أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد بان

رسائل الأمل فى مواجهة رسائل اليأس

الأحد، 23 نوفمبر 2014 11:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أفهم أن تسعى جماعة الإخوان بعد خروجها من الحكم، إلى أشاعة مناخ من اليأس والإحباط من توجهات النظام السياسى الجديد، الذى قضى عليها وأزاحها عن حكم مصر، لذا ليس مستغربا أن تحفل مواقع الجماعة ووسائطها بالحديث عن الأزمات الحياتية التى تواجه الناس والتخبط فى السياسات على المستويين الداخلى والخارجى، وتصوير الحياة فى مصر بأنها تحولت لجحيم، وأن الماضى يعود برموزه وشخوصه وسياساته، وأن شيئا لم يتغير، وأن النظام الجديد أتى ليمكن النظام القديم، وأن كل ماثار عليه المصريون فى 25 يناير عاد من جديد، فهاهى الشرطة تعود لنفس أساليبها القديمة فى التعذيب والتنكيل بالمتهمين والأبرياء معا، فى هذا السياق لفتتنى إشارة من صحفية، حدثتنى أنها رصدت موقفا إيجابيا من الشرطة، أثناء القبض على أحد المشتبه بهم عند وجوده بجروبى وسط البلد، حيث كان يحرض الشباب على النزول والتظاهر فى ذكرى محمد محمود مؤخرا، حيث قامت الشرطة بإغلاق أبواب المكان وتعاملت برقى وأدب شديدين مع الموجودين، ولم تمتد يد بالإيذاء لهذا الشاب، بل تم القبض عليه بشكل قانونى تماما ودون أى تجاوز، حدثتنى الصحفية الشابة أنها مترددة فى كتابة شهادتها تلك، حتى لاتتهم بموالاة النظام السياسى، فى ظل موجة شبابية غاضبة عليه، فقلت لها بل على العكس يجب ألا نحلق مع دعاية الإخوان فى حجب كل فضيلة، وإفشاء كل رذيلة، كما يحاول الإخوان الذين يتناقلون فضائح أخلاقية لشرائح من الشعب، كانت موجودة فى كل زمان وأظنها ستبقى، لكنها ليست دليلا على دولة تتسامح مع الرذيلة، أو تسوقها كما تدعى أبواقهم، ومن ثم حرضتها على نشر شهادتها لكى أقاوم نزعة تبدو الأقرب لنفوس المصريين هى التشاؤم، والتشكيك فى كل شىء.

الشرطة استفادت من تجربة 25 يناير، وعودة الماضى مستحيلة لسببين، الأول أن الشعب كله لن يقبل عودة الماضى، الثانى أن النظام الجديد يجب أن يفهم درس يناير، وأظنه فهمه جيدا، تعتمد الدعاية الإخوانية فى نشر اليأس على حركة عناصر الجماعة فى كل مكان بشكل طبيعى، حيث يعتبرون الدعاية السلبية والسوداء ضد النظام لونا من ألوان الدعوة إلى الله، فهم وفق تصورهم ينبهون وعى الناس، ويحثونهم على الثورة ويملأون نفوسهم بالغضب تمهيدا للحظة ينتظرونها، عندما يكفر الناس تماما بجدوى النظام الجديد، ويعتقدون أن الفوضى هى البديل الأفضل مقارنة بهذا النظام، يسعى أفراد الجماعة كل على مسار حياته للحديث عن مثالب النظام، والتشكيك فى كل إنجاز، وتكبير كل خطأ وتسليط الضوء على أى إخفاق فى إدارة أى مرفق من مرافق الحياة اليومية، ولايخلو الأمر من بعض أجنحة الجماعة التى تنفذ عمليات لتفجير أعمدة كهرباء أو غيرها، والابتهاج بكل عملية ضد الجيش والشرطة التى يسمونها فى وسائطهم الإعلامية، ميليشيات السيسى، وهو تعبير جديد لم يسبق أن استخدمته الجماعة حتى فى مواجهة عبد الناصر أو السادات أو مبارك، رغم أنها نفس الشرطة، وهو نفس الجيش بالغ الإخوان فى الخصومة مع النظام إلى حد الفجر.

ولم يتورع النظام بالمقابل عن الرد، وهو ما عزز دعاوى الإخوان ومظلومياتهم التى يعتمدونها جسرا لمشاعر الناس وعواطفهم، الإخوان يعملون على الجهاز العصبى للشعب المصرى، المنهك أصلا بمزيد من الإنهاك، حتى يدفعونه للجنون الذى يمر عبر الإحباط واليأس اللذين هما وقود الغضب العارم والمجنون، الذى مازالوا يراهنون عليه، تابع خطاب الأفراد أو الكيانات أو إخوان الخارج، ستجده خطابا تيئيسيا يزرع الإحباط فى كل شبر من أرض مصر، كل هذا قد يبدو مفهوما فى إطار أساليب الجماعة الإجرامية، التى توسلت بالدين كسلاح فى معركة سياسية، حولتها فى وعى أنصارها إلى معركة دينية، وبالتالى لن تتورع عن استخدام أى سلاح آخر من الشائعات والأكاذيب، لكن ما لا أفهمه وما ينبغى أن يفسره لنا النظام، هو كيف يتشارك مع الجماعة استثمارها فى صناعة اليأس، الذى تنتجه تصرفات بعض المحسوبين عليه، مثل إظهار العداوة والهجوم على ثورة يناير، وبروز أحاديث متصلة ولاتبدو عشوائية حول كونها مؤامرة، وشيطنة كل من شارك فيها، واغتيال رموزها واحدا تلو الآخر، دون أن يخرج خطاب قوى وواضح، يكف تلك الألسنة ويجرم فعلها، نصل إلى أهداف الثورة التى لخصتها شعاراتها عيش حرية عدالة إجتماعية كرامة إنسانية، تخرج تصرفات الحكومة وسياساتها عكس تلك الشعارات، مثلا هل تتفق التوجهات
الاقتصادية مع الدستور الذى حمى هذا الهدف من أهداف الثورة بنصوص قطعية واضحة، أم تتعارض معها تعارضا واضحا؟. بدا أداء الحكومة فى الشهور الماضية حريصا على احترام القانون، وعدم الاستجابة لمشاعر الشارع الغاضبة، التى كانت تحثه على إجراءات استثنائية خصوصا فى حكومة الببلاوى التى ضمت من رموز الثورة الرجل الوطنى المحترم زياد بهاء الدين، الذى شيطنه الإعلام، واغتال سمعته دون أن يتحرك النظام لنصرته أو الدفاع عنه، ثم خرج فى الأخير من الوزارة مما عزز الشعور بإبعاد رموز ثورة يناير، لحساب رموز مبارك كالجنزورى، هل طرح الحكومة لشقق تبنيها فى المدن الجديدة بأسعار تتعدى نصف مليون جنيه، لتشعل سوق العقارات وتترك الشعب فريسة لأباطرة الأراضى والعقارات، مما يفتح أبواب الأمل ويعزز الشعور بالعدالة الإجتماعية ؟ هل رفع أسعار السماد وترك الفلاح يمارس تلك المهمة المستحيلة الزراعة، مما يخدم الأمن الغذائى الذى هو أحد محددات الأمن القومى ؟ هل ترك المواطن فريسة للقطاع الخاص فى كل الخدمات مما يخدم العدل الاجتماعى ويتواءم مع ما قطعه الرئيس على نفسه من تدخل الدولة لحماية المواطن من جشع التجار؟

هل التأخر فى إنجاز انتخابات البرلمان لتبقى مصر لثلاثة أعوام بلا مجلس تشريعى ورقابى، مما يجسد سيادة الشعب؟ أو يعزز الشعور بالحرية والديمقراطية؟ وبالرغم من أن الدولة حددت موعدا لانتخابات البرلمان، فلم تحدد موعدا لانتخابات المجالس الشعبية المحلية، ولم يخرج تشريع متوافق عليه للانتخابات، بل إصرار على قانون تقسيم دوائر يطبخ فى سرية، ودون حوار وطنى كاف، بما يعزز شعور بحدوث حالة انقطاع زمنى بين ما كنا نشهده فى أعقاب انتصار المشاهد الأولى للثورة، والمشاهد الآن التى تعزز ما حذرنا منه من شعور النظام بحاجة إلى إرسال رسائل الأمل للشعب،التى تبدأ بالوفاء بما قطعه على نفسه من تعهدات فى خارطة المستقبل، وأولها الحوار الوطنى، والعدالة الانتقالية التى هى القواعد الخرسانية لبناء دولة مدنية حديثة راسخة، ودونها نحن نبنى على قواعد خائرة قد تهدمها أقل ريح، قوانين مباشرة حقوق سياسية لاتقصى أحدا ولا تصطفى غيره، بل تترك ذلك للشعب الذى أثبت أن وعيه أفضل من وعى من يحكمونه عبر عقود، وحقوق اقتصادية واجتماعية تهتدى بشعارات الثورة ولا تقفز عليها، وفريق رئاسى منتمٍ لمزاج الثورة وليس للماضى، هذه بعض رسائل الأمل التى ينبغى أن تقطع طريق الإخوان نحو مزيد من شق الصف الوطنى من خلال إشاعة اليأس، أيها النظام.. قاوم يأس الإخوان برسائل الأمل التى أثق أن الشعب سيترجمها على نحو صحيح.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة