أكرم القصاص - علا الشافعي

القضاء يطبق روح القانون.. إلزام طالبين بالحضور لقسم الشرطة يوميًا لمدة 15 يوما بدلا من حبسهما.. المراقبة أو الغرامة وإيقاف تنفيذ الحكم أبرز البدائل.. يهدف لـ"تكدير المتهم نفسيا" مع الحفاظ على مستقبله

الجمعة، 31 أكتوبر 2014 12:15 ص
القضاء يطبق روح القانون.. إلزام طالبين بالحضور لقسم الشرطة يوميًا لمدة  15 يوما بدلا من حبسهما.. المراقبة أو الغرامة وإيقاف تنفيذ الحكم أبرز البدائل.. يهدف لـ"تكدير المتهم نفسيا" مع الحفاظ على مستقبله محكمة – أرشيفية
كتب محمد عبد الرازق - أحمد مرعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثار القرار الذى أصدره المستشار محمد البغدادى رئيس محكمة مدينة نصر، أمس الخميس، بإخلاء سبيل طالبين بكفالة 10 آلاف جنيه لاتهامهما بتعاطى المخدرات وإلزامهما بتسليم أنفسهما لقسم شرطة مدينة نصر من يوميًا لمدة 15 يومًا من الساعة السادسة إلى الثانية عشرة، لمراقبتهما لضمان عدم عودتهم للإدمان مرة أخرى، العديد من التساؤلات حول العقوبات البديلة ومشروعيتها فى قانون العقوبات المصرى، وعما إذا كانت الحل فى التخفيف من ازدحام السجون والحفاظ على مستقبل الطلبة والشباب.

الواقعة عندما ألقى ضباط مباحث القاهرة القبض على طالبين بحوزتهما 4 أكياس هيروين أثناء استقلالهما سيارة بمنطقة مدينة نصر، وتم إحالتهما إلى النيابة، التى قررت حبسهما 4 أيام على ذمة التحقيق، إلا أن المحكمة أخلت سبيلهما حفاظًا على مستقبلهما، وأمرت بعودتهما إلى القسم كل يوم لمدة 15 يومًا من السادسة إلى الثانية عشرة، وذلك للتأكد من خلوهما من الإدمان بدلاً من حبسهما على ذمة القضية.

فتح هذا القرار الكثير من التساؤلات حول العقوبات البديلة، وتبين أن القانون المصرى فى قانونى العقوبات والإجراءات حمل فى طياته العديد من النصوص التى تسمح للقاضى باتخاذ إجراءات بديلة عن الحبس السالب للحرية، مثل الغرامة وهى عقوبة متبعة لجرائم متنوعة قليلة الخطورة تقع على المجرمين من غير ذوى السوابق، وتتمثل فى "إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ فى الحكم، ولا يجوز أن تقل الغرامة عن مائة قرش ولا أن يزيد حدها الأقصى فى الجنح على خمسمائة جنيه، وذلك مع عدم الإخلال بالحدود التى يبينها القانون لكل جريمة"، وأيضًا وقف التنفيذ يعنى وقف التنفيذ أن تبقى العقوبة معلقة لحين التأكد من التزام المدان بعدم تكرار الجرم، فإذا ما ارتكب الجانى جرمًا مماثلاً أٌلغى وقف التنفيذ وعُوقب على جريمتيه.

وأشار محمد رشوان المحامى، إلى أن تلك الإجراءات أو ما يعرف بـ"بدائل الحبس الاحتياطى" موجودة فى القانون المصرى فى قانون الإجراءات الجنائية تحت باب بدائل الحبس الاحتياطى، والذى نص عليه المشرع منذ سنين مضت إلا أنها نص مهمل أو متروك، وبالرغم من أن هذا لا يصح إلا أنه الواقع، وما يحدث، وأشار رشوان لأنه لابد من تفعيل تلك النصوص المهملة.

فيما قال ياسر سيد أحمد المحامى: "مثل هذا القرار يعرف بالتدابير الاحترازية وهو إجراء تتخذه المحكمة من أجل ألا يختلط المتهمين من ذى طبيعة خاصة "نساء أو صغار السن أو من دون سوابق" مع معتادى الإجرام بالسجون، ولو لكن هذا الإجراء غير متبع فى مصر كثيراً، ويكون مثل عقوبة المراقبة فيكون على المتهم فى تلك الحالة أن يقوم بالذهاب إلى القسم كل يوم والتوقيع فى محضر رسمى من أجل أيضًا التكدير النفسى لإشعار المتهم بجريمته، وأنه أخطأ وأنه تحت مراقبة الشرطة.

وأضاف، أن مصر وقعت العديد من الاتفاقات الدولية التى تنص على استخدام تلك التدابير، ولكنها نصوص مهملة وهذا القاضى أحيى نص مهمل، وله التحية على ذلك، وطالب بتطبيقه أكثر من ذلك، حيث إن التدابير المنصوص عليها فى قانون الطفل فى التشريع المصرى هى تلك المقررة للأطفال المجرمين والمعرضين للانحراف، وقد تناولها المشرع فى القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل، وهم الذين بلغ سنهم سبع سنوات، ويقل عن خمس عشرة سنة، فنصت المادة 101 من قانون الطفل، على أنه يحكم على الطفل الذى لم يبلغ سنة خمسة عشرة سنة إذا ارتكب جريمة التوبيخ أو التسليم أو الإلحاق بالتدريب المهنى أو الإلزام بواجبات معينة أو الاختبار القضائى أو الإيداع فى إحدى مؤسسات الرعاية أو الإيداع فى إحدى المستشفيات المتخصصة.

وتبين أنه يوجد عالميًا أكثر من تطبيق فى عدد من القوانين الأجنبية للبدائل للعقوبات السالبة للحرية، حيث هناك العمل لمنفعة عامة، ويطلق عليها "الخدمة العامة"، والتى تتمثل فى العمل فى مؤسسة اجتماعية أو خيرية أو حكوميه، وكذلك العمل فى منظمة خيرية أو مؤسسة علمية أو كنيسة أو دار عبادة وذلك حسب ثقافة ومؤهل المحكوم عليه، أو دفع مبلغ تعويضى للمتضررين وإرضائهم للتنازل عن الحقوق الشخصية، ومن ثمَّ شراء فترة سجنه أو الكفالة الحضورية أو التعهد بالحضور كلما طلب منه ذلك، أو إيداع مبلغ من المال لدى الخزينة كضمان لاستمراره بتنفيذ العقوبة البديلة وإظهار حسن سلوكه أو النفى أو الإقامة الجبرية بعيدًا عن مكان سكنه أو إقامته أو التعليم، كأن يطلب منه إكمال مرحلة دراسية أخرى أو تطوير إمكانياته العلمية أو المهنية، كالحصول على دورات معينة كالنجارة أو الخياطة والتوبيخ والتشهير واللوم كأن يوبخ أمام أقرانه أو أقاربه أو يعلق قطعة أمام داره تشير إلى قيامه بارتكاب جرم ما بشرط تكون بموافقة المحكوم عليه، وبناء على طلبه، وهناك السجن شبه المفتوح كالإيداع فى قاعة كبيرة يتسع لعدد كبير من المحكومين عليهم تلقى عليهم محاضرات تعليمية وبرامج إصلاحية والتدريب على برامج معينة.

ولتلك الصيغ الخاصة بالعقوبة بغير الحبس أو السجن منفعة وهى "نزع صفة الجرمية" من المحكوم عليه، وذلك عن بعض الجرائم والمخالفات البسيطة، وجعلها مخالفات إدارية ومعاقبة مرتكبيها بعقوبات إدارية ومالية، ومثال لذلك: المادة 11 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، حيث نصت "لا يجوز سجن أى إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدى"، أو الحبس أثناء العطلات الرسمية ونهاية الأسبوع وبهذا يستطيع المحكوم عليه التواصل مع عائلته وعدم ترك عمله، وكذلك يتم مراقبته أثناء فترة الحكم فيما إذا قد استفاد من البرامج الإصلاحية التى ألقيت عليه أو التى تم تدريبه عليها، وفيما إذا كان قد استفاد من هذه التجربة.

كما أن الهدف الأسمى فى تلك العقوبات الإدارية جميعًا هو محاولة تجنب مساوئ السجون، وعوامله السلبية ومحاولة إزالة فكرة الانتقام من الجانى، وبث روح الغفران والتسامح، ومحاولة مسايرة الاتجاهات الحديثة لفكرة العقاب، وأنه وسيلة لتخلص الجانى من ذنبه وإخراجه إلى المجتمع عضوًا نافعًا ليكون بحق العقاب قد أتى ثماره فى إصلاح وتهذيب الجانى وتكفيره عما ارتكبه من فعل.


موضوعات متعلقة:

محكمة تجبر طالبين متهمين بتعاطى مخدرات على الحضور يوميًا لقسم الشرطة









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة