيض ودخول اتحاد الكرة كالفارس المنقذ الذى تدعمه العجلات الحربية فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم، لكن الاتهام الذى وجهه "شوبير" تصريحا وتلميحا لبعض أعضاء اتحاد الكرة لم يكن يمس اتحاد الكرة فقط بل يتخطى ذلك المساس بهيبة الدولة فى مواجهة الاتهامات الجزائرية، فكان لابد وأن تتحقق الدولة بنفسها من صحة اتهام "شوبير" لواحدة من مؤسسات الدولة..

والتصور الأقرب للحدوث أن مسئولى الدولة قد استدعوا "شوبير" لمعرفة حقيقة الأسباب التى دعته لتوجيه هذه الاتهامات التى سوف تضعف موقف المسئول المصرى فى مواجهة المسئول الجزائرى، وفى الغالب الأعم فإن "شوبير" قد أثبت وجهة نظره ووضح الأسباب التى أدت به إلى التصريح بهذه الاتهامات، مما جعل مسئولى الدولة يفتحون ملف اتحاد كرة القدم على مصراعيه فإذا كان اتحاد الكرة قد تقدم ببلاغ للنائب العام ضد "شوبير" ورفض اعتذار "شوبير"، فإن تحويل اتحاد الكرة بتهم جاهزة لأى مسئول يحيد عن الخط جاهزة، ليس دعما لشخص "شوبير" وليس هجوما على اتحاد الكرة، لكنه دعما لرجل من رجال الحكم وتقليما لأظافر رجل آخر من رجال الحكم حتى تظل كفتا الميزان متعادلتين، فلا يجور واحد من رجال السلطة على واحد آخر من رجال السلطة، وسوف تحل المشكلة بتنازل اتحاد الكرة عن البلاغ ضد "شوبير" وظهور "حقيقة" اتهامات المجلس القومى للرياضة لاتحاد الكرة بأنها مجرد "أخطاء مقبولة" وليست "إهدار للمال العام"..

فإدانة "شوبير" غير واردة وإدانة اتحاد الكرة غير واردة حتى لو شمر المستشار "مرتضى منصور" عن ساعده للدفاع عن اتحاد الكرة، والمسألة كلها سوف تصب فى نهاية الأمر فى الصلح بين "مرتضى" و"شوبير" وسوف تحل بـ"قعدة" عرب بين "شوبير" ومرتضى" و"سمير زاهر"، و"حسن صقر" وأتمنى فى هذه اللحظة ألا يخون "شوبير" ذكاؤه" وأن يحجم "مرتضى" عدوانيته المبررة" وأن يذبح "سمير زاهر" عجلا على مدخل مبنى الاتحاد من جيبه الخاص وليس من ميزانية اتحاد الكرة، وأن يعلن "حسن صقر" مباركته للاتفاق ويكون أول من يأكل من لحم العجل، أو يصدر الحكم على اتحاد الكرة فيسرع "حسن صقر" بحله بمباركة من لوائح "الفيفا" فيتخلص رجال الحكم فى مصر من "نزناز" وصداع تداعيات الخلافات مع الجزائر ويتم التضحية باتحاد الكرة، وربما يترافق ذلك مع إدانة "شوبير" للتخلص من "شوبير" واتحاد الكرة مرة واحدة، وفى هذه الحالة سوف يجد "شوبير" عشرات القنوات الفضائية العربية تخطب وده لاستغلال كاريزمته الإعلامية وسوف يتم ذلك فى حالة أن يتأكد "شوبير" أن الحزب الحاكم قد تخلى عنه، وهنا قد ينتهى "شوبير" السياسى مؤقتا منتظرا عودته فى ظروف ملائمة لكن "شوبير" الإعلامى لن ينتهى بل ربما سطع نجمه أكثر نظرا لما يتمتع به من كاريزما وذكاء وجلد ومثابرة، وربما ينجح فى استغلال طيبة قلب "مرتضى" وشهامته فى طى صفحة الماضى لكن بعد أن يكون اتحاد الكرة قد تم حله.

* كاتب وروائى مصرى .








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة