أحمد طه النقر

"الحسينى أبو ضيف.. الشهيد الحى!

الإثنين، 10 ديسمبر 2012 08:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مظاهرات حركة كفاية، التى انطلقت فى عام 2004 وكانت نور الفجر الذى سطعت منه شمس ثورة 25 يناير الباهرة، كانت أقصى أمانينا أن يصل عدد المتظاهرين إلى بضع مئات حتى نُسمع صوتنا لمن لا يسمع، وحتى لا يتكرر فى كل مرة مشهد وقوف عشرات المتظاهرين فى مواجهة حشود مُدججة من قوات الأمن المركزى وأمن الدولة وبلطجيته.. وفى كل مرة كنتُ أقول لمن يقف إلى جانبى فى المظاهرة سواء كانت على سلم نقابة الصحفيين، منبر الثورة، أو أمام دار القضاء العالى أو فى أى مكان آخر، "فلتتضرع معى إلى الله لكى يُعز المظاهرة بأحد الكمالين".. كمال أبو عيطة أو كمال خليل.. اللذين كان مجرد ظهور أحدهما يبعث روحا جديدة فينا، فنبادر بتسليمه قيادة المظاهرة على الفور ليصدح بأجمل وأروع الهتافات الثورية التى تبشر بالانتصار الحتمى لإرادة الشعب وتُغنى للحرية والعدالة الاجتماعية.. "مدد مدد مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد".."مدد مدد مدد مدد.. الحرية بتتولد"..كان هذا ديدن الكمالين منذ عرفناهما شابين غضين فى سبعينات القرن المنصرم.

ومع مولد "كفاية" وتعميدها على سلم نقابة الصحفيين، ظل الكمالان على عهدهما مؤذنين للثورة ومبشرين بالنصر.. ولكن مصر الولادة دفعت بجيل جديد يحمل الراية ويواصل النضال.. ومن هؤلاء شاب أسمر طويل هادئ تظنه للوهلة الأولى خجولا ومنطويا، ولكنه عندما يُمسك زمام المظاهرة يتحول الى شخص آخر، وتتحول معه المظاهرة الى هدير يزلزل الشوارع ويهز أركان الطغيان.. تنتظم الهتافات القوية اللاذعة ويندفع حماس دافق فى الأبدان والقلوب.. إنها كلمة السر التى يُلقى بها مؤذنون جدد من شباب الثورة مثل الحسينى والصحفى الشاب محمود كامل، ومحمد عواد عضو حركة العدالة والحرية وكثيرون غيرهم.

وكعهد كل الثوار الأحرار المؤمنين بالحياة والعمل، لم يشغل النضال العام الشاب النبيل الحسينى أبو ضيف عن أداء مهمته كصحفى فى جريدة "الفجر".. حمل آلة التصوير الخاصة به وذهب لتغطية مظاهرات قصر الاتحادية يوم الأربعاء.. كانت جماهير مصر قد خرجت بالملايين فى مسيرات ومظاهرات سلمية فى اليوم السابق لتقول "لا للإعلان غير الدستورى وللاستفتاء على دستور طائفى باطل سلقته بليل لجنة غير شرعية".. مر يوم الثلاثاء بسلام، واختار العشرات من بين مئات الآلاف الذين تظاهروا أمام القصر الرئاسى أن يعتصموا فى بضع خيام.. وسارت الأمور دون أن يعكر صفوها أى شىء ذى بال حتى كان ضحى اليوم التالى الأربعاء عندما أصدرت قيادات جماعة الإخوان وحزبها الأمر لميليشياتها بالزحف على قصر الاتحادية لـ"أداء صلاة العصر وحماية الشرعية!!".. وهنا سالت أنهار الدم إذ هاجمت هذه الميليشيات التى لاحظ الجميع أنها مدربة جيدا على الكر والفر، فضلا عن أنها كانت مسلحة بكافة أنواع الأسلحة من السكاكين والسيوف وحتى البنادق الآلية مرورا بقنابل المولوتوف، خيام المعتصمين ودمرتها و"أسرت" العديد من شباب الثورة وعرضتهم لتعذيب وحشى لم تعرفه زنازين أمن الدولة، والغريب أن ذلك حدث أمام القصر الرئاسى!!.. ولوحظ أنه كان بصحبة هذه الجحافل التى تم شحنها فى سيارات من العاصمة والأقاليم مرشدون كانوا مندسين بين الثوار من قبل ويعرفون جيدا النشطاء، وكانت مهمة هؤلاء المرشدين أن يسلطوا أضواء الليزر صوب النشطاء لكى تتولى الميليشيات أمرهم بعد ذلك.. فعلوا ذلك مع الثائر المعروف أحمد دومة الذى تعرض لهجوم بسيف أو سكين نتج عنه جروح قطعية خطيرة فى وجهه.. وحدث أيضا مع زميلنا الحسينى أبو ضيف الذى كان يحاول تصوير أحد أفراد الميليشيات، وهو يقتل الثوار ببندقية آلية عندما ظهر له مسلحون صوبوا إلى رأسه ورقبته الخرطوش عن قرب وتركوه غارقا فى دمائه بعد أن خطفوا الكاميرا!!.. وحتى كتابة هذه السطور كان الحسينى يرقد بين الحياة والموت، ولا نملك إلا الدعاء له بالشفاء لأن حالته بالغة الخطورة إذ إن الأطباء سبق أن أعلنوا موته سريرياً (إكلينيكياً)، ونعاه بعض أصدقائه وزملائه، ولكن شاء الله، جلت قدرته، أن يمنحنا بصيصا من الأمل سنظل نتعلق به ضارعين إليه أن يمد له فى العمر ويعود صحفيا لامعا وثائرا نبيلا وقائدا للمظاهرات ومؤذنا للثورة.. فقد افتقدناه كثيرا فى مظاهرة أمس الأول التى انطلقت من النقابة إلى التحرير للتنديد بالعدوان الهمجى الذى تعرض له مع غيره من الثوار.. وفى كل الأحوال سنظل نعتبر الحسينى شهيدا حيا بيننا لا تغيب عنا ملامحه المصرية الصعيدية الأصيلة، لأن مثله لا يُنسى ولا يغيب.


* هذا المقال منع نشره فى جريدة الأخبار








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الحق

الرئيس متواطئ!

عدد الردود 0

بواسطة:

hamada

ثوره الخراب

فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله سليم

ولا يهمك يا مصر ...!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

سمسم

معك في أشياء وأخالفك في أشياء

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة