أكرم القصاص - علا الشافعي

الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية فى حوار خاص لـ«اليوم السابع»:اللافتات الحزبية و‏المظاهرات فى الحج حرام شرعاً..إدخال السياسة أثناء تأدية الشعائر بدعة وضلالة لأنه مدعاة للفرقة والتنازع والجدال

الأربعاء، 01 أكتوبر 2014 09:56 ص
الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية فى حوار خاص لـ«اليوم السابع»:اللافتات الحزبية و‏المظاهرات فى الحج حرام شرعاً..إدخال السياسة أثناء تأدية الشعائر بدعة وضلالة لأنه مدعاة للفرقة والتنازع والجدال شوقى علام مفتى الجمهورية
حوار : لؤى على " نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجهمورية، أن رفع اللافتات الحزبية أو عمل ‏المظاهرات فى مناسك الحج أمر محرم شرعًا، وبدعة من بدع الضلالة؛ لأنه مدعاة للفرقة والتنازع والجدال، مضيفا أن مخالفة قواعد تنظيم الحج أمر لا يجوز شرعًا لأنه يضر بالحاج، وربما قد يصل الضرر إلى الآخرين وهو أمر منهى عنه شرعًا.

ما الحكمة من أداء فريضة الحج.. والوقوف بعرفة.. ولماذا سمى بهذا الاسم؟

- الحِكم فى شعيرة الحج كثيرة وعظيمة ومتنوعة، ففيها من المصالح العظيمة الكثير من التعارف بين الناس فى الأمة الإسلامية، والتعاون على الخير، والتواصى بالحق، والتفقه فى الدين، وإعلاء كلمة الله تعالى، وتوحيده والإخلاص له، كما أن الحكمة من الوقوف بعرفة هى تذكر يوم الحشر الأكبر، وفى اجتماع المسلمين فيه أكبر الأثر فى إزالة الفوارق الطبقية بين الناس، حيث تذوب فوارق اللغة والعرق والمذهب واللباس؛ فالكل يقفون أمام الله متوحدين حتى فى الزى الذى يلبسونه، الذى هو أشبه ما يكون بالكفن، لا فرق بين غنى وفقير ولا قوى وضعيف ولا أبيض أو أسود الكل أمام الله سواء، يرجون رحمته ويخشون عذابه، يقفون على صعيد واحد ويهتفون بشعار واحد، وهو شعار التلبية الذى يعلن توحد الأمة واعتصامها بحبل الله تعالى، كما أن يوم عرفة هو يوم العتق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة وإنه يباهى بهم الملائكة»، وسُمى عرفة بهذا الاسم؛ لأن الله بعث جبريل عليه السلام إلى إبراهيم، فحج به، حتى إذا أتى عرفة، قال: عرفت وكان قد أتاها مرة قبل ذلك، قال له: عرفت. وقيل: لأن آدم وحواء تعارفا عليه بعد الهبوط إلى الأرض، كما أن عرفة هو الركن الركين من أركان الحج لا يتم الحج إلا به بإجماع المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة».

فضيلة المفتى.. هل يعنى هذا أن الحاج إذا لم يقف بعرفة لم يكتمل حجه؟

- نعم من حج ولم يقف بعرفة فلا حج له لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»؛ لأن مَن حج ولم يقف بعرفة نهارًا أو ليلاً إلى قبل صلاة الفجر فلا حج له، وعليه القضاء؛ لأنه لم يأتِ بما فرض الله عليه من الوقوف بعرفة، فهو الركن الأعظم، وهذا لا يخفى على أحد، والله سبحانه لا يُضِيْعُ أجرَ من أحسن عملاً، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَة فَقَدْ أَدْرَك الحَجَّ، ومن فاتَهُ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ»، وأيضًا لقوله تعالى: (فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذكرُوا الله عِندَ المَشعَر الحرَام) أمر بالذِّكر لا بالوقوف، فالوقوف بالمشعر الحرام يقع للذِّكر، وليس بأصلٍ، وأمّا الوقوف بعرفة فهو أصلٌ؛ لأنه قال: (فإِذَآ أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ) ولم يقل عند الذكر بعرفاتٍ، كما أن من الواجب على الحاج فى هذا الموطن والمشهد العظيم أن يتضرع إلى الله تعالى ويلجأ بالدعاء إليه فى طلب المغفرة لتتحقق رحمة الله تعالى، كما أن على بقية المسلمين ألا يكفوا عن الدعاء واللجوء إلى الله تعالى فى هذا اليوم المبارك يوم العتق، فعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة وإنه يباهى بهم الملائكة».

هل هناك شروط لوجوب الحج؟

- نعم هناك شروط لوجوب الحج وهى: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة، وقد استدل الفقهاء على اشتراط البلوغ والحرية بقول الرسول صلى الله عليه وسلام: «أيما صبى حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام».

هل يجوز الاستدانة للحج؟

- عن عبد الله بن أبى أوفى قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال: «لا»، ومن أجل هذا قال الفقهاء، إن قضاء الدين من الحوائج الأصلية، وبهذا الاعتبار آكد من الحج بل ومن الزكاة وقالوا: إن احتاج المسلم إلى الزواج وخاف العنت وخشى على نفسه الوقوع فى المحرم قدم التزوج لأنه بهذا الاعتبار واجب كالنفقة، وإن لم يخف قدم الحج لأن الزواج فى هذه الحالة تطوع.

وما هى النصائح التى تريد أن توجهها إلى حجاج بيت الله الحرام؟

- بداية.. يجب على كل مسلم ومسلمة ذهب ليؤدى فريضة الحج أن يخلص التوبة إلى الله سبحانه، ويسأله غفران ذنوبه؛ ليبدأ عهدًا جديدًا مع ربه، ويعقد معه صلحًا لا يحنث فيه، ومن علامات الإخلاص أن يعِدَّ نفقة الحج من أطيب كسبه وحلاله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، ومن حج من مال غير حلال ولبى: «لبيك اللهم لبيك» قال الله سبحانه له- كما جاء فى الحديث الشريف-: «لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك»، كما أن من مظاهر التوبة وصدق الإخلاص أن يطهر المرء نفسه ويخلص رقبته من حقوق ومظالم الغير، بأن يرد المظالم إلى أصحابها متى استطاع، ويتوب ويستغفر الله عند العجز عن أدائها، وأن يصل رحمه ويترضَّى إخوانه وجيرانه.
ومن نصائحنا للحاج أيضًا أن يكون عنده من الاستطاعة على تحمل مشاق السفر وأعبائه ومتطلباته لأن الحج مفروض على القادر المستطيع، وأيضًا لا تكلف نفسك فوق طاقتها فى المال والجهد الجسدى، وحافظ على نظافة المأكل والملبس والمشرب وعلى نظافة المشاعر والأماكن الشريفة، لأن الإسلام دين النظافة، كما أنه يجب على الحاج ألا يعرض نفسه للأخطار بصعود قمم الجبال، ويجب عليه المداومة على الذكر والعبادة والتواجد معظم الوقت فى الحرم والنظر إلى الكعبة المشرفة وقراءة القرآن والطواف كلما وجدت القدرة على ذلك، فهذه أيام مباركات لا تعوض فاستغلها فى طاعة الله تعالى.

ما سبب تسمية يوم التروية بهذا الاسم؟ وفى أى الأيام على وجه التحديد؟

- هو يوم الثامن من ذى الحجة، وسمى بالتروية لأنه يوم الرى لأهل عرفات ومنى، حيث كان الناس ينقلون الماء إلى عرفات ومنى ليستعمله الحجيج فى يوم عرفات فسمى بالتروية من الرى، وهو يوم إعداد يستعد فيه الحجيج لبداية مناسك الحج.

وما الدروس التى يجب على المسلم أن يستفاد بها من قصة ذبح سيدنا إبراهيم لسيدنا إسماعيل وفداء الله له بذبح عظيم؟

- هذه حادثة من أعظم الحوادث فى التاريخ، فهى تمثل أعظم امتحان يتعرض له الإنسان، هذا الامتحان الذى وصفه القرآن الكريم بالبلاء المبين فقال تعالى: (إن هذا لهو البلاء المبين)، فهو الامتحان الذى تعرض له أبونا إبراهيم عليه السلام، حين أمره الله تعالى بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، فقال تعالى: (فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك) ولما ذهب لتنفيذ أمر الله لم يجد ممانعة من ابنه بل وجد طاعة لا مثيل لها من الابن الذى قال: (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين)؛ فكان الجزاء الإلهى: (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه فى الآخرين) فقد خلَّد الله تعالى هذا الحادث العظيم لما ينطوى عليه من تضحية من الأب فى سبيل الله، وانصياع من الابن لأبيه فى مشهد من الطاعة جسد أعظم امتثال لطاعة الله تعالى، وطاعة الأب وذلك عندما يتعلق الأمر بالله تعالى، فيقول الابن: (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين) هذه الأعمال كلها اكتست بالتقوى والتجرد لله تعالى؛ فإقدام سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل على تنفيذ أمر الله لم يكن خوفًا من عقوبة صارمة منتظرة بل كان تسليمًا لأمر الله تعالى، ورضًا بقضائه، وبالتالى هذا ما ينبغى أن تكون عليه أعمالنا لله تعالى، وهذه أمور ينبغى أن نتأسى بها من الصبر على البلاء والرضا بقضاء الله تعالى، وأن الإنسان وما يملك من أموال وخلافه وما لديه من أبناء حتى هو نفسه كل ذلك ملك لله تعالى، وهذا كله يوجب على العبد أن يتصرف فى كل هذه الأشياء وفقًا لمرضاة الله تعالى، ولنا فى سيدنا إبراهيم عليه السلام المثل الأجل فى الفداء والتضحية والامتثال لأمر الله، بحيث أصبح فعله هذا يوم عيد تحتفل به الأمة الإسلامية كل عام.

هناك بعض التيارات تدعو إلى إطلاق بعض الشعارات السياسية أثناء اجتماع الناس يوم عرفة.. ما رد فضيلتكم فى هذه الدعوات؟ وما حكمها من الناحية الشرعية؟

- توزيع أو رفع اللافتات الحزبية أو عمل ‏المظاهرات فى مناسك الحج أمر محرم شرعًا، وبدعة من بدع الضلالة؛ لأنه مدعاة للفرقة والتنازع والجدال، وكل ذلك منافٍ لمقصود الوحدة وإخلاص العبادة لله، وفيه استحداث أحوال فى العبادة لم يأذن بها الله تعالى، كما أن رفع مثل هذه الشعارات أو اللافتات الحزبية والسياسية أيًّا كانت فى مناسك الحج فيه استخفاف بالشعائر الدينية فى استغلالها لقضاء المصالح الدنيوية، وتلبيس على الناس، وإلهاء للحجيج عن ذكر الله تعالى، وإقامة المناسك على الوجه المَرْضِى لله تعالى، كما أنها تثير الضغائن والأحقاد والنزاعات التى تشغل الحاج عن روح العبادة، وتحدث فتنة فى الحرم بما تجر إليه أمثال هذه الشعارات والتظاهرات من فوضى وتراشق وتنازع بل وتقاتل فى بعض الأحيان، حيث يقول جل شأنه: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِى الْحَجّ)، كما أن فى توزيع هذه الشعارات أو الالتفات إلى هذه الدعوات فى الحج هو مدعاةٌ للجدال المحرم شرعًا فى الحج؛ فقد يعارضها أكثر المسلمين، وإذا وُزِّعَت أمثال هذه الشعارات حصل القيل والقال وكثر الحديث والجدال، وقست القلوب، وانتهض الناس لانتقادها والرد عليها، وسعوا فى رفع الشعارات المضادة لها؛ فتصير المناسك محلًّا للجدال والخلاف والتنازع والترامى بالتهم والخصومات والأحقاد التى لا يرضاها الله تعالى.

ما رأى فضيلتكم فى من يخالف قواعد تنظيم الحج؟

- مخالفة قواعد تنظيم الحج أمر لا يجوز شرعًا لأنه يضر بالحاج، وربما قد يصل الضرر إلى الآخرين المنهى عنه شرعًا أيضًا، كما أنه لا يجوز للحاج مخالفة القواعد والنظم التى أقرتها السلطات السعودية، من تنظيمات ولوائح، تحقق مصالح ضيوف الرحمن بل على الجميع الالتزام بهذه القواعد والآداب.

كل عام نرى أنه قد تحدث الكثير من المشكلات فى رمى الجمار وما شابه.. فهل من مخرج لتجنب تلك المشكلات؟

- يجب على حجاج بيت الله الحرام الالتزام بما أقره مجمع البحوث الإسلامية، وأفتت به دار الإفتاء منذ سنوات، من جواز رمى الجمرات طوال اليوم، من باب التخفيف على الحجاج، خاصة فى حالات الزحام الشديد، فالمشقة تجلب التيسير، وعلى كل حاج استحضار النية والإخلاص ومجاهدة النفس مع الإكثار من الدعاء، فأعظم ما فى تلك الأيام المباركة، يوم عرفة الذى ينتظره المسلمون كل عام.

ما المقصود بالحج الأكبر؟

- الحج الأكبر هو يوم النحر، وذلك لما أخرجه أبو داود فى سننه عن ابن عمر رضى الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر فى الحجة التى حج فيها فقال: «أى يوم هذا؟» فقالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحج الأكبر»، وسمى يوم النحر بيوم الحج الأكبر؛ لما فى ليلته من الوقوف بعرفة، والمبيت بالمشعر الحرام، والرمى فى نهاره، والنحر، والحلق، والطواف، والسعى من أعمال الحج، ويوم الحج هو الزمن، والحج الأكبر هو العمل فيه، وقد ورد ذكر يوم الحج الأكبر فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر).












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة