كمال حبيب

الإخوان فى تونس ومصر.. تأملات ودروس

الجمعة، 31 أكتوبر 2014 11:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشهد تونس أول انتخابات برلمانية وفق الدستور الدائم والتى ستشكل بعدها الحكومة لمدة خمس سنوات قادمة، وتعد حركة النهضة التى حكمت البلاد بعد الثورة وتنازلت عن الحكم لصالح حكومة توافق وطنى أحد القوى المرشحة بقوة للفوز فى هذه الانتخابات.

ويتقاسم احتمالات الفوز مع حركة النهضة ذات المنزع الإسلامى حزب "نداء تونس" وهو الحزب الذى أسسه رئيس الوزراء الأسبق الباجى قايد السبسى.

يقود حركة النهضة فى تونس رئيس الحركة راشد الغنوشى وهو مفكر عاش فى إنجلترا وعرف قسوة النفى والحكم عليه بالإعدام، وتغيير اسم حركته من الاتجاه الإسلامى إلى حركة النهضة، وهو مشبع فعلا بروح مدنية لمستها من مقابلات معه أثناء مؤتمرات كنا شركاء فيها، كما لمستها من مؤلفاته.

كان الغنوشى واعيا بضرورة تحقيق الوفاق لتونس بين تياراتها الفكرية والسياسية المختلفة وفى الدستور رغم وجود أغلبية للنهضة، فإنه قبل النص على دين الدولة الإسلام دون أن يصر على أن تكون الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريعى، وقال: وحدة تونس ووفاقها أهم عندى من الشريعة التى يمكن أن تكون سببا لانقسامها.

حاولت حركة النهضة أن تستوعب التيارات السلفية الجهادية داخل العملية السياسية، لكنها حين رأت عناد تلك التيارات وتصميمها على اللجوء للعنف تحت مسمى أنصار الشريعة اعتبرتها حكومة النهضة حركة إرهابية وقاومتها، لأن وحدة تونس ووفاقها أهم من المخاتلة الميكافيلية التى تتبرأ من تلك الحركات المتطرفة فى العلن لكنها فى السر تقويها وتدعم خطاباتها وأفعالها.

أهم تحد لتونس الآن على المستوى الأمنى هو تلك المجموعات السلفية الجهادية التى تسمى نفسها أنصار الشريعة وهى التى تتحدى الدولة فى جبل الشعانبى وهى المخزن الذى لا ينضب لمد داعش والتنظيمات المتطرفة فى سوريا.

وهناك ائتلاف الجبهة الشعبية التى تتكون من اثنى عشر حزبا يساريا راديكاليا ومن المنتظر أن تحل ربما فى المركز الثالث بعد الحزبين الكبيرين النهضة ونداء تونس.

النظام الانتخابى فى تونس هو نظام القائمة النسبية، ويشارك فى الانتخابات 1326 قائمة لمرشحين من الأحزاب والائتلافات والمستقلين لانتخاب 217 نائبا، ويبلغ عدد من لهم حق التصويت ثلاثة ونصف مليون ناخب فى ثلاثة وثلاثين دائرة.

لا يوجد قانون للعزل السياسى فى تونس، فالانتخابات يشارك فيها بعض من رموز نظام بن على على قوائم حزب "نداء تونس".

لم تطرح حركة النهضة رئيسا لتونس لا فى أول انتخابات ولا فى الانتخابات الرئاسية القادمة بل إنها تطرح فكرة "الرئيس التوافقى" الذى يجب أن تتوافق عليه القوى السياسية والاجتماعية ولا يقود لمزيد من الانقسام وتعميق الخوف من الآخر.

فى الحالة المصرية لم يدرك الإخوان المسلمون أن حكم المجتمعات مختلف عن حكم الجماعات، وأن قيادة الأمم وسياستها مختلف عن قيادة التنظيمات وسياسات الأتباع التى تقوم على السمع والطاعة والبيعة الدينية.

حين وصل الرئيس الإخوانى للسلطة ظن أن التاريخ قد انتهى وأن لحظة الانتصار قد حانت وتمسك بشرعية إجرائية فرق فيها عن منافسة عدة آلاف من الأصوات، ولم تفلح محاولات التوفيق بين الإخوان وبقية القوى السياسية، وحين تحرك المتمردون لم يشأ الرئيس أن يقوم بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وبعد فوات الأوان نادى الإخوان وحلفهم من التيار الإسلامى بإسقاط الدولة لعودة الرئيس المنتخب، وهم لا يعلمون أن الدول أبقى من الجماعات وأقوى، وأن ماتم تجاوزه لا يمكن أن يعود، فالمياه لا تجرى فى النهر مرتين، تجربة تونس لا تزال تتشكل وهى ماثلة للعيان بعد، وربما نجد ائتلافا يحكم تونس يجمع بين النهضة الإسلامى ونداء تونس الليبرالى العلمانى، فالسياسة ليست عقيدة ولكنها القدرة على التكيف مع الممكن.. فماذا سيفعل الإخوان فى مصر بعد تشكيل الحكومة الجديدة فى تونس؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة