أكرم القصاص - علا الشافعي

"الحجُ عرفة".. المزاحمة للوقوف على الجبل والتسبب فى إيذاء الغير ليست من السُنة ولا يجوز للحاج صيامه.. من فاته "الوقوف" لم يُسقط الفريضة.. على جمعة: سُمى بذلك لتعرف آدم على حواء أعلى قمته المُباركة

الخميس، 02 أكتوبر 2014 05:35 ص
"الحجُ عرفة".. المزاحمة للوقوف على الجبل والتسبب فى إيذاء الغير ليست من السُنة ولا يجوز للحاج صيامه.. من فاته "الوقوف" لم يُسقط الفريضة.. على جمعة: سُمى بذلك لتعرف آدم على حواء أعلى قمته المُباركة الملايين على جبل "عرفات"
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأ حجاج بيت الله الحرام التوجه إلى مشعر منى منذ أمس الأربعاء وحتى اليوم الخميس، فى أول أيام الحج لقضاء يوم التروية، تأسيا بسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم القائل "خذوا عنى مناسككم"، والسنة أن يبيت الحاج فى منى مساء يوم التروية ليلة التاسع من ذى الحجة حتى إذا صلى فجر التاسع من ذى الحجة انتظر حتى تطلع الشمس فيسير إلى عرفات بهدوء وسكينة ملبيا وذاكرا الله تعالى بما شاء من الذكر وقراءة القرآن والإكثار من التلبية والتهليل والتكبير والحمد والشكر لله رب العالمين.

وعن سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم يقول الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتى الجمهورية السابق، إن سيدنا آدم عندما نزل من جنته، تعرَّف على حواء فى هذا المكان، وهذا يشير إلى قِدمه، وتلك المشاعر من القِدم من أول الخليقة.

وأضاف "جمعة" فى تصريحاتٍ له "يتناسب مع وصف الله سبحانه وتعالى لهذه الأماكن بالقداسة والحرمة وطلب صريح قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، وطلب صريح من إبراهيم لربه بركة هذا المكان كله كأن هذا المكان مَرْضى عليه من الله وعليه تنزل الرحمات منذ خلق الله تعالى الخلق".

ويقع جبل عرفات على بعد 20 كيلو مترا شرقى مكة المكرمة بالسعودية، وتقام عنده أهم مناسك الحج، والتى تسمى بوقفة عرفة، كما قال الرسول "الحج عرفة"، وقد قيل إن عرفة سمى بذلك لأن الناس يتعارفون فيه أو لأن جبريل طاف بإبراهيم كان يريه المشاهد فيقول له "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، أو لأن آدم وحواء عندما هبطا من الجنة التقوا فتعارفا فى هذا المكان.

وكانت دار الإفتاء المصرية قد أعلنت أنه يجوز للجهات السعودية المسئولة عن تنظيم الحج أن يجعلوا النفرة من عرفات على مرتين أو أكثر حسبما تقتضيه المصلحة العامة للحجيج، وبما يتلاءم مع أعدادهم ويمنع تكدُّسهم وتدافعهم، وحرصًا على سلامتهم وأرواحهم.

وأوضحت فى فتوى لها أن هذا لا يُعَدُّ تغييرًا لمناسك الحج بحال من الأحوال، وأنه يجوز للقائمين على تنظيم الحج أن يتخيروا من المذاهب الفقهية المعتبرة ما يرونه أنسب لسلامة الحجاج وأقرب لأمنهم وراحتهم.

وأضافت الفتوى أنه من المقرر فى قواعد الفقه الإسلامى أنه يجوز لولى الأمر تقييد المباح للمصلحة العامة، وله أن يتخير من مذاهب العلماء ما يراه محققًا للمقاصد الشرعية والمصالح المرعية، فتصرُّفه على الرعية منوط بالمصلحة.

وحول زيادة مساحة الرقعة المخصصة لوقوف الحجيج على عرفة بما يُعرَف بامتداد عرفة؛ لاستيعاب العدد المتزايد من الحجاج، ذكرت الفتوى "لا يجوز توسيع رقعة عرفة خارج حدودها التى أجمع عليها المسلمون، خاصة أن المطلوب من الحاج فى هذا الركن هو مجرد الوجود فى أى بقعة من عرفة: أرضها أو سمائها، قائمًا أو قاعدًا، راكبًا أو راقدًا، مستيقظًا أو نائمًا، وليس المطلوب الإقامة أو المكث".

واعتبرت فتوى دار الإفتاء المصرية أن ركن الوقوف بعرفات يحصل بمجرد المرور بها، ويمكن التغلب على التدافع والتكدس فى الزحام الشديد بالتنظيم الشامل لنفرة الحجيج ولو بإلزام الحجاج بمذهب من لا يشترط وقتًا معينًا للوقوف، تلافيًا للأضرار الناجمة فى ذلك.

حدود عرفة:

وحدود عرفة كما قال ابن عبَّاس: حدُّ عرفة من الجبل المشرف على بُطَن عرفة (هو بطن عرفة هو ما بين العلمين الذين هما حد عرفة والعلمين الذين هما حد الحرم) إلى جبال عرفة إلى الوصيق (والوصيق هو موضع أعلاه لكنانة وأسفله لهذيل) إلى ملتقى الوصيق إلى وادى عرفة قال: ومُوقْنَى النبى صلى الله عليه وسلم عشية عرفة بين الأجبل النبعة والنبيعة والنابت (ويسمَّى هذا المُوقْنَى) (الآل) على وزن هلال ويُعرَف اليوم بـ"جبل الرحمة"، والتبعة: واحدة تبع شجر تعمل منه الغسى، وقيل سُمِّى الآل، لأن الحجيج إذا رأوا ألو، أى اجتهدوا، ليدركوا الموقف، وعلى جبل الرحمة مسجد ومنبر لوقوف الخطيب عشية يوم عرفة، وكان هذا الجبل صعب المرتقى، فسهله الوزير الجواد الأصفهانى، وبنى فيه مسجدًا ومصبًّا للماء.

وعرفة أو عرفات ميدان واسع أرضه مستوية يبلغ نحو ميلين طولا فى مثلهما عرضا، وكانت عرفة قرية، فيها مزارع وخضر، وبها دور لأهل مكة، أما اليوم فلم يبق لهذه الدور من أثر، وموضع الوقوف بعرفة يُسمَّى كما قال ياقوت (العرّف) بتشديد الراء وعرفة كلها موقف، وقد حدد الفاسى موقف النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إنه الفجوة المستعلية المشرفة على الموقف، وهى من وراء الموقف، وهى التى عن يمينها، ووراءها صخرتان متصلتان بصخر الجبل المُسمَّى بجبل الرحمة، ولا فضيلة للوقوف على الجبل الذى يُقَال له جبل الرحمة بعرفة.

وعن جبل الرحمة يقول الدكتور على جمعة: هو جزء صغير من جبل عرفة وقف فيه النبى صلى الله عليه وسلم ورآه فيه بعض الصحابة فمن شدة الالتزام والرقى الخُلقى عند الصحابة كانوا يقفون فيه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم وقف فيه ولكنه لم يأمر به، وليس فى ذلك من سنة حتى لا يشدد الناس على أنفسهم بأن يصعدوا إلى ذلك المكان نظرًا لكثرة العدد مع اختلاف اللغات واختلاف طرق التفاهم.

ولا ينبغى أن يتصور الحاج أنه إذا استطاع أن يزاحم أو يُزاحم أو يعتدى أو يُعتدى عليه فى أن يصل فى أنه سيصيب سنة، حتى إذا فرضنا أنه تصور أنها سنة عن رسول الله وقد ارتكب إثمًا فى أنه ضايق غيره وعرض نفسه للمضايقة؛ فجبل الرحمة جزء من جبل عرفات وليس من شعائر ولا مناسك الحج.

ولا يصح أن يتكبد المسلم مشقة الصعود أو الذهاب إلى ذلك المكان فى جبل الرحمة؛ بل الوقوف فى عرفة كلها فى أى مكان بين أعلامنا المحددة وهو وقوف صحيح فى أى ساعة من النهار وفى أى ساعة من الليل وبأى وضع كان متوضئًا أو غير متوضئ مادام على طهارة إنما يكون مُحرم وناوى ووصل إلى هذا الجبل فى الميقات المحدد، وبقى به لحظة من نهار أو لحظة من ليل قبل شروق يوم العيد، وأفضل الوقوف أن يجمع بعض النهار مع بعض الليل وعند الاستعداد لأذان صلاة المغرب، يشرع الأذان فلا تصلى الفريضة فى عرفة إنما ينفر الناس إلى المزدلفة ويؤدون المغرب والعشاء هناك.

وهناك العديد من الأخطاء التى يقع فيها بعض الحجاج بالنسبة ليوم عرفة، ومن تلك الأخطاء النزول خارج حدود عرفة فبعض الحجاج ينزل خارج حدود عرفة وبقاؤهم فى أماكن نزولهم حتى تغرب الشمس ثم ينصرفون إلى المزدلفة دون أن يقفوا بعرفة، وهذا خطأ جسيم يفوت عليهم الحج، لأن الحج عرفة كما فى الحديث، وبتركه يبطل الحج، والواجب على الحاج أن يكون عند وقوفه داخل حدود عرفة، وعليه أن يتحرى ذلك خصوصاً أن هناك علامات إرشادية تدل على ذلك.

ومن الأخطاء أيضا اعتقاد بعض الحجاج بوجوب الصعود على جبل الرحمة عند الصخرات كما وقف الرسول، والأصح جواز الوقوف فى أى مكان من صعيد عرفات، فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود أن الرسول لما وقف عند الصخرات على جبل الرحمة قال: وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف.

ولا ينبغى للحاج أن يُرهق نفسه ويصمم فى الوصول إلى جبل الرحمة، مع أنه يجوز له التواجد فى أى مكان من صعيد عرفات خاصة فى هذه الأيام التى يكثر فيها الحجاج المتواجدون فى عرفات، فلو أن كل الحجاج أرادوا أن يقفوا على الصخرات كما وقف الرسول لحدث ما لا يحمد عقباه من الإصابات بين جموع الحجاج نتيجة التدافع، كما يحدث عند رمى الجمرات فالأفضل الأخذ بالرخصة، وهى الوقوف فى أى مكان من صعيد عرفات الطاهر خاصة للنساء وكبار السن وذوى الأعذار، وفيه موافقة السنة أيضاً لظاهر الحديث "وعرفة كلها موقف".

كذلك من الأخطاء التى يقع فيها بعض الحجاج اعتقادهم أن يسن للحاج صيام يوم عرفة، والصواب: أنه ليس عليه صيام يوم عرفة، ولم يصم رسول الله عام حجه حجة الوداع يوم عرفة وفى سنن أبى داود "وأن النبى- صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم عرفة لمن بعرفة".

وفضائل يوم عرفة كثيرة ومنها: أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ففى الصحيحين عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية فى كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أى آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} المائدة، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذى نزلت فيه على النبى، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

يوم عيد:

قال صلى الله عليه وسلم (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهى أيام أكل وشرب) "رواه أهل السّنن" وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: (نزلت –أى آية (اليوم أكملت) فى يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.

إنه يوم أقسم الله به، فهو اليوم المشهود فى قول القرآن: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُود} البروج، فعن أبى هريرة أن النبى قال: (اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة) رواه الترمذى، وهو الوتر الذى أقسم الله به فى قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} الفجر، قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.

صيامه يكفر سنتين:

فقد ورد عن أبى قتادة أن رسول الله سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم.

وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة، لأن النبى ترك صومه، وروى عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

اليوم الذى أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم:

فعن ابن عباس ما قال: قال رسول الله: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان - يعنى عرفة - وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} {أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} رواه أحمد.

يوم عتق من النار ومغفرة:

إنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففى صحيح مسلم عن عائشة عن النبى قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟.

قال ابنُ عبدُ البر: وهذا يدلُ على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهى بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران، وعن ابن عمر أن النبى قال: (إن الله يباهى ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادى، أتونى شعثا غبراً) رواه أحمد.

موقف عرفة من المواقف التى ينبغى للمسلم أن يعتنى بالدعاء فيها بجد وإخلاص، فيدعو بالمأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم وبغيره، فقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم أن أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وفى الموطأ عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له.


موضوعات متعلقة:


بالصور.. "اليوم السابع" داخل المخيمات فى عرفات قبل صعود الحجاج.. البعثات تبدأ استلام المخيمات وترقيمها.. والشرطة السعودية تؤمن الطرق.. ووزير الأوقاف لزوار بيت الله: "نحن فى خدمتكم"












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عاشور زاير

عيد مبارك

كلو عام وانتوم بالف خير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة