أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الرحمن كمال

التحرش من فوق «موتوسيكل» دراما العنف وعنف الدراما

الأحد، 23 نوفمبر 2014 08:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1 - تمشى الفتاة برفقة اثنتين من زميلاتها ليعبرن الكوبرى الواصل بين الدقى ودار الأوبرا المصرية، وعندما يكن على وشك الوصول للباب يمر تاكسى يطل من نافذته رجل سمين يقول لواحدة منهن «إيه يا جمل يخرب بيت..»، تبدأ المأساة فى الاتساع عندما يكشف المشهد عن أن هناك رجلا بصحبة الفتيات لكنه سابق قدام بصحبة فتاة يبدو أنها خطيبته، ينظر الشاب ناحية السيارة التى خرجت منها الجمل البذيئة ثم لا يتكلم متظاهرا بأنه لم يسمع.

2 - المكان شارع 9، المعادى، الزمان: الرابعة من عصر يوم من أيام إجازات العيد الثلاثة أو الأربعة «أحيانا يبلغ عددهم ستة وهناك رقم قياسى مسجل بأحد عشر يوما»، تمشى الفتيات الثلات اللواتى يعملن طبيبات أسنان فى وزارة الصحة فيعاكسهن خمسة عشر فتى دفعة واحدة، الفتيان تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والثانية عشرة، تشعر الفتيات بامتعاض شديد وتصعب عليهن أنفسهن، ينكأ الموقف الجراح القديمة التى لا يمكن نسيانها، لا رجل ولا ولد ولا بنت، لو تزوجوا لخلفوا عيال قدهم، تخرج الفتيات الثلاثينيات «يطلق عليهن أحيانا عوانس» كل الغضب من المجتمع والناس والظروف فيزعقن بصوت مشترك «انتو بتعاكسونا دا إحنا لو كنا اتجوزنا كنا خلفنا قدكم»، ثم تعالج كل منهن الموقف على طريقتها فتجلس إحداهن لتبكى بينما تتظاهر الأخرى بأنها تواسيها بينما هى تواسى نفسها، يجرى العيال فى الشارع لما تستخدم الثالثة درعا عجيبا فتقول «إحنا دكاترة ياله إنت وهو».

3 - تمشى الفتيات الصغيرات على جانب الطريق فى شارع البطل أحمد عبدالعزيز، يمضى شاب بموتوسيكل من جانب إحداهن ثم يقول كلمة، تسبه الفتاة بشكل يفوق المعتاد ثم تكتشف فجأة أنها لا تستطيع فعل شىء أكثر من ذلك، وأنها على الرغم مما فعلته لم تأخذ حقها، تقف فجأة لما يضغط عليها الألم الداخلى، ثم تبكى وتعلن اعتراضها على الموقف بأداء حركات انفعالية.

4 - يمر سائق التاكسى مستقلا سيارته الجديدة بجوار فتاة بوسط البلد ثم يعاكس مستخدما انفعال الوجه المبتسم، لا ترد، فيكرر محاولته فتوجه له إهانة بالغة تقلب الموقف رأسا على عقب، يشعر الشاب بالغضب فيلاحقها فى الملف لشعوره بأنه لم يعاكسها كما ينبغى وبأنها قلت أدبها عليه، يتحول التحرش إلى عقاب، يمعن فى إطلاق الألفاظ الخارجة المبالغ فيها بقصد الإهانة، الموضوع خرج عن السيطرة وبات شخصيا، تنظر الفتاة حولها محاولة إيجاد مخرج فترى ظلا لضابط، تجرى ناحية السراب فتكتشف أنه حقيقى، تخبره بما حدث فيتحرك ناحية الشاب الذى لم يجد فكاكا، فالإشارة كانت واقفة، فى المشهد التالى تقف مجموعة من النسوة ليتحايلن على الفتاة للتنازل عن المحضر لكنها ترفض وبإصرار، تكتمل أركان القضية فيضيع مستقبل سائق التاكسى.

5 - فى مكان وزمان آخرين قال جابر نصار رئيس جامعة القاهرة إن الفتاة التى تعرضت للتحرش فى الجامعة كانت تلبس ملابس ساعدت على سقوطها فى المحنة، بينما قال رئيس شرطة مكافحة العنف ضد المرأة قبل العيد بأيام إن الإدارة الجديدة جاهزة للتصدى للمتحرشين لكنه قال إن الفتيات عليهن تجنب الملابس الصاخبة!، لكنه لم يحدد بالضبط ما يعنيه بكلمة «الصاخبة»، ما يمكن ملاحظته بسهولة أن كلا المسؤولين يحملان الفتيات جزءا من المسؤولية، فما بالنا برجل الشارع؟الإجابة واضحة، ثلاثة أرباع الناس يعتقدون فى قرارة أنفسهم «بعيدا عما يعلنونه» أن ارتداء الفتيات للملابس الصاخبة يمثل الجزء الأكبر من المشكلة «%60 منهم يعتقدون فى قرارة أنفسهم أن الفتيات يستحققن ما يحدث لهن».
6 - مجتمع الألفية الجديدة تفكك قبل أن يبدأ، وتفاعلت مكوناته فى القاع فظلت كل أزماته تتوهج تحت الرماد طوال عقود قبل أن ينفجر بركان الثورة ليخرج كل ما فى القاع من فوهة ضيقة، التحرش ليس خارجا عن هذا السياق، فكل ما يحدث الآن كان يحدث فى السابق لكنه كان فى القاع متواريا، وانفثأ مرة واحدة متدافعا مع مفردات القبح الأخرى، وكل ما يمكن فعله الانتظار لسنوات حتى يخرج البركان حممه للتأسيس لواقع جديد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

ممدوح شفيق

عادى يا استاذ عبد الرحمن

عدد الردود 0

بواسطة:

سامى الفضالي

جدا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة