أكرم القصاص - علا الشافعي

د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: لا تبكِ يا صغيرى

السبت، 25 أكتوبر 2014 08:04 م
د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: لا تبكِ يا صغيرى طفل يبكى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعل تلك اللحظات هى الأشد قسوة فى تاريخ حياتها.. والأشد حرجاً والأكثر إيلاما، بدأت منذ اللحظة التى وضعت فيها صغيرها لتتعرف على مصاعب الحياة دفعة واحدة.

فى البداية الأيام طويلة جافة قاسية لا تمر.. وهى هناك فى مكان بعيد واقفة بصدمة على ضفاف الألم ترتشف من الحزن ما تشاء غير آبهة سوى بالهم الذى عليها أن تستقبله بصدر رحب وتحمله بين ذراعيها بقلب حنون وتتابعه بشغف وأمل..

لكن أين هو الأمل.. وكيف ستتمكن من المقاومة والمثابرة على ما تظنه فوق طاقتها؟!

الأسئلة بداخلها كثيرة.. والحياة فتحت لها باب الشقاء على مِصْراعيه لتتقبل رغما عنها صغيرها الذى أنجبته بكل حب وإرادة بكل حواسها وتعلقت به منذ أن سمعت ذات يوم ضربات قلبه و شعرت بحركاته فى أحشائها..

إنها مشاعرها التى تداخلت فأوهمتك للوهلة الأولى.. أنها لا تريده.. هى ذاتها التى لن تتبرأ منه وأن رأت من الحياة ما لا تطيق..

إنه الحزن على صغيرها.. عندما تنظر إليه بعين الأم.. لتراه بعقله الناقص الذى سيجعله متأخراً فى كل شيء فى حياته.. تراه حُرم الحياة الطبيعية كباقى أترابه.. ما أكثرها تلك الكلمات التى تُتلى على مسامعها تجدد أحزانها.. ما أشد وقع نظرات الشفقة التى تسقط كالسيف الصارم عليها!

وما أصعب عبارات المواساة التى تسمعها بنفس النمط بمناسبة وبغير مناسبة! إنها الحرب التى كُتب عليها أن تخوضها دون أن تستسلم فى أى منعطفاتها..عليها أن تكون دائما فى أهبة الاستعداد.. غير آبهة بشىء سوى أن تقدم لولدها كل ما تستطيع ليحيا حياة أشبه بأن تكون طبيعية.. يعيش فى كنفها طوال حياته لا يخشى من شىء و لا يفكر فى شىء.. ثم إذا حانت منيتها تعاهده أخوته أو من يحنو عليه من أقاربه.. لقد كانت لتكون حياتها سهلة لو كانت فى مجتمع غير هذا.. مجتمع يتقبل أبناءه بكل نواقصهم بل ويكملهم.. مجتمع لا يحاسب الفقير على فقره ولا المريض على مرضه..

يحتوى أبناءه داخل أسواره المنيعة ويحميهم من كل ما يسىء إليهم أو يقلل من شأنهم.. لكن هذا أشبه بضرب من الخيال فهم هنا إما أن يتجاهلوا وجوده وينفروا منه فى كل مناسبة وإما أن يعاملوه بقسوة وعنف يجحفون فى حقه أشد الإجحاف يحاسبونه علی ذنب لم يقترفه وعلی عجز لم يتعمده
محظوظ أنه بعقله الصغير لا يستطيع أن يدرك خجلهم الشديد منه أو سخريتهم القاسية منه
شغلهم الكبر وطمست أعينهم السلامة التى هم فيها وتناسوا أن لا ضمانات لدوام الصحة أو دوام النعمة.. يتعالون وكأنهم قسموا الأرزاق متناسين بغرور وظلم أن لا أحد أيا كان فى عصمة من المرض
وأن الأيام دول ..

آفاتنا يا سادة.. هذا الكبر

نغتر بما تقدمه لنا الحياة دون أن نشفق علی أنفسنا باستخفافنا بلطف الله بنا وبرحمته لنا أن عافانا مما اُبتلی به غيرنا حساباتنا ليست بالضرورة أن تكون مُصِيبِة ومصائبنا ليست بالضرورة أن تكون هى النهاية.

هذا الصغير منحة.. أدركتها أمه بعد أن أحرقتها الأحزان والأشجان والويلات..
منحة ربانية رُزقت به البركة والسعادة ..

وحُميت به من الجفاء والجفاف من مشاعر الصلة والبر والرحمة ..

كم من مُعافى أذاق والديه أشد التمرد و العناد.. وشقيا بسببه أشد الشقاء ..

هذا يا عزيزتى من يجب أن يخجل منه المجتمع ..

أما وليدك فتكفليه بالرعاية والعطف.. يحذو بقرب أصحابه ..

وتقبلى قضاء الله فى صبر يجازيك على إيمانك خير الجزاء فى الدنيا والآخرة ..

فأنت لا تدرين.. ربما يكون ولدك هذا سبباً فى دخولك الجنة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة