بالفيديو.. الإهمال يحاصر الموتى.. مشارح مصر بلا نظافة ولا تهوية وثلاجاتها معطلة.. ومشرحتا «أوسيم» و«الموظفين» مغلقتان.. و«كوم الدكة» تائهة بين «العدل» و«الصحة».. و«طوخ» تعمل بمساعدة أهل الخير

الجمعة، 12 ديسمبر 2014 11:51 ص
بالفيديو.. الإهمال يحاصر الموتى.. مشارح مصر بلا نظافة ولا تهوية وثلاجاتها معطلة..  ومشرحتا «أوسيم» و«الموظفين» مغلقتان.. و«كوم الدكة» تائهة بين «العدل» و«الصحة».. و«طوخ» تعمل بمساعدة أهل الخير الإهمال يحاصر الموتى
كتيت - رانيا فزاع - أحمد أبو حجر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
6 نوفمبر 2014: «عامل بمشرحة دمنهور يلقى بأشلاء جثث تلاميذ حادث أتوبيس البحيرة خارج المشرحة».

16 أغسطس 2013: «رصيف مشرحة زينهم يستقبل مئات الجثث، ولا توجد أماكن كافية داخل الثلاجات لحفظ الجثث قبل تشريحها».

الفارق الزمنى بين المشهدين السابقين عام تقريبًا، ووجه الشبه الوحيد بينهما هو أن كليهما وقع داخل «مشرحة»، ويبرز ما تعانيه كل منهما من نقص فى الإمكانات، والأدوات اللازمة لحفظ الجثث والتشريح.

«اليوم السابع» أخفت هويتها الصحفية وزارت مشارح مستشفى الدمرداش، ومستشفى الموظفين بإمبابة، ومستشفى أوسيم، ومعهد الأورام، ومستشفى طوخ، وبنها التعلمى، وكوم الدكة، وزينهم، واطلعت من طرف خفى على أوضاعها المتردية.

وأول مشكلة كشفتها «اليوم السابع» هو أن عدم تبعية المشارح لجهة حكومية واحدة يؤثر سلبًا على الإمكانات المفترض أن يتم توافرها بها، إضافة إلى أن مشارح المستشفيات بالمحافظات تعانى بشكل أكبر مما تعانيه مثيلاتها فى القاهرة والجيزة. تبعية المشارح تتقاسمها جهتان، هما وزارة العدل، بينما يتبع القسم الآخر وزارة الصحة، فتتبع المشارح بالمستشفيات وزارة الصحة من حيث الثلاجات الخاصة بحفظ الجثث، فى حين يتبع أطباء الطب الشرعى المنتدبون بها للتشريح مصلحة الطب الشرعى، ممثلة فى وزارة العدل.

«الدمرداش».. الثلاجة لا تكفى لحفظ الجثث
بين ثلاجات لا تعمل، أو مشارح مغلقة، أو تحفظ شديد فى الحديث، أو رغبة فى التطوير كانت جولتنا التى بدأت بمستشفى الدمرداش.. أخفينا هويتنا الصحفية، ودخلنا للثلاجة المخصصة لحفظ الجثث فى المستشفى، الثلاجة التى يتراوح عمرها بين 8 و10 سنوات ومؤهلة لاستيعاب 6 جثث فقط هى المكان الوحيد المخصص فى المستشفى لحفظ الجثث، أو تشريحها إذا لزم الأمر.
الرائحة الكريهة، وعدم الاهتمام بالنظافة بشكل كبير، هما أول ما يلفت نظرك داخل المشرحة التى يقول العامل المسؤول بها، والوحيد الذى وجدناه وقت زيارتنا للمشرحة، إن أغلب الإمكانيات الموجودة فى المكان هى تبرع من أهل الخير.

التهوية داخل المشرحة من الممكن وصفها بالجيدة، وتوجد مروحتان فقطا ولا توجد شفاطات تهوية فى المكان.

أكد العامل أن المكان المخصص لحفظ الجثث ضيق، ولا يكفى فى الكثير من الأحيان للحفظ، وأنه كثيرًا ما يأتى صباحًا ويجد جثثًا ملقاة على الأرض، لأن الثلاجة بها 6 أبواب فقط، 3 منها مرتفعون ومن الصعب وضع الجثث بها، مما يضطره لاستخدامها فى وضع الأطفال بها فقط أو الجثث المبتورة.
تفتقر الثلاجة إلى طاولات للغسل، إذ توجد بها واحدة فقط، وهم فى حاجة إلى واحدة أخرى لتساعدهم على العمل مع الضغط، وتعانى المشرحة أيضًا من أزمة الجثث المجهولة التى تظل بالثلاجة فترة طويلة، مما يؤدى إلى ازدحام الثلاجة.

مشرحة الدمرداش
مشرحة الدمرداش

«أوسيم المركزى».. المفتاح مع العامل خارج المستشفى
كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحًا حينما احتاج محمد، أحد أهالى مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة، إلى عامل المشرحة بالمستشفى المركزى بأوسيم، وقف محمد نحو ساعة إلا الربع أمام باب حديدى وضعت عليه الأقفال فى انتظار عامل المستشفى المكلف بالعمل فى المشرحة.

ينتظر متسائلاً: أين ذهب عامل المشرحة؟ فيأتيه الرد من مُسنة تعمل بالمستشفى: «لف من ورا وشوف من الشباك يمكن يكون معاه حالة جوه وبيغسلها»، ينفذ ما سمع، لكنه لا يجد أحدًا داخل المشرحة سوى روائح كريهة منبعثة من شباك المشرحة، يتجه نحو عامل الاستقبال فيخبره بأن عامل المشرحة خرج وأخذ مفتاح المشرحة معه.

هكذا كان الوضع فى مستشفى أوسيم المركزى، وبحسب أحد المصادر فإن ثلاجة حفظ الموتى بالمستشفى ظلت معطلة لنحو 15 يومًا قبل أسبوعين من إجراء هذا التحقيق، ويضيف: حينما لا تكون هناك حالات فى المشرحة يضطر عامل المشرحة للخروج، معتمدًا على وجوده فى محيط المستشفى، ويأتى بعد إجراء اتصال هاتفى به، وقد يستغرق ذلك نحو ساعة من الوقت.

مشرحة «طوخ المركزى» بلا تهوية والقمامة تسد أبوابها
الوضع فى مستشفى طوخ المركزى، التابع لمحافظة القليوبية، لم يختلف كثيرًا عن سابقه، فباب ثلاجة حفظ الموتى ظل مغلقًا لنحو نصف ساعة، لكن أحد العاملين بالمستشفى قال إن العامل يقوم بتغسيل متوفى، ولم ينته منه.

أمام باب المشرحة تجمعت بعض الأكياس البلاستكية والنفايات مكونة أكوام صغيرة من القمامة، بداخلها كانت الشروخ قد ظهرت بشدة فى الأسقف الخرسانية للمكان، فى حين وضع محمود، عامل المشرحة، قطعة من القماش على الشباك الزجاجى الذى تحطم نتيجة الاعتداءات المتكررة عليه، وحتى لا يرى أحد الجثة خلال عملية التشريح، فيما ظلت مروحة السقف تعمل لعدم وجود تكييف أو شفاط هواء بالمكان، بحسب عامل المشرحة.

محمود الذى فرغ لتوه من حاله غسل متوفى جمع ملابس الجثة فى كيس بلاستيكى فى انتظار رحيله مع أقارب المتوفى، وغطت أرضية المكان بقع من المياه التى استخدمها العامل فى عمله فى حين تجمعت بعض البقايا أسفل حوض المياه.

محمود، عامل المستشفى، قال إن كل ما يوجد داخل المشرحة من أدوات إضافية كسخان المياه، هى تبرعات من أهل الخير، بالإضافة إلى التعطل المستمر للثلاجة، مضيفًا أنه لم يعد هناك تشريح بالمستشفى، لكن يتم نقل الجثث إلى مستشفى بنها التعليمى ليقوم أطباء الطب الشرعى بتشريحها هناك.
الأطباء الشرعيون بالقليوبية لا يكْفون

فى مصلحة الطب الشرعى بمحافظة القليوبية هناك مدير و3 من الأطباء فقط، هم القائمون على التشريح وإعداد التقارير، قبل عام اقتصر التشريح على مستشفى بنها التعليمى بعد أن كان الأطباء ينتقلون إلى المستشفيات المختلفة بالمحافظة.

ثلاجة مشرحة الدمرداش
ثلاجة مشرحة الدمرداش

وبحسب أحد الأطباء بالمصلحة فإن عددًا كبيرًا من ثلاجات المستشفيات تعانى تعطلًا أو توقفًا بما يؤثر على حالة الجثث، والجروح الموجودة فيها.

ويضيف الطبيب- الذى رفض ذكر اسمه- أن هناك ضغطًا فى العمل ليس بسبب الأحداث السياسية والتظاهرات التى عمت البلاد خلال الفترة الماضية، لكن بسبب قلة أعداد الأطباء الشرعيين الميدانيين، معتبرًا أن هذا يجعل الضغط رهيبًا على الطبيب، حيث إنه مطالب دائمًا بإنهاء التقارير بسرعة، بما قد يخرج الطبيب عن تركيزه ويوقعه فى أخطاء.

ويضيف: تواجهنا فى المشارح مشاكل قلة الإمكانيات التى تعيق العمل وتؤخره، مثل ضعف الإضاءة داخل المشرحة، وعدم صلاحية طاولات التشريح، بالإضافة إلى وجود عامل وحيد للمشرحة، وأيضًا عدم وجود مكان مجهز للأطباء حتى يتمكنوا من كتابة تقاريرهم.
مشارح مغلقة

فى مستشفى الموظفين بإمبابة لم يختلف الوضع كثيرًا، فالمشرحة كانت مغلقة أيضًا وقت وصولنا إليها، إضافة إلى أننا انتظرنا العامل المخصص الذى معه مفتاح المشرحة، حتى قدم لنا أحد الموظفين وحاول الاتصال به، فسأله عن اسم الجثة التى نبحث عنها فقط، وأجاب بعدم وجودها، ولم يكلف نفسه عناء البحث.

الوضع داخل مستشفى الموظفين لا يعتبر غريبًا وفقًا للنظام المعمول به داخل المشارح التى غالبًا ما تكون مغلقة، ويحتفظ العامل بالمفتاح، ويتوجه به كما يريد، حتى مجىء جثة، عندها يطلبون منه أن يأتى.
انطلقنا من مستشفى الموظفين إلى معهد الأورام، وهو أحد أكبر الأماكن التى تستقبل مرضى يوميًا.. حال الثلاجة المخصصة للكشف لم يكن جيدًا إلى حد كبير، ولا حتى المشرحة التى افتقرت إلى النظافة المفروضة، إضافة إلى أن الثلاجة بها 9 أبواب فقط، وتعمل بها موظفتان مسؤولتان عن الكشف عن أسماء الجثث المجهولة، والبحث عنها فقط.

زينهم تتطور
من مشارح المستشفيات إلى مشرحة زينهم، وهى المكان الرئيسى لاستقبال الجثث وتشريحها فى محافظتى القاهرة والجيزة، مشرحة زينهم تم تطويرها الآن، مقارنة بوضعها بعد ثورة 25 يناير وأحداث رابعة العدوية.

التطوير بالمشرحة شمل زيادة عدد الثلاجات المخصصة لحفظ الجثث، وإضافة ثلاجة أخرى للتجميد بدلًا من اقتصار الثلاجات الموجودة بالمشرحة على التبريد فقط، وهذه كانت واحدة من أهم المشاكل التى تقابل الجثث المجهولة بالمشرحة، والتى تنتظر لفترة طويلة لحين عرضها على النيابةو مما يعرضها للتعفن داخل ثلاجات التبريد، إضافة إلى تغيير دهانات حوائط المشرحة، وتغيير الأرضية بأرضيات جديدة، مع تخصيص مكان لاستقبال أهالى المتوفين، وفصل المكان المخصص للتشريح عن المكان الموجودة به الجماهير.

مشرحة مستشفى اوسيم
مشرحة مستشفى اوسيم

الأطباء الشرعيون يهربون للخليج
عن وضع الطب الشرعى فى مصر، ومشرحة زينهم، يقول الدكتور هشام عبدالحميد، المتحدث باسم المصلحة: «إن الإمكانات التى توفرها وزارة العدل لمصلحة الطب الشرعى جيدة، لكنها تحتاج لمزيد من التطوير، لتواكب زيادة معدل الجرائم فى مصر، إضافة إلى تطوير المعدات اللازمة للتشريح».

وأضاف «عبدالحميد»: «مصر دولة رائدة فى مجال الطب الشرعى، والوضع بها جيد جدًا، لكن تحتاج إلى عوامل جذب للأطباء الشرعيين للاستقرار فى مصر، خاصة أن عددًا كبيرًا منهم يسافر للعمل فى الخارج فى دول الخليج التى تعرض عليهم رواتب أعلى».

ويؤكد «عبدالحميد»: «لدينا أمل فى إصلاح الموازنة، ونتوقع أن مصلحة الطب الشرعى بما قامت به من مجهود ضخم خلال الأحداث من وقت الثورة حتى الآن سيتم النظر إلى احتياجاتها بمجرد أن تتحسن ميزانية الدولة».

أزمة الجثث المجهولة التى كانت واحدة من أهم عوائق مشرحة زينهم فيما قبل تم التخلص منها الآن كما يقول «عبدالحميد»: «كانت أزمة الجثث المجهولة أساسية فى المشرحة، لأن الجثمان كان يمكث فى المشرحة لمدة شهر، والثلاجات الموجودة ثلاجات تبريد فقط، وبالتالى لا تصلح لحفظ الجثث لفترة طويلة، فالجثمان بعد مرور ثلاثة أو أربعة أيام على وجوده بالثلاجة تبدأ به مظاهر التعفن، وبعض ثلاجات التجميد الموجودة حاليًا بالمشرحة اختفت بها هذه المشكلة».

ويتابع: إضافة إلى التطوير الذى تم إجراؤه فى البحث عن الجثث المجهولة من خلال نشر صور لها فى إحدى الصحف المصرية، لكن بعد مرور شهر على الإعلان قمنا بدفنها مباشرة فى مقابر الصدقة. ويوضح المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعى أن المشرحة تستطيع حفظ 120 جثة، وهذا رقم جيد، لكنها لا تستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من الجثث إذا حدثت حادثة كبيرة، فلابد من زيادة العدد.

وأكد «عبدالحميد» أنه يخطط لإقامة مبنى مكون من ثلاثة أدوار بمساحة حوالى 500 متر، مكون من طوابق، ويصل عدد الثلاجات المخصصة للحفظ به إلى 300 ثلاجة، وتصل تكلفته إلى 15 مليون جنيه، وهو مبلغ من الصعب توفيره الآن.

التعامل بين مصلحة الطب الشرعى والمحافظات يتم كما يقول «عبدالحميد» من خلال مكاتب المصلحة هناك، ففى كل محافظة يوجد قسم طب شرعى باستثناء محافظات الوداى الجديد، وشمال سيناء، ومحافظة السويس، ولكن بقية المحافظات بها قسم للطب الشرعى دوره الكشف على المصابين.

ويسعى «عبدالحميد» كما يؤكد إلى توفير 1000 متر بكل محافظة لإقامة مشرحة بها ثلاجات وطوابق ومعامل، بحيث تجمع كل متطلبات المشرحة فى نفس المكان، ولكن هذا أمر من الصعب تنفيذه لأن المحافظات ليس لديها الإمكانات اللازمة لذلك، والمحافظة الوحيدة التى استطاعت توفير المساحة اللازمة هى محافظة قنا. هذا الحل البعيد المدى الذى يسعى «عبدالحميد» لتنفيذه سيساهم- فى رأيه- فى حل أزمة مشارح المحافظات التى لا تتبع مصلحة الطب الشرعى، ويقتصر عمل المصلحة بها على الأطباء الذين يذهبون لتشريح الجثث، أما كل ما يخصها فيتبع وزارة الصحة، أو وزارة التعليم العالى إذا كانت المستشفى تتبع الجامعة، وبالتالى فهى ليست مسؤوليته.

معدل الخطأ فى تقارير الطب الشرعى وفقًا لـ«عبدالحميد» تبلغ نسبته واحداً فى الألف، لكنه لا ينفى حدوثها، موضحًا: «الخطأ وارد مادام ما يقوم بها بشر، ونحاول أن نقلل معدل الخطأ».
وأشار «عبدالحميد» إلى أنه حدث تدنٍ لسمعة الطب الشرعى فى السنوات الخمس الأخيرة بعد قضية خالد سعيد بسبب سوء اختيار رئيس المصلحة الذى تسبب فى نقل صورة بأن الطب الشرعى مُسيّس، معتبرًا أن الأمر يتحسن الآن.

ونفى «عبدالحميد» ما يتردد عن أن الأطباء الشرعيين تُملى عليهم التقارير، قائلاً: «إذا كتب طبيب ما يملى عليه لا يستحق العمل فى المشرحة، ولا يصلح أن يكون طبيبًا شرعيًا».
مشرحة «كوم الدكة» تائهة بين «العدل» و«الصحة»

مشرحة «كوم الدكة» هى المشرحة الأساسية فى الإسكندرية، والوحيدة التى يحدث بها التشريح، لأن بقية المستشفيات بها ثلاجات فقط للحفظ بعدد قليل، دون وجود أماكن مخصصة للتشريح بداخلها.

اتجهنا لمصلحة الطب الشرعى للتعرف على إمكاناتها، ودورها فى الإسكندرية.. رفض الأطباء والمسؤولون التحدث، وأكدوا أنهم ليس لديهم الوقت الكافى للحديث معنا، وأن الوقت الذى سيضيعونه معنا الأولى بهم الكشف على المرضى. انتقلنا بعدها لمشرحة «كوم الدكة» التى كانت ثلاجاتها معطلة قبل إجراء التحقيق بأسبوعين، وتوقفت عن استقبال الجثث تمامًا.. سعة ثلاجة المستشفى تكفى لاستقبال 25 جثة، إضافة إلى ثلاجة مخصصة للتجميد، والتى تحفظ بها الجثث المجهولة. وتتبع المشرحة هيئة الإسعاف من حيث الإشراف وصيانة وإصلاح الثلاجات والعمال.

يعمل فى المشرحة اثنان فقط من الموظفين يتوليان أعمال النظافة، واستقبال الحالات، وكل شىء، وهم تابعان أيضًا لهيئة الإسعاف، مما يشكل ضغطًا كبيرًا عليهما، فلا يستطيعان فى الكثير من الأحيان الحفاظ على نظافة المستشفى أو أمنها، خاصة مع اعتداء بلطجية عليهما. قال أحد المصادر المسؤولة بهيئة الإسعاف التى تتبع لها المشرحة: تبعية المشرحة لنا أمر صعب، ويؤثر سلبًا على دورنا فى الهيئة، إضافة إلى أن الميزانية التى تخصصها الوزارة للمشرحة هى 2000 جنيه فقط فى السنة، وهو مبلغ قليل للغاية، مقارنة بالمبالغ المخصصة لصيانة الثلاجة، والتى تصل إلى 120 ألف جنيه مع الشركة الجديدة التى تقوم بصيانة الثلاجة الآن بعد الفشل فى الاعتماد على أحد العمال المختصين بصيانة الثلاجة بعد أن كان يتعذر الوصول إليه فى بعض الأوقات.

مشرحة مستشفى طوخ
مشرحة مستشفى طوخ

وأكد المصدر المسؤول الذى تحتفظ «اليوم السابع» باسمه أنه خاطب الجهات المسؤولة أكثر من مرة لضم مشرحة «كوم الدكة» لمصلحة الطب الشرعى، ونقل تبعيتها من هيئة الإسعاف أو وزارة الصحة إلى وزارة العدل، لكن طلبه قوبل بالرفض. وتخدم مشرحة «كوم الدكة» قطاع مطروح، والبحيرة، والإسكندرية، مما يمثل ضغطًا كبيرًا عليها، ولا تستطيع القيام بالدور المنوط بها.
الأطباء ومصلحة الطب الشرعى

«الإمكانيات ضعيفة ومنعدمة».. هكذا قال الدكتور أحمد سعيد، أحد الأطباء الشرعيين بالقاهرة، مضيفًا: كأطباء شرعيين نواجه العديد من الصعوبات خلال تأدية عملنا فى تشريح الجثث، بداية من طاولة التشريح، مرورًا بأدوات التشريح المستخدمة فى العمل، وصولًا إلى قلة أعداد الفنيين المساعدين للطبيب القائم بالتشريح.. كلها عوامل عددها «سعيد» لوصف الحال فى المشارح، مضيفًا أن أعداد ثلاجات حفظ الموتى ليست بالقدر الكافى.

ويكمل: نستخدم فى التشريح المنشار، ويعتبر إحدى أهم أدوات التشريح التى نعتمد عليها فى عملنا، لكننا فى مصر مازلنا نتعامل بالمنشار الخشبى اليدوى على الرغم من وجود المنشار الكهربائى الذى يسهل العمل، ويعطى نتائج تشريحية أفضل.

«سعيد» الذى تعرض لمضايقات فى أثناء تشريحه لعدد من الجثث يقول: من بين أبرز المشكلات التى تواجه المشرحة وثلاجات حفظ الموتى بالمستشفيات، وأيضًا الطبيب الشرعى، هو عدم وجود تأمين ولا حماية لهم، وهو ما يعرض الثلاجات للاقتحام من أهالى المتوفى للحصول على الجثة، أو التعدى على الطبيب القائم بالتشريح بدعوى تعطيله سير الإجراءات، أو تأخره فى إصدار التقارير الطبية الخاصة بالحالة.ويضيف: نظافة الثلاجة أو المشرحة هى مسؤولية العامل التابع لوزارة الصحة، وليست مسؤوليتنا.. نحن نقوم بالتشريح فقط وإصدار التقارير، مضيفًا: كل ذلك يمثل عبئًا على الطبيب الشرعى. جمال أبوالفضل الذى عمل بعدد من مشارح مصر فى الإسكندرية ودمنهور وكفر الشيخ والقاهرة يقول إن أعداد القضايا المطلوب من الطبيب الشرعى إصدار تقارير فيها تتجاوز خمس قضايا فى اليوم الواحد، بالإضافة إلى تشريح عدد كبير من الجثث يوميًا، وهو ما يرهق الطبيب، ويجعل الطبيب الشرعى يواصل عمله لعدد كبير من الساعات للانتهاء من القضايا الكثيرة التى أمامه. «أبوالفضل» يرى أن غياب معامل التحاليل، ومعامل إجراء الأشعة على المتوفى لبيان أنواع المقذوف النارى أو غيره من أسباب الوفاة هو سبب كافٍ لإثارة المشكلات، والاعتداء على الثلاجة والمشرحة والطبيب.

الإهمال يحاصر الموتى
الإهمال يحاصر الموتى











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة