عبد الرحمن يوسف

جبل المغارم

الثلاثاء، 05 مارس 2013 07:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت السياسة فى زمن مضى مغنما، كانت «مغارة على بابا»، فمن يدخل من البوابات الرسمية رابح حتى لو كان معارضًا، ولا شك أن المصريين يعلمون جيدا كَمَّ القصور التى يمتلكها معارضو عصر مبارك، وأكرر هنا أننى أتحدث عن المعارضة «الرسمية»، فهؤلاء يملكون الفضائيات، والصحف، والعقارات، والتوكيلات التجارية الأجنبية، وشركات المقاولات «التى تتعامل مع مشاريع الدولة»، وسائر أسباب الثراء الفاحش السريع، ودورهم الوقوف مع النظام من خلال معارضته.
هؤلاء المعارضون، أما الموافقون فحدث ولا حرج، جميع القوانين تصاغ وتكتب لصالحهم، وإذا أرادوا أن يعملوا فى عمل فيستحيل أن يصاغ له قانون - مثل تجارة المخدرات أو تهريب الآثار مثلا - فهنا تغمض أجهزة الأمن عيونها عنهم لكى لا تنغص عليهم عملهم. اليوم، أصبحت السياسة مغرمًا لا مغنمًا، فعدسات المصورين وحدها تكفى لتنغيص حياتك ولمنعك من المشى فى الشارع، ومن الممكن أن يحاصرك الناس وأن يعتدوا عليك لأى سبب من الأسباب. من يغامر بممارسة السياسة اليوم رجل جرىء، وأعرف العشرات من المحترمين الذين يريدون أن يدخلوا هذا المعترك، لديهم الإخلاص ويملكون مؤهلات خدمة الناس، ولكنهم يخافون من خوض هذا البحر اللجى، وبسبب أجواء الاستقطاب المسممة قرروا أن يتفرجوا من بعيد، أو أن يدعموا من يقتنعون به فى الخفاء. إذا استمر هذا الأمر فسوف نصل فى النهاية إلى نتيجة كارثية، وهى أن جميع أصحاب الكفاءات لن يتقدموا لخدمة الوطن، وسيصبح هناك عزوف كامل عن العمل العام، وبالتالى سيسهل على أى مجموعة من الناس ذات أى توجه أن تستولى على الدولة كلها، ولا يشترط فى هذه المجموعة سوى أن تكون ذات «جلد تخين»، وتماسك تنظيمى يحميها من التفكك. ستصبح المناصب الرسمية دُولَةً بين هؤلاء، ولن تستفيد مصر من مواهب أبنائها، ولا من كفاءات علمائها، وستترسخ ظواهر الاحتكار والتوريث فى الحياة السياسية.. واجبنا اليوم أن نكسر هذه الظاهرة، واجبنا الآن فى هذه اللحظة التى ما زالت فيها الدولة المصرية فى طور التشكل والتكوين أن نمنع استئثار أى فصيل بمصر، وأن نقاوم ابتلاع أى جماعة للدولة، وأن نقدم للناس نماذج مشرفة من السياسيين الصابرين على ابتلاء المزايدات والاتهامات بالباطل، وإذا لم نفعل ذلك اليوم فتأكدوا أننا سنعانى لسنوات طوال من احتكار سياسى قد يطول.. كلمتى الأخيرة لكل المزايدين: لكم اجتهادكم، ولغيركم اجتهاده، فكفوا عن إلقاء الحجارة والمولوتوف على كل من يخالفكم الرأى، لأن المقدمين على ممارسة السياسة اليوم لا مغنم يحركهم، لأن السياسة قد أصبحت جبلاً من المغارم، وليُعِن الله من يحمله على ظهره إذا كان مخلصًا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د. محمد

كلام جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

أيمن رشدي

أفراد... وجماعات

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اصحاب القصور والفضائيات سواء معارضين او مؤيدين يتشدقون الان بالوطنيه

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اصحاب القصور والفضائيات سواء معارضين او مؤيدين يتشدقون الان بالوطنيه

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لو تعلمنا الاسلام من الغرب لاصبحنا من اعظم الدول فى العالم واكثرها تقدما

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الثوره المصريه حررت المصرى من الخوف ولكن تحقيق اهدافها كامله سياخذ بعض الوقت

فيم العجله - هذا مقالك

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

عندما يفقد الانسان الامل فى الحياه امامه ثلاث طرق - الصبر او الانتحار او الانتقام من الاخر

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوبكر المغربى

فتح الله عليك

جزاك الله خيرا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد إبراهيم العبادي

حيرتونا .. أبوك يقول للجماعة تبلع .. وانت تقول للجماعة لا تبلع !!

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

religious businessmen getting rich quick

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة