أحمد على

تقنين الفوضى

الجمعة، 15 مارس 2013 11:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من أن النظام والفوضى كلمتان متضادتان إلا أنه أحيانا قد تكون الفوضى هى نتاج النظام، وهو ما أراد أن يطرحه المخرج العالمى الراحل يوسف شاهين فى آخر أفلامه "هى فوضى" أن الفوضى نتاج للنظام أو بمعنى أدق أن الفوضى يخلقها النظام.

وقرار منح الضبطية القضائية للمواطنين وفقا للمادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية قرار النظام الحالى لتقنين الفوضى الذى يعنى أنه من حق أى مواطن أن يلقى القبض على أى مواطن يشاهده متلبسا وهو يرتكب جريمة يجوز بشأنها الحبس الاحتياطى بشرط تسليمة الفورى إلى أقرب ممثل للدولة أى الشرطة.

وهنا ليس الحديث عن التكييف القانونى للقرار بل البيئة السياسية والمجتمعية الحالية التى تشهدها مصر، فتلك البيئة تتداخل فيها دوائر العنف من أجهزة أمنية قادرة وغير قادرة فى نفس الوقت على ضبط الأمن بمعنى أن ملف الأمن حدث ولا حرج فالوظيفة الأولى للدولة هى تحقيق الأمن وهى من وظيفة الدولة وليس اختصاص الشعب.

حتى أن القمع الذى تمارسه الدولة أو الشرطة هو تفويض من الشعب للشرطة كأحد أجهزة الدولة المنوط لها استخدام تلك الأداة ضد الخارجين عن القانون لحماية المواطنين، وبالتالى تلك الوظائف والأدوار وضعت فى كل دول العالم لأن إذا كان المواطن مخول له أن يقوم بتحقيق الأمن للدولة، وموسسساتها فما هى وظيفة جهاز الأمن فى الدولة، ما أريد أن أركز عليه هو إصدار ذلك القرار فى هذا التوقيت، لأن البيئة المجتمعية يرتفع بها العنف بشكل ينذر بالخطر لتداخل تلك دوائر العنف من مجموعات الخارجين على القانون مرورا بمحتجين ومظاهرات تخلو من السلمية مع تورط الشرطة لبعض النتهاكات تلك الدوائر المعقدة من العنف الرسمى والشعبى وتزامنها مع ذلك القرار لدعوة المواطنين لتطبيق القانون باليد سوف تودى إلى مزيد من العنف الممنهج الذى يصعب تحت أى ظرف السيطرة عليه.

بعبارة أخرى فكرة تفويض أو مشاركة الدولة المواطنين لتطبيق القانون بدلا من الأجهزة الحكومية فى ظل تراجع قدرة الدولة على توفير الاحتياجات المعيشية الأساسية يعطى الفرصة إلى تكوين حركات شعبية من أفراد معسكرة وتكوين مليشيات لتحل بدل الأجهزة النظامية فى الدولة الأمر الذى يعنى شيئا واحدا هو تفكك أو انهيار أجهزة الدولة ومؤسساتها.

إن الحل يكمن فى إنهاء حالة حدة الاستقطاب السياسى من خلال التعامل بوضوح أن الأزمة سياسية ولا يجب التعامل معها على أنها لعبة صفرية إن مكسب طرف يعنى خسارة للطرف الآخر وأنه لابد من فائز ومهزوم بين السلطة أو الإخوان والمعارضة ممثلة فى جبهة الإنقاذ لأن ذلك الحل سوف ينعكس على أجهزة الدولة كافة.

فبدلا من إشراك المواطن فى تحيق الأمن وتحميله مزيدا من الأعباء الإضافية لابد من إعادة بناء جهاز الشرطة فنحن أمام جهاز أقدم العاملين به على إغلاق أماكنهم وهو ما ظهر من قيام إغلاق بعض الأقسام وتمرد بعض أفراد العاملين بالشرطة على وزير الداخلية.

أحد أهم مراحل التحول الديمقرطى فى أى بلد هو ترسيخ مبدأ دولة المؤسسات التى تكرس سيادة القانون بين أفراد المجتمع والدولة من أجل تحقيق الصالح العام، بعبارة أخرى أن قرار الضبطية القضائية للمواطنين فى ظل مشهد سياسى أحد أهم مكوناته الأساسية حدة الاستقطاب السياسى والعنف والصراع وفقدان المصداقية وغياب الثقة السياسية بين النخبة والسلطة مع تدهور اقتصادى بدى يظهر مدى حدة العنف اللفظى والمعنوى للمواظنين أنفسهم فى ظل فشل حكومى بتوفير الحد الأدنى من أساسيات المعيشة لا يعنى إلا تقنين الفوضى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

أبوالمعتصم

أعطني عقلك

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد على

الرد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة