ناجح إبراهيم

هكذا تعلمت فقه الصلح من سيدنا الحسن بن على

الثلاثاء، 12 يوليو 2011 03:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مثل هذه الأيام من شهر يوليو سنة 1997م انطلق صوت الأخ محمد أمين ليعلن البيان الأول لمبادرة وقف العنف، وكان هذا البيان هو بداية تحول كبير فى مسيرة الجماعة الإسلامية.. وتدشينا لفقه جديد أسميناه «فقه المراجعات».

والمراجعة والصلح والسلام من أشق الأمور وأصعبها.. ولكن الإخلاص الذى غمر القلوب والنفوس من هؤلاء القادة جعلها سهلة وميسورة.. وجعل لها القبول والنجاح، وما كنا نظن وقتها أن هذا الفقه سينتشر بعد ذلك فى الدول المجاورة.. وأن تتجاوب معه حركات إسلامية عديدة.. لتبقى على الصواب وتترك الخطأ، فقد قامت حركات إسلامية فى السعودية والمغرب وليبيا واليمن بمراجعات قوية، كان لها أكبر الأثر فى تصحيح مسيرتها. فالمراجعة تختلف عن التراجع المذموم.. فالمراجعة هى الاعتراف بالخطأ وتصويبه وتصحيحه، والإبقاء على الصواب وتثمينه ودعمه وعدم التخلى عنه والعمل به، أما التراجع فيعنى ترك الصواب وهجر ثوابت الدين والتفلت من تبعات المسؤولية الشرعية، والمراجعة عمل إيجابى ينفع الجماعات وتطورها، والتراجع عمل سلبى يضرها ويفتت قوتها.

لقد أعادت المبادرة الجماعة الإسلامية إلى الوسطية والاعتدال الذى بدأت به دعوتها، ولكنها هجرته تحت وطأة الفعل ورد الفعل والهجوم والهجوم المضاد ومواجهة العنف بالعنف بينها وبين الحكومة، وهى أول حركة إسلامية تعترف بأخطائها ولا تنسبها إلى الحكومة أو إلى نظرية المؤامرة أو إلى الموساد وCIA، وهى أول حركة تنصف خصومها الذين غفلت عن حسناتهم واهتمت بسيئاتهم، مثل الرئيس الراحل السادات، والمبادرة ببساطة ودون تطويل هو تغيير فقهى، وتجديد إسلامى يحافظ على ثوابت الشريعة ويعالج الأخطاء الفكرية والعلمية، وهذا ما كتبه العلامة د. سليم العوا فى الطبعة الجديدة لكتابه «تجديد الفقه الإسلامى»، حيث مدح الشجاعة الأدبية لقادة الجماعة الإسلامية الذين قاموا بالمبادرة، أما قصيرو النظر فيرون فيها لونا من ألوان التلون السياسى.. والذى يقرأ كتب المراجعات أو يعرف أصحابها يعلم أنها أبعد ما تكون عن ذلك، فهى تجارة مع الله وليست صفقة مع أحد، وهى دوران حول الشريعة وليست سعيا لدنيا زائلة، وأعظم ما فى هذه المبادرة هو إرساء فكرة المراجعة وفقهها وترسيخها بين أبناء الحركة الإسلامية، وإرساؤها لقضية أن الحركة الإسلامية ليست هى الإسلام، ولا هى المتحدث الحصرى أو الوحيد باسمه، ولكنهم بشر يعملون بالإسلام قدر جهدهم، وقد يصيبون أو يخطئون بسبب أو آخر، وشرفهم الأساسى هو اتخاذ الكتاب والسنة مرجعية لهم.

وقد اشتملت المبادرة على ثلاثة أقسام:

-1 جزء نظرى وشرعى وفكرى، يتمثل فى قرابة 23 كتابا تعرضت لكل القضايا التى تستحق التجديد أو إعادة النظر، أو قضايا جديدة ينبغى الكتابة عنها، وكانت أفكار هذه الكتب واضحة أشد الوضوح لا لبس فيها ولا غموض.

-2 جزء عملى، ويتمثل فى تحقيق الأمن والأمان فى ربوع مصر بطريقة ذاتية ودون كمائن، وحل مشاكل السجون وإعادة الكرامة الإنسانية والدينية للمعتقلين، والإفراج عن عدة آلاف من السجناء، ووقف المحاكمات العسكرية والاستثنائية، ووقف التعذيب، ونلاحظ أن كل هذه الأمور هى حقوق قانونية كانت غائبة قبل المبادرة.

-3 حل الجناح العسكرى وكل ما يتعلق به.

إن صنع السلام أصعب على القادة من إعلان الحرب.. وقد عايشت الأمرين بنفسى، وكابدت فى السلام ما لم أكابده فى الحرب، وقد كان سيدنا الحسن بن على هو أسوتى وقدوتى فى كل طريق الصلح والسلام، وقد تحمّل ما تحمّل من أجل حقن الدماء ووقف الاقتتال بين المسلمين، وكانت شيعته ومحبوه وبعض أصحابه يقولون له: يا مذل المؤمنين، فكان يقول لهم: لست بمذل المؤمنين، ولكن جماجم العرب كانت بيدى فكرهت أن أقتلكم على الملك، وبذلك نال السيادة التى بشره بها الرسول (صلى الله عليه سلم) وهو طفل.. لقد كرهنا أن نصنع جاها كاذبا على جماجم إخواننا، ولكننا غامرنا بجاهنا من أجل حريتهم وحياتهم الكريمة، ومن أجل أن يظل ثوب الحركة الإسلامية نقيا طاهرا.. كما فعل الحسن بن على رضى الله عنه.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة