محمود عبد الهادى ماضى يكتب: رفقا أيها الإعلام بأبنائنا

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014 10:10 م
محمود عبد الهادى ماضى يكتب: رفقا أيها الإعلام بأبنائنا مبنى الإذاعة والتليفزيون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد اتسعت الفجوة فى هذه الأيام بين الآباء وأبنائهم، وهذه الفجوة قد تصل إلى حد الهوة السحيقة التى لا يُدرك مداها ولا يُعلم أين منتهاها. وتصارعت الأجيال فى حلبة التقنيات الحديثة بما تحمله من تحديات كبرى، وقد تحلقت وسائل التربية حول هذا الصراع وتزيد من حدته، وتؤجج نيرانه.

وقد انتزعت وسائل الإعلام دور الريادة بين وسائل التربية كى تقوم بتدمير هذا الجيل، فأعدت عدتها، وتسلحت بأسلحتها العِضال، لتحتل عقول الشباب فى هذا الجيل والأجيال القادمة؛ إذ تمد عقول شبابنا بكل ما هو مبتذل وردئ.

وحرى بالذكر أن الإعلام يشكل صورة ذهنية سيئة للمثل العليا التى يقدمها للشباب اليوم، فنراه يبرز فقاعات المجتمع من أنصاف الفنانين مطربين كانوا أو ممثلين، ممن لا يستحقون ما يلقبون به، وإذا بالشباب ينساق وراء ما يبثه الإعلام فى هذا الشأن، متخذا هذا – عفوا – الممثل أو المطرب قدوة له، يتمنى أن يكون مثله، حتى يترسخ فى ذهن الشاب أن ما تفعله هذه الفقاعات هو الصواب، فيقلده فى سلوكه وتصرفاته، حتى فى زيه وقَصة شعره، وما إلى ذلك.. ويالها من طامة كبرى!.

وعلى الجانب الآخر نرى أن الإعلام قد طوى من ذاكرة التاريخ صفحات مشرقة لمن يستحقون أن يكونوا قدوة ومثلا أعلى للشباب، ليس ذلك فحسب بل وعمل الإعلام على تشويه صورة تلك المثل وإبرازهم فى صورة غير لائقة، صورة الرجعيين المتخلفين، تلك المثل التى صنعت ذاكرة التاريخ وحضارة الماضى التى يحق لنا أن نفاخر بها الأمم جميعا.

قديما فى جيل الآباء لعب الإعلام دورا فى اتجاه معاكس، حيث إنه لم يقدم للطفل كل ما يجب أن يعرف، حتى إذا بلغ الطفل مبلغ الشباب صُدم بواقع مرير وبحر خضم عليه خوضه، فمن الشباب من يصل إلى بر السلامة بعد صراع شديد مع أمواج عاتية، ومنهم من يغرق فى بحر الجهل المظلم.

أما إعلام اليوم بدوره يجعل الطفل مدركا أكثر مما يحق له أن يدرك، فيكون بذلك أشبه بمن ركب سفينة عملاقة ليمر بها خلال قناة ضيقة لا تتسع لما فيها من أسماك صغيرة.

أما عن وسائل التربية الأخرى مثل الأسرة والمدرسة والشارع والنادى وغيرها؛ فهى أشبه بعرائس خشبية فى يد الإعلام يحركها كيف يشاء.

والطامة الكبرى أن إعلامنا العربى بكل هذه القوة المؤثرة ما هو إلا وصيفا لإعلام الغرب الذى دأب على تدمير كل ثقافة غير ثقافته، وكل فكر غير فكره، وقد ساعده على ذلك ما يمتلكه من فكر منظم، وتقنيات حديثة، وأموال طائلة، ومقدرة على الإبهار.

إن غزو إعلام الغرب لعقول شبابنا سيطر عليهم بما يقدمه من أفلام وبرامج تسعى فى باطنها إلى فكر هدام لكل قيمة سعى الآباء يوما لغرسها فى نفوس أبنائهم.

الشباب هم قادة المستقبل وأمل الغد، إن لم ندرك خطورة ما يبثه الإعلام غربيا وعربيا فى عقولهم، سوف نقضى على ذاكرة الماضى، ونهدم صرح الحاضر، ونطفئ وميض المستقبل.

رفقا أيها الإعلام بأبنائنا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة