أكرم القصاص - علا الشافعي

حسن زايد يكتب: فتش عن المصالح الغربية فى المنطقة

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014 08:02 م
حسن زايد يكتب: فتش عن المصالح الغربية فى المنطقة الميليشيات المسلحة فى ليبيا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما قصدت اليوم إلى كتابة مقال فى السياسة، وما كان لى ـ لو كتبت فى السياسة ـ أن اكتب فى هذا الموضوع. فالأحداث الجارية على أراضى الشقيقة ليبيا بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافى تدعو إلى الحزن والأسف على ما آلت إليه الدولة، فلم يبق هناك دولة.

بلد أسد الصحراء عمر المختار أصبحت محطًا للتنازع المسلح بين أبنائها، حيث يقتل الأخ أخيه، ويأسره، ويتعامل معه باعتباره أسير حرب. وكأنى بليبيا وقد تحولت إلى غنيمة ملقاة على قارعة الطريق تنتظر من يقتنصها، تعرى لحمها، وانكشفت سوءتها، وخارت قوتها، وتبددت ثروتها، ولم يبق منها سوى ذلك الكرسى الدوار الذى تلف به الرؤوس، وتدور على محورها، وتتطاير من أجله الرقاب. قيل فى البداية إنها ثورة تستهدف التخلص من الحكم الديكتاتورى المستبد، وقد كان كذلك بالفعل، وكان يجدر بالشعب الليبى أن يثور عليه، ويطيح به، ويتولى الشعب أمر نفسه بإرادة حرة مستقلة فاعلة على نحو ما يطمح الثوار فيما عرفناه من ثورات فى كل أصقاع الأرض. إلا أن الثورة، أيًا كان مصدرها ومصادر تمويلها، كان يتعين على مفجريها أن يحرصوا على أن تظل ليبية خالصة، أما الاستعانة بقوى خارجية ممثلة فى حلف الناتو فى إسقاط النظام بالحديد والنار، فقد حول الثورة إلى مسارات أخرى بخلاف المسار الثورى، بداية من أجندة الأهداف المبتغاة، وانتهاءً بالنزاع المسلح بين الفصائل والقبائل على مناطق النفوذ، ولو أفضى ذلك إلى القضاء على آمال وطموحات الإنسان الليبى التى كان يتغياها من ثورته، بل والقضاء على كيان هذا الإنسان، وهلاكه، والتآمر على وجوده ذاته. ومشكلة الدولة الليبية أن مخازن السلاح المكدسة من عهد القذافى فتحت على مصارعها أمام العوام من أهل القبائل بلا ضوابط ولا قواعد، وأصبح المتحدث الوحيد فى ليبيا هو صوت الرصاص. ولو كان التدخل الغربى ممثلًا فى حلف الناتو يعمل لوجه الله تعالى، ولصالح حقوق الإنسان الليبى، وللديمقراطية والحرية، لنزل إلى الأرض الليبية لجمع هذه الأسلحة، والسيطرة عليها، والسعى إلى إعادة تشكيل المؤسسات الأمنية التى تحفظ على الدولة الليبية كيانها ووجودها كدولة مدنية حديثة. إلا أنه ترك ليبيا بعد أن دمرها، وترك مخازن السلاح لشذاذ الآفاق يتخطفونها، ثم جرى التدخل بعد ذلك بالتمويل سواء على نحو مباشر أو غير مباشر لإعلاء شأن فئة دون فئة بقوة السلاح، والقدرة على السيطرة، وكان خياره منصبًا على الجماعات الإرهابية المتطرفة التى طفت على سطح الحياة السياسية متصدرة مشهده، فمن ناحية تكون قد تخلصت من هذا الداء الوبيل، ومن ناحية أخرى تكون قد تركت الجسد العربى متقيحًا يأكل بعضه بعضًا، وما زال طحن العظام جاريًا فى ليبيا على قدم وساق.

وتحولت ليبيا من دولة جارة شقيقة مأمونة الجانب إلى برميل بارود قابل للانفجار فى وجه جيرانه فى أى وقت يتم اختياره وتحديده وفقًا للأجندة الغربية / الغربية. وكشف المستور فيما يتعلق بعلاقة الغرب والأمريكان بثورات المؤامرة هو المستهدف، لأن أى حركة للشعوب الثائرة فى أى اتجاه أو مسار مغاير للمسار المحدد فى الأجندة تتم مجابهته، والعمل ضده، بذات الدواعى القديمة / الجديدة التى يجرى اجترارها على مدار الحقب الاستعمارية المتعاقبة.

وهذا ما حدث فى الثورة الشعبية التى أطاحت بنظام الإخوان فى مصر، فقد ألبسوها لباس الانقلاب العسكرى حتى يسهل هدمها بالهجوم عليها والنيل منها ومن قادتها بذات المصطلحات البالية التى يرددونها مع كل انقلاب عسكرى يأتى بمن ليس على هواهم ومزاجهم ومصالحهم، وكل أدبياتهم السياسية تقول إن ما وقع فى مصر ليس انقلابًا عسكريًا، بل ثورة شعبية حمى إرادتها الجيش. وما حدث هنا فى مصر هو هو ما يجرى الآن فى ليبيا، حيث جرت الثورة الشعبية فى مجرى مخالف لما أرادوه وخططوا له بالتفافها حول برلمانها وحكومتها الشرعية، وقد دعم التوجه والسير قدمًا فى المجرى الشعبى بعض الإنتصارات التى حققها الجيش الليبى على المليشيات المسلحة التى تعمل لحساب جماعات بذاتها، وتصب أهداف أجندتها فى ذات إتجاه الأجندة الغربية / الأمريكية، وبدء العلاقات المصرية / الليبية فى الدوران فى الإتجاه الصحيح من خلال الحكومات الشرعية، حتى وجدنا الأمريكان ومن بعدهم الدول الغربية يناشدون الأطراف الليبية ضبط النفس، وعدم الاحتكام للغة السلاح، وهو كلام جيد ويتسم بالعقلانية، ولكن: أين كان هذا الكلام من البداية؟. ثم تطورت اللغة من لغة الرجاء والأمل إلى لغة التهديد والوعيد، بأن من لن يلتزم بما تم المناشدة باتباعه فسيتعرض لعقوبات رادعة سيجرى تطبيقها عليه، الآن وقد خربتموها من قبل، وتركتم أعزة أهلها أذلة؟.

إذن فالقصة ليست قصة ثورة، والمصلحة ليست مصلحة شعوب ثارت على حكامها، وإنما هى مصالح غربية أمريكية يجرى تنفيذها من خلال ثورات سواء حقيقية أو مفتعلة، من خلال أسباب موضوعية أو مصطنعة، تتمثل هذه المصالح فى حرث المنطقة وتقليبها وتقسيمها سياسيًا وجغرافيًا ومذهبيًا، على نحو يخدم هذه المصالح، من خلال أنظمة مهجنة يجرى صناعتها على عينيها، فى إعادة استخراب " استعمار " الشرق الأوسط من جديد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة