أكرم القصاص - علا الشافعي

د. محمد فتوح عوض يكتب: السمنة المخية

الإثنين، 15 سبتمبر 2014 07:17 ص
د. محمد فتوح عوض يكتب: السمنة المخية مخ - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أقصد بهذا العنوان الغريب هو زيادة حجم الدهون بداخل المخ، فكما نعلم بأن الله قد خلق المخ من نوع معين من الأنسجة التى لا تسمح بتكاثر أى خلايا دهنية بداخله مهما زاد وزن الشخص، وإن كنا فى بعض الأحيان نطلق على من يتأخر فى الفهم أو يسىء التصرف فى مواقف تستدعى سرعة رد الفعل، أن "مخه تخين" كنوع من الدعابة.

ما أقصده هنا أن الإحساس بالسمنة يبدأ من المخ، وهذا الشعور يعتمد على الصورة التى يكونها المخ عن شكل الجسم وتكوينه، وهذا الشعور هو السبب الرئيسى وفى بعض الأحيان يكون السبب الوحيد لطلب المشورة الطبية، بهدف التخلص أو تحسين الصورة التى يرى بها المخ جسمه.

دعونا نوضح المعنى أكثر بأمثلة عملية وواقعية، امرأة فى الـ 35 من عمرها ويصل وزنها إلى ما يقارب الـ 130 من الكيلو جرامات، وقد تكون تعانى من أثار زيادة الوزن فى الشكل وفى المجهود وفى الصحة العامة، ورغم ذلك نجدها لا تبحث عن أى مشورة طبية لحل مشكلتها مع الوزن، بل أنها تعتقد فى قرارة نفسها وفى كل كلامها مع أصدقائها وأقاربها، بأنها تمتلك جسما متناسقا، وإن كان به القليل من الامتلاء، وأن خسارة بعض الكيلو جرامات القليلة سيعود بها إلى سابق عهدها من الرشاقة والجمال.

مثال آخر لامرأة فى نفس العمر يبلغ وزنها حوالى 70 من الكيلو جرامات، ويبدو جسمها متناسقا إلى حد كبير ولا تعانى من أى أعراض صحية لزيادة الوزن، ورغم ذلك فهى تشعر فى قرارة نفسها وفى كل كلامها مع أصدقائها وأقربائها بأنها تعانى من السمنة الشديدة بسبب بعض الكيلوجرامات القليلة من الدهون التى تتركز فى منطقة البطن أو الأرداف، وقد يصل بها الحال إلى الانعزال أو الاكتئاب أو طلب المشورة الطبية المرة تلو المرة من أجل حل هذه المشكلة.

من هذين المثلين - وغيرهما كثير من الأمثلة التى يراها يوميا الممارسون لطب علاج وجراحات السمنة - يتضح لنا أن المصدر الأساسى لمشكلة السمنة هى الصورة الذهنية التى يكونها العقل عن شكل الجسم وتكوينه، وأن المدخل الأساسى لحل المشكلة والذى يجب أن يسلكه جميع الممارسين الطبيين، هو مساعدة المريض على رسم الصورة الذهنية الصحيحة للجسم وتكوينه.

ففى الحالة الأولى فإن الشرح الوافى والدقيق لما تمثله حالة الزيادة الشديدة فى الوزن وخطورتها على صحة وحياة المريضة، بل وإيضاح أثارها المستقبلية المتوقعة على الحياة الاجتماعية والعائلية للمريضة قد يعيد تكوين الصورة الذهنية للمريضة عن جسدها، ويزيد من فرص إقتناعها بأهمية العلاج، بل قد يؤدى إلى توليد الحماس اللازم لاتباع تعليمات الطبيب أثناء العلاج، مما يحسن من النتائج المرجوة للعلاج أو الجراحة الموصوفة.

فى حين أن مهمة الممارس الطبى فى الحالة الثانية تصبح أكثر أهمية وأشد تعقيدا، وذلك عن طريق رسم الصورة الذهنية الصحيحة للمريضة عن جسدها بل ومساعدتها على التخلص من مشكلتها مع السمنة الموضعية عن طريق بعض الوسائل البسيطة الأقل كلفة وخطورة، كشفط الدهون مثلا حتى لا تقع فى براثن بعض المتاجرين بالممارسة الطبية، فيقوم باستخدام وسائل أكثر كلفة وخطورة استغلالا للصورة الذهنية التى كونتها المريضة عن نفسها، والتى يعرف جيدا كيف يقوم باستغلالها من واقع خبرته ومماراساته الشيطانية. فى النهاية.

فإن علاج السمنة رغم جاذبيته للمرضى والأطباء على حد سواء، إلا أنه قد يكون فى غاية التعقيد أحيانا ويصعب فيه القياس على حالات أو نتائج أخرى، فكل مريض له خصوصيته وخصوصية مشكلته التى يجب أن يفطن لها الطبيب المعالج، فيتصرف بناء عليها بكل ما يحمل من خبرة العلم والممارسة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

m

عايز تقول أية

فوق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة