عبد الرحمن يوسف

شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ!

الأربعاء، 01 مايو 2013 10:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أسوأ ما اخترعته الأنظمة الحاكمة بعد ثورة يوليو التعامل مع الناس بمنطق «شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ»!

هذا المنطق من الممكن أن يتم بين الأفراد، فترى مجرما يقبل باقتسام الغنائم مع مجرم آخر لأنه قوى، أو لأنه «ماسك عليه ذلة»، لكن حين تقبل الدولة بهذه القاعدة فى التعايش، فمعنى ذلك أن «شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ» صارت أسلوب حياة للأمة كلها! فى الماضى حين قررت الدولة أن تشق الطريق الزراعى بين القاهرة والإسكندرية فى عهد الرئيس عبدالناصر، بدأ الناس بالبناء على الطريق، وارتفعت أسعار الأراضى، وكل ذلك بالمخالفة للقانون، وكان البناء المخالف يتم جهارا نهارا، والسادة المسؤولون يتقاضون الرشى «على داير المليم»، «وعلى عينك يا تاجر»، ولم يهتم بتطبيق القانون أحد. وحين ذهب أبناء القرية المصرية إلى دول الخليج فى السبعينيات وعادوا ببعض الثروات الصغيرة، بدأوا ببناء المنازل بالطوب «الأحمر» والأسمنت، بدلا من الطوب «النى»، وبدأت غابات الأسمنت تأكل الأخضر لا اليابس، وبدأت تتقلص الرقعة الزراعية شيئا فشيئا، حتى أصبح هناك متخصصون فى هذا العمل، أعنى أنه قد أصبح هناك رجال أعمال متخصصون فى تبوير الأراضى الزراعية والبناء عليها، مما يعود عليهم بملايين الجنيهات فى كل عملية.

الدولة المصرية الفاسدة كانت تتعامل مع هذه الأمور بمنطق «شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ»، فكانت تترك المواطنين الكرام يقومون بهذه المخالفات، ولا تعاقب أحدا إلا فى أضيق نطاق، ثم تطلب منهم بعد ذلك تأييدا سياسيا فى موسم الانتخابات، مقابل أن تتصالح معهم فى شأن هذه المبانى.
بهذه الطريقة فقدت مصر ربع رقعتها الزراعية تقريبا!

جريمة متكاملة الأركان، ولكن أحدا لم يكن ليهتم بهذا الأمر، والفلاح معذور، والحل الحقيقى لمقاومة البناء على الأراضى الزراعية أن تتحول الزراعة لعمل مربح للفلاح لكى لا يصبح حلم حياته، أن تدخل أرضه كردون المبانى، وهذه هى الطريقة الوحيدة لكى يحافظ الفلاح على أرضه.

الآن.. تتعامل الدولة المصرية بنفس الطريقة، فها هى عشرات المبانى الأثرية فى بورسعيد يتم إخراجها من قائمة الأعمال التاريخية غير القابلة للهدم، كل ذلك لتحقيق مكسب سياسى، ولتهدئة أمور المحافظة المشتعلة منذ يناير الماضى بسبب الحكم فى قضية مذبحة بورسعيد.
يتم الآن محاولة لهدم عمارة تعتبر من أقدم عمارات التراث فى بورسعيد وهى عمارة كلوفيتش الواقعة عند التقاء شارعى الجمهورية و23 يوليو، وهناك محاولة أخرى لهدم أحد المنازل الأثرية بشارع صفية زغلول وقد صدر قرار هدمه من حى الشرق. إن لجوء الدولة لهذه الطريقة دليل على أننا نتعامل مع مجموعة من العجزة، وهؤلاء العجزة قد استسلموا لأساليب الدولة القديمة، وهم على استعداد لارتكاب العديد من الجرائم لكى يثَبِّتوا أنفسهم فى الحكم، وأنا لا أشك أن استمراءهم للجرائم سوف يتدرج من السيىء إلى الأسوأ، إذا لم نواجه هؤلاء الفاشلين العاجزين، قبل أن يتحولوا إلى عاجزين فاسدين.

خلاصة الأمر.. سحقا لأى نظام يأتى بعد ثورة عظيمة مثل ثورة يناير، لكى يدير دولة مصر بأسلوب «شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ»!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين...








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد صعيدى

شيلنى واشيلك هو المبدأ الحاكم سابقا وحاليا وربما مستقبلا

عدد الردود 0

بواسطة:

فاطمه

الشاعر

رائع كعادتك يااستاذ عبدالرحمن

عدد الردود 0

بواسطة:

فاطمة

دى مبادئك مع قطر

عدد الردود 0

بواسطة:

حبيبه

حائرة ف هذه الدولة

لا اعلم من على حق ممن يدعى انه على حق

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

نطالب بقوة !!.................بالحفاظ ؟؟.............على عمارة كلوفيتش !!

فوق !!

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو محمود

مش معقول

عدد الردود 0

بواسطة:

tata

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

شيماء ابراهيم

فين وزارة الاثار

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة