بالصور.. زبالة.. يفط.. عبايات.. ملابس داخلية.. على آثارنا الإسلامية.. الأهالى يستغلون إهمال المسئولين ويحولون الآثار لمساكن لهم.. وغياب الأمن يتسبب فى انتشار سرقات المساجد التاريخية

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014 09:11 ص
بالصور.. زبالة.. يفط.. عبايات.. ملابس داخلية.. على آثارنا الإسلامية.. الأهالى يستغلون إهمال المسئولين  ويحولون الآثار لمساكن لهم.. وغياب الأمن يتسبب فى انتشار سرقات المساجد التاريخية بضاعة الباعة الجائلين تغطى سبيل "محمد على"
كتبت نهير عبد النبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القاهرة مدينة الألف مئذنة، تلك المدينة التى انتشرت فى أرجائها آثار تعكس تاريخها، وتقص جدرانها عظمة التاريخ وسحره، فى جدران مساجدها وتكيتها قصص وروايات وحكايات ترجع إلى مئات السنين، تؤرخ فصلًا مهماً من فصول التاريخ المصرى، ولكنها الآن تتمزق.

احتشد حول جدران الآثار الإسلامية بالدرب الأحمر والغورية، وسوق المغربلين، البائعة الجائلون، وعُلقت على أبوابها الملابس وانتشرت فى ساحتها القمامة، فتحولت من منطقة أثرية تجذب السائحين إلى سوق شعبى لا يسر الناظرين، وينفر المريدين.

منذ أن تطأ الأقدام منطقة الغورية بشارع الأزهر، تظهر "قبة الغورى" وهى عبارة عن مقبرة، قام ببنائها السلطان قنصوه الغورى قبل وفاته ليُدْفَن بها، إلا أنها تحولت الآن إلى مخزن للباعة الذين اتخذوا من تلك المنطقة وما حولها ملجأ لهم.

فى حين يوجد بعدها بعدة خطوات قليلة على الجانب الأيسر "جامع الفكهانى"، وهو أحد الآثار الفاطمية أنشأه الخليفة الفاطمى الظافر بنصر الله، عام 1148م، وقد اختفى وسط البائعة الجائلين والمفروشات التى تراصت على جانبى الطريق، واتخذ الباعة الجائلون من أسوار المسجد مكاناً لترويج بضائعهم، من ملابس نسائية، كالعباءات، والأقمشة، إضافة إلى المفروشات.

ولكن رغم ذلك فتتضح أعمال الترميم من خلال السقالات المنصوبة، وجوالات الرمل و"الزلط" المركونة على جانبى أسوار الجامع من الداخل، لكن يبدو أن المسئولين قد تراجعوا عن المحاولة، وهذا ما اتضح عندما أوضح أحد المقيمين بجوار المسجد أن أعمال الترميم موجودة منذ عدة سنوات ولم تنتهِ إلى شىء.

"قربى يا مدام قربى يا آنسة العباية بـ40 جنيه، اشترى اتنين وعليهم التالتة هدية"، لم تطل الدهشة حينما تم سماع ذلك الصوت الجاذب للانتباه، فكانت المفاجأة أكبر حينما وُجِدَ أن مصدر الصوت هو سبيل محمد على الذى أنشأه كصدقة على روح ابنه طوسون، لكنه بدلاً من الحفاظ عليه، واستغلاله كأثر شاهد على حدث وفترة تاريخية مهمة، تم استغلاله من الباعة الجائلين وبدلاً من أن تُعَلَّق لافتات إرشادية بتاريخ ذلك المكان وأهميته، استبدلت بلافتات من عينة "أى قميص أو جلابية بـ18.5 والعباية بـ40".

هذا السبيل الذى ترى بداخله عظمة الفن الإسلامى، بزخارفه وزركشاته المميزة التى تعبر عن أصالة الحضارة الإسلامية، ولكنه للأسف تحول إلى أثر مُهْمَل لا يلفت الانتباه، بسبب جهل الأهالى بالمنطقة بتاريخه، وعدم اهتمام الجهات المسئولة بتلك المناطق.

عدة أمتار قليلة تفصل "السبيل" عن مسجد "المؤيد شيخ" الذى لم يسلم هو الآخر من هذه التعديات، ولكنها بشكلٍ آخر حيث انتشرت عربات الخضار، والفاكهة أمامه، فضلاً عن قيام اللصوص بسرقة "حشوات" بابه المصفح والمصنوع من النحاس لبيعها بأبخس الأثمان.

لا يبعد شارع "الدرب الأحمر" كثيرًا عن ذلك المكان، الذى تنتشر به مساجد أثرية مُهْمَلَة لا يوجد بها أى لوحات تعريفية أو أرقام أثرية، ومن أمثلتها جامع ومدرسة "أم السلطان شعبان" الذى يقع بشارع التبَّانة على يمين السالك من الدَّرب الأحمر إلى القَلْعة بين باب الوزير وجامع الماردانى، فقد خصص لتدريس المذهبين الشافعى والحنفى، وهو يحتوى كذلك على سبيل وكُتّاب وضريحين.

وفى محيط تلك المساجد المقاهى البلدى، وعلى أبوابها محلات تصليح الأحذية، وبالحديث مع أحد أهالى المنطقة عن حال تلك المساجد قال "المساجد دى بقالها زمن، وكل شوية حد ييجى يشوف المكان، ومفيش حد بيعمل حاجة، حتى تحول المكان لخرابة مش مجرد مكان حتى نسكن فيه، ما بالك بتقوله عليه أثرى!".

وكما يقال "هم يبكّى وهم يضحّك" فأثناء التجول فى الدرب الأحمر، تجذب الأنظار لافتة معلقة بإحدى حارات المنطقة مكتوب عليها "الحارة النظيفة"، فى حين أن ما حولها ليست له علاقة بالنظافة مطلقًا، فتحت اللافتة مباشرة تجد أكوام القمامة والمخلفات، وتُشَم الروائح الكريهة الصادرة منها، وهذه كانت المفارقة العجيبة والصادمة وكانت بمثابة مثال بسيط للحال السيئ الذى وصل له الإهمال.

يعتبر حى الدرب الأحمر من أقدم مناطق القاهرة التاريخية، ويضم ما يقرب من 65 أثرًا إسلاميًا، فضلاً عن احتوائه على جامع الأزهر، والعديد من المساجد التى تجعل المنطقة متنوعة عن غيرها ومميزة.

سُمِّىَ "سوق المغربلين" بهذا الاسم، نسبة للحرفة النشطة فى هذه المنطقة بحكم اتساع تجارة الحبوب فقد كان من يتولى غربلة الحبوب بواسطة الغربال بهدف تنظيفها مما بها من شوائب.

ولكن الوضع هناك لم يكن بأحسن حالاً بل تنوع الإهمال هناك واتخذ شكلاً جديدًا، إذ اتخذ الناس من الأماكن الأثرية سكنًا وبيتًا، ومحل إقامة لهم، يمارسون فيه حياتهم الطبيعية، كارثة تؤثر على العمر الافتراضى للآثار.

ومن أبرز تلك الآثار "التكية السُلمانية"، فهناك سيدة تقوم بأعمال المنزل ونشر الغسيل فى التكية، وعندما سُئِلَت عن المكان أجابت بكل ثقة "ده بيتنا".

"وكالة قايتباى" التى تقع بشارع الجمالية بالقرب من باب النصر التى انشأها السلطان قايتباى، كانت تحتوى على أجمل نماذج الزخرفة، لكن تلاشت أجزاء كبيرة من عناصرها المعمارية الآن، إذ كان يسكنها أيضًا بعض الأهالى، لكنها الآن مغلقة تمامًا ولا أحد يعلم عنها شىء، إضافة إلى التعديات على مدرسة "أينال السيوفى"، وبعض أعمال الترميم على المساجد والأماكن الأثرية التى لم تكتمل كغيرها.

وفى تلك الأثناء قال "سيد" أحد سكان المنطقة، والذى عاش لفترةٍ كبيرة من تاريخها وشاهدها وهى فى أوج عظمتها حتى انحدارها، "هتلاقوا من ده كتير، أنا هنا بقالى 75 سنة من قديم الزمن، الناس هنا عندها جهل بالآثار غير طبيعى ما يعرفوش إن دى آثار أجدادنا، لكن للأسف الناس خدت التكيات وضع يد وفوق الجوامع عاملين لنفسهم بيوت وعايشين فيها، لأن محدش بيسأل عن الأماكن دى إزاى بقى هما هيسألوا؟ أهو اللى لقى مكان فاضى قعد فيه وعمله بيته".

وفى هذا السياق أكد الدكتور محمد فوزى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية، قانونية اتخاذ الأهالى من تكية السليمانية مسكنًا لهم.

وقال فوزى، فى تصريحاتٍ لـ"اليوم السابع" إن هذه المناطق الأثرية تابعة لوزارة الأوقاف، وسكان هذه المناطق، وليست تكية السليمانية فقط، فالأهالى معهم عقود إيجار، أو عقود تمليك من وزارة الأوقاف.

وأضاف فوزى، أن وجود الناس فى هذه المناطق يضر بعمر الآثار، ويقلل من فرصة بقائها فترة أكبر، ولكن دور وزارة الآثار يتمثل فى عمل إخلاء للسكان، وإعادة ترميم المكان، بالتعاون مع محافظة القاهرة.

وأوضح رئيس قطاع الآثار الإسلامية، أن هناك خططا موضوعة لهذا الإجراء، ولكن تنفيذها متوقف على توفير التمويل المالى، لأنه من المفترض تعويض السكان ماديًا، أو توفير لهم أماكن أخرى للسكن، بالتعاون مع المحافظة.

بائع للملابس الداخلية أمام جامع "الفكهانى"

الإهمال يطول محيط جامع "الفكهانى"

جانب من إهمال المساجد الأثرية

جانب من مظاهر الإهمال

هناك 37 مسجدا أثريا بالدرب الأحمر

جانب من الآثار المُهْمَلة

أعمال ترميم لم تكتمل لمسجد أثرى فى شارع المغربلين

"الحارة النظيفة".. ورمى القمامة بها

لافتة "الحارة النظيفة"

إمام المؤيد شيخ

تكية السليمانية التى أخذها الأهالى وضع يد

لافتة "تكية السليمانية"

جامع أثرى مُهْمَل ومغلق

جامع السلطان شعبان

جامع السلطان شعبان

حشوات مسروقة من باب مسجد المؤيد شيخ

حشوات مسروقة من باب مسجد المؤيد شيخ (2)

حشوات مسروقة من باب مسجد المؤيد شيخ (3)

حشوات مسروقة

حشوات مسروقة

حشوات مسروقة

حشوات مسروقة من أحد الجوامع الأثرية

سبيل محمد على

سبيل محمد على

شارع الدرب الأحمر

قبة الغورى

قبة الغورى

قبة الغورى

محررة "اليوم السابع" مع أهالى الدرب الأحمر

قايتباى

قايتباى

وكالة قايتباى

مدرسة إينال السيوفى

مدرسة إينال السيوفى بالمغربلين

من أمام مسجد الؤيد شيخ

مسجد أثرى لا توجد عليه أية لوحة تعريفية

سبيل محمد على


موضوعات متعلقة..


قرار جمهورى بتفويض محلب باختصاصات الرئيس لنزع الملكية وحماية الآثار










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة