براء الخطيب

كبوش التوت من وادى شحرور.. دبكة لموت صباح

السبت، 29 نوفمبر 2014 06:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس كما يرتحل الجميع ارتحلت، كما تموت البهجة ماتت، ولم تخلف غير أغان طاعنة فى السن وصورة باللون الأسود والأبيض على شاشة فضية، خلف نعشها سوف تسير أرواح عشرات العشاق، وتسعة أزواج سابقين، وآلاف من طيور الشحرور قادمة من حى «الفغالية» فى «وادى الشحرور» قضاء بعبدا فى جبل لبنان، آلاف من طيور الشحرور تشم الآن رائحة كفنها الأنيق الذى لم يخيطه لها «كريستيان ديور» ولم يعطره «جى لاروش»، كفن من أغنيات – جينا نبيع كفوف التوت... ضيعنا القلب فى بيروت – وعطر من عصير أوراق شجر الحور والأرز والسدر والسنديان وأصوات أجراس كنائس «دير مار تقلا»، و«مار يوحنا المعمدان» وآلاف الأطفال كانت طفلة بينهم من بلدات «بدادون»، و«حومال»، و«بليبل»، و«كفرشيما» و«المرداشة»، و«بسوس»، و«حارة الست»، الآن يصير الموال نشيدا للفناء، والعتابا أغنية للأبدية، تبكيها الآن عائلات وادى شحرور، كل العائلات: «الأسطا، أبومراد، أبى راشد، أبونحول، أبى رميا، أبوواكد، أغناطيوس، باروكى، بدران، الجاموس، حبيب، الحلو، خليفة، الخير، الخورى، الديب، زيدان، سعادة، سالم، شكّور، شلوق، شدياق، الشمّاس، طبيجى، طقشى، عسّاف، عازار، غزال، الغاوى، فغالى، كامل، ملتقى، منصور، مقبل، نمر، نصر، الهليّل، الهبر، يارد». لن يعمرى. سنوات عمرها أحد منهم، ولن يتندر منهم أحد على باروكتها التى تخفى تحتها شعرها المصبوغ، كما تندر عليها الآخرون لأنهم لم يغنوا معها «ساعات ساعات.. أحب عمرى... واعشق الحاجات»، لأنهم لم يعرفوا العشق ولم يعشقوا الحياة، هى التى عرفت العشق وعشقت الحياة. بالأمس ماتت «جانيت جرجس فغالى» الشهيرة بالمطربة «صباح الشحرورة» التى حملت اسم وادى ولدت وعاشت فيه طفولتها قبل أن تستقدمها المنتجة «آسيا داغر» للقاهرة لتغنى فيها، حيث فاجأتها الشهرة وأنفاس ذئاب العشق، وسحر كاميرات السينما لتنتهى بها حياتها، وهى تغنى آخر الأغنيات «يانا يانا يانا يانا / فى حبيبى أمووت انا/ أمووت انا بحبيبى / أموت انا بلهيبى / وعذابى لحبيبى / وحبيبى ما دارى بى / علشانه امووت انا»، الموت هو الحقيقة الراسخة لكل حياة، سواء كان موتا فى الحبيب أو للحبيب، أو موتا فى الشيخوخة، لكنه الموت، وتبقى الأغنيات تقاوم الموت دائما وتترك فى أودية القيظ دمعة، والهوى بين ظلال شجر السدر، وحريق العشق ثيابا لأغصان شجر الحور، غسلوها بعطر المراثى فقد أشاعت البهجة فى كل ليال الممرات المشتعلة بطلقات الرصاص فى الحرب الأهلية وشوارع بيروت.

كانت تكفى بسمةٌ منها لتؤكد أنّ الأمل متاح، تكتب ابنة شقيقتها «كلودا عقل» تنعيها: «الصبوحة اليوم راجعة على ضيعتناعلى الأرض اللى حبّتا وحبتا، الصبوحة اليوم راحت على السماء، عند الرب الكبير، راحت عند أهلها وأخواتها اللى اشتاقت لهن كتير، صباح الحياة، صباح الفرح، صباح الابتسامة المشرقة دايما، صباح الضحكة المرسومة بأصعب الأوقات بتودعكن وبتقلكن ما تبكو وما تزعلوا عليى وهيدى وصيتى الكن قالتلى قوليلن يحطوا دبكة ويرقصوا بدى ياه يوم فرح مش يوم حزن بدى ياهن دايما فرحانين بوجودى وبرحيلى متل ما كنت دايما أفرحهم وقالتلى أقول لكم إنهها بتحبكن كتير وإنو ضلوا تذكروها وحبوها دايما»، يا أحباب الصبوحة، الصبوحة ما عادت موجودة معنا بجسدها فى هاللحظة، حتى فى رحيلها كانت هنية ومتل النسمة وما زعجت حدا ولا تعبت حدا، الصبوحة رحلت بالجسد بس راح تظل موجودة بقلوبنا إلى الأبد، راح نشتقلك كتير كتير كتير يا حبيبتنا بنحبك صبوحة وما رح ننساكى أبدا أبدا».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة