أسامة حراكى يكتب: الزعيم

الفن هو معرفة واسعة يمكننا من خلالها القول والتحذير والبحث والانتقال إلى كل المسافات البعيدة التى لا يمكن الوصول إليها بسهولة فى الحياة.

يتوجب على كل من يرغب بنقد أو محاورة أو محاكمة عمل فنى، التحلى بصفات وسمات، من أبرزها الزاد الثقافى والمعرفى والنقدى، لكى لا يتحول رأيه إلى عمل عنفى إقصائى إلغائى أو نوع من الإرهاب الفكرى المرفوض.

مثالاً على ذلك منذ عام وفى مثل هذه الأيام حزنًا كثيرًا عندما تم الحكم غيابيًا بحبس الفنان عادل إمام 3 أشهر وتغريمه ماليًا بتهمة ازدراء الدين الإسلامى فى أعماله، فهذا كان أمرًا مؤسفًا وكلامى لا أوجهه إلى القضاء أو إلى طبيعة التهمة، بل إلى أصحاب العقول الذين لا يخفى على أحد منهم، أن من رفع القضية استغل وقتها التوقيت وما شهدته بلدنا من أحداث، كى يحدث بلبلة مفادها أن وصول الإسلاميين إلى الحكم سيقضى على حرية الإبداع ويفرض قيودًا على الفن.
ولكن بعد صد ورد وأقاويل وتأويلات، أعلنت براءته من التهمة التى نسبت إليه، التى كانت فى نظرى ونظر الجميع مجحفة فى حقه، فأنا أنحاز إلى شخصه وفنه بعيدًا عن الخلط بين الدين والفن، فهو فنان أعماله عزفت فى أوقات عدة على مشاكلنا وهمومنا بشكل كوميدى، وعلينا أن نكرمه لا أن نشكك فيه، ففى أعماله وجد الكثيرون أنفسهم، وعثروا على شخصياتهم الضائعة.. فاستعادوها، وفى أعماله شاهد الشباب الزمن الذى لم يروه، وعثروا على كثير من الأجوبة التى أسهمت فى بلورة الحياة أكثر بالنسبة لهم، إنها مسيرة طويلة ومتشعبة من أحاسيس ومناخات ومساحات واسعة، الفنان عادل إمام قيمة فنية وأنا لا أدافع عنه، لكن عرفانًا لما قدمه طوال مشوار من فن أسعدنا.

وكما يقول الكاتب الفرنسى ألبير كامى "الفن هو ثورة ضد العالم، ضد ما فيه من زائل وناقص، فهو لا غرض له إلا أن يعطى شكلاً آخر لواقع أكره الإنسان على الحفاظ عليه، لأنه ينبوع تأثره".

الفن هو سعادة كاملة وفرح كبير مهما حاولنا وصفه لن نعطيه حقه، والفرح والسعادة لا يعنيان أن الفنان خارج تأثير الحزن، فالحزن هو جزء من هذه الحياة، فمشاهد كثيرة وتفاصيل ترسم خطوط الحزن والألم فى كياننا وأيامنا جميعًا، ولا يمكننا الحياد عنها حتى لو حاولنا ذلك، فكيف الفنانون الذين جسدوا الكثير من هذه الأحزان فى أعمالهم، وكانت ثاقبة ومثيرة أكثر فى بناء المشهد الإبداعى فى العمل.