ناجح إبراهيم

«معالى الوزير» بين السينما والواقع

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011 03:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فيلم «معالى الوزير» من أفضل الأفلام المصرية التى صورت انتهازية بعض الوزراء وطريقة تسلقهم لسلم السلطة بالنفاق والرياء والتخلص من الخصوم بدهاء ومكر يفوق مكر الثعلب، «فيقتلون القتيل ويمشون فى جنازته»، كما يقول المثل المصرى.. ولم أكن أظن أن مثل هذه القصة تكررت كثيرًا فى مصرنا الحديثة حتى استمعت لحوار رائع بين الإعلامى المتميز حافظ الميرازى وبين محمد أبوكريشة الصحفى الذى مكث فترة طويلة مراسلاً للجمهورية فى رئاسة الوزراء، فقد قص مهازل وزارية عاشها بنفسه تعد أغرب من الخيال.

ففى العهد الأول للدكتور كمال الجنزورى جاء أحد الوزراء بسيارة فيات قديمة جدّا ويرتدى بدلة بالية وكرافتة قديمة جدّا فرفض أمن مجلس الوزراء إدخاله رغم إبلاغه لهم بأنه من المرشحين للوزارة، حيث إنهم لم يصدقوا ذلك، وأمام إصراره اتصلوا بإدارة المراسم التى فاجأتهم بصحة ترشحه للوزارة فأدخلوه وأدى القسم ودخل الوزارة.

وبعد عدة سنوات دفع عشرة ملايين جنيه لإخراج ابنه من مشكلة جنائية مع آخرين، فدخل الوزارة وهو لا يملك شيئًا وخرج منها وهو يملك عشرات الملايين فى سنوات معدودة، ولا تعجب أخى، فهذه هى مصر.

وفى عهد د. عاطف عبيد رشح أحد الوزراء وتم إعلان ذلك أمام وسائل الإعلام، ثم جاءت تقارير الأمن عن الوزير متأخرة عن الترشيح والتعيين، وظهر فى هذه التقارير أن الوزير مكث شهرًا فى مستشفى للأمراض النفسية فوقع د. عاطف عبيد فى حيص بيص، فهل يبقيه فى الوزارة أم يقيله منها بعد عدة أيام فقط من توليها؟ فلجأ إلى رئيسه مبارك وقص عليه ورطته، ثم فوجئ برده: «اتركه.. يمكن يطلع أحسن من العاقلين». ولكن تأتى الرياح بما لم تشته السفن حيث اتهم الوزير رجال الصندوق الدولى علنًا بأنهم حرامية ونصابون، فلم يجد مبارك وعبيد بدّا من إقالته بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه الوزارة.

أما فى عهد د. أحمد نظيف فقد كان هناك رجل أعمال شهير يعمل فى السياحة، وكان متزوجًا من سكرتيرته الجميلة عرفيّا، وبعد أن دخل وزارة نظيف أراد أن يطلق هذه السكرتيرة التى لم تترك هذه الفرصة الثمينة، وطلبت منه مليون جنيه مقابل طلاقها فى صمت ودون شوشرة، فاستكثر الوزير المبلغ فاحتكما معًا إلى مسؤول فى رئاسة الجمهورية فقال للوزير: ادفع المليون جنيه لأنك ستكسب عشرات الملايين من الوزارة بعد قليل.. وللأسف فإن الوزير ومسؤول الرئاسة معًا الآن فى السجن، لتفوز السكرتيرة الحسناء بالغنيمة، فقد ثبت أنها أذكى منهما وأكثر استشرافًا للمستقبل.

وهكذا يثبت لنا أن فيلم معالى الوزير يتكرر كثيرًا فى حياتنا، وإذا كان هؤلاء قد خلعوا أو نزعوا من مناصبهم سريعًا فإن أحمد زكى استطاع بدهائه ومكره أن يلزق فى الكرسى لزقة مؤبدة، وأن يتخلص من خصومه واحدًا تلو الآخر.

لكن يعيب الفيلم أنه لم يتنبأ أبدًا بثورة مصرية مثل ثورة 25 يناير التى أطاحت بكل الكراسى بلا استثناء، فلم تقتصر على كرسى معالى الوزير، بل جاوزته إلى الرئيس والحكومة والحزب الوطنى ثم ذهبت بهم إلى السجون.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة