العسكرى وتعذيب واعتقال الصحفيين

من مظاهر عصر الطاغية مبارك، انتهاك الحريات، والتنكيل بالمعارضين، والزج بالشرفاء فى السجون، بسبب تعبيرهم عن آرائهم ورفضهم للأوضاع السياسية القائمة، وأيضا التعنت مع الصحفيين والإعلاميين وسجنهم فى قضايا مصنوعة على المقاس، لذلك هب شباب مصر فى ثورة 25 يناير، لتعديل كل هذه الأوضاع المقلوبة، وما قدم شبابنا أرواحهم الزكية إلا من أجل أن ينعم الجميع بالحرية، وحق التعبير عن الجميع.

لكن للأسف، وجدنا قيادات المجلس العسكرى، تعيدنا من جديد لمشاهد عصر الطاغية، فأسقطوا بجدارة حرية الإعلام، واعتقلوا زملاءنا من صحف متعددة، واعتدوا على 18 صحفياً أثناء تغطيتهم أحداث العباسية، وعلى رأسهم صحفيون بجريدة البديل.

ومن أخطر الجرائم التى ارتكبها المجلس العسكرى فى حق الإعلاميين، ما رواه الزملاء فى قناة مصر 25، عن تعرضهم للتعذيب البشع، على يد ضباط بالشرطة العسكرية، والتنكيل بهم بسبب انتمائهم لقناة محسوبة على التيار الإسلامى، وكأننا نعود من جديد لاضطهاد كل ما هو إسلامى، وتحجيم الإعلام الذى يحاول نقل مختلف الرؤى والأفكار.

إن المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التى نظمها الصحفيون ونقابتهم، على مدار الأيام الماضية، ما هى إلا مؤشرات للغليان الذى يجتاح الصفوف الإعلامية، بسبب هذه الإجراءات الخارقة للقوانين والأعراف الإعلامية الدولية، فلن يسمح صحفيو مصر أن يعود قطار الحريات للخلف، أو أن يحجم دور الإعلام فى المرحلة المقبلة.

ولا أرى إلا أن يعتذر المجلس العسكرى فورا عن خطوة الاعتداء على الصحفيين، وأن يحاسب كل من تورط فى تعذيب صحفى أو إعلامى، كما لابد من الاستجابة لمظاهرات المصريين المطالبة بالإفراج عن كل المقبوض عليهم فى أحداث العباسية، فقد وضح للجميع من خلال مناقشات البرلمان ومطالب النواب، الرفض الشعبى لاعتقال العشرات، فأين كانت هذه الصرامة من المجلس العسكرى فى مواجهة البلطجية والانفلات لأمنى؟ ولنا أن نسأل أيضا: لماذا لم يوفر لنا المجلس العسكرى هذا الأمن فى أرجاء الوطن، ولماذا لا يواجه مَن يشعلون الحرائق فى محافظات مصر بهذا الحسم؟

وهل من شرف العسكرية اعتقال الطبيبات والفتيات من داخل المساجد؟ وهل من الشرف العسكرى الإجهاز على المصابين فى ميدان العباسية، خاصة العزّل منهم، الذين خرجوا وهم يهتفون بسلمية مظاهراتهم، لكنها العصا الغليظة التى تريد إرهاب المصريين، ولا تحرك ساكنا ضد المتربصين بالثورة ومكتسباتها بل الوطن.