أكرم القصاص - علا الشافعي

مصطفى نصر يكتب: لماذا لا تحمى الشرطة المحتجزين فى أقسامها؟!

الإثنين، 15 سبتمبر 2014 02:11 ص
مصطفى نصر يكتب: لماذا لا تحمى الشرطة المحتجزين فى أقسامها؟! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لدى عادة سخيفة، وهى قراءة الصحف على "النت" كل مساء؛ خاصة الحوادث والقضايا، قرأت حادثة فى جريدة الأخبار (الأربعاء 8 يوليو 2009) شاب دُعى إلى حفل زفاف، وعادة ما يقدم أهل الحفل الحشيش والجوز (جمع جوزة) لضيوفهم، وهذا يحدث فى معظم الأفراح فى الأحياء الشعبية بالإسكندرية، وربما يحدث فى أماكن كثيرة على مستوى مصر كلها.

وأحيانا يشغل المدعوون الشارع بأكمله بحشيشهم ومزاتهم وصخبهم، دون أن يعترض أحد. لكن هذا الشاب من سوء حظه قبض الضابط عليه هو وستة آخرين، والغريب أن كل منهم لا يعرف الآخر. لقد هجمت الشرطة على الحفل، فجرى من جرى وهرب من هرب. وتم إمساك هؤلاء السبعة، الذين قد يكون منهم من كان يجلس دون حشيش.

المهم أن هؤلاء السبعة أودعوا حجز أحد الأقسام بالقاهرة، وكما يحدث فى الحجز عادة، واحد فرض سيطرته على الكل، فضرب هذا الشاب بالشبشب على قفاه ساخرا، فثار الشاب وهاج، وصاح ومزق ملابسه من تأثير الاستهانة والسخرية، فقام له فتوة الحجز وضربه بمساعدة زميله بماسورة حديد وعصا مساحة الحمام، وضرب رأسه فى الحائط. ظلا يضربانه لمدة عشرة أيام متواصلة، ولا يسأل أحد، لا من المقبوض عليهم ولا من الشرطة، عشرة أيام، يركلونه ويلكمونه حتى أغمى عليه، فحملوه إلى مستشفى أكتوبر فرفضوا استلامه، ثم مستشفى قصر العينى، فرفضوا استلامه، وانتهى به المطاف فى مستشفى الزهراء بمدينة نصر حيث لفظ أنفاسه متأثرا بإصاباته البالغة.

لم أنم هذه الليلة، تذكرت هذا الشاب الذى لم أره، من الممكن أن يحدث لأى إنسان هذا، فكثيرون دخلوا الحجز خطأً ودفعوا أموالا لفتوات الحجز، (إتاوة) أو لكى يسمحوا لهم بالجلوس على الدكة.

هذا الشاب الذى قُتل بهذه الطريقة البشعة، من المسئول عن موته، لقد أخذته الشرطة من حفل الزفاف ـ فلماذا لم تحمِه، لماذا لم تصنه وتتخذ معه الإجراءات القانونية الشرعية؟!.

عشرة أيام كاملة يضربه الفتوة ومساعده، ألم يدخل شرطى لتفقد الحالة فى الحجز؟ ألم يسمعوا صوت استغاثته؟.

الغريب أن الخبر نُشر فى جريدة الأخبار – كما ذكرت – ولم يتحرك أحد. لم يعلق صحفى كبير على ما حدث. لقد كتب الكثيرون عما يحدث فى الحجز، وعندما قرأت رواية الزنزانة لفتحى فضل، أحسست أن الدنيا ستقوم ولن تقعد إلا بعد أن ينظروا فى هذه المشكلة، وسوف يتم التحقيق فى سوء معاملة المتهمين، وحمايتهم من الشرطة ومن زملائهم، فالرواية تحكى عن أحداث حقيقية حدثت للمؤلف عندما أُتهم بطبع كتاب مخالف، وذكر التفاصيل المقيتة للمحتجزين، وتواطؤ بعض المتهمين مع الحراس ضد متهمين آخرين. فهم يجمعون منهم أموالا نظير نقلهم بسيارات الشرطة إلى مبنى المحكمة، ويكدسون العشرات فى سيارة صغيرة لا تكفى لنصف العدد المنقول.

إننى متعاطف تماما مع الشرطة فى هذه الأيام، وأتمنى أن تقيم الدولة نصبا تذكاريا لشهداء الشرطة الذين استشهدوا من أجل مصر، وإنقاذا للشعب الذى كاد يكون مصيره مثل مصير الشعب الليبى أو السورى أو العراقى. لولا تفانى الجيش والشرطة. خاصة الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل باقى الشعب. وقد غضبت لما أصاب الجنود والضباط بعد نجاح ثورة 25يناير. والتجاوزات التى حدثت لهم.
وقد شاهدت فى شارع صلاح سالم بالإسكندرية. عند بدء عودة الشرطة لعملها. وشاب يمسك كيسا أسود يسب جنديا وضابطا يؤديان عملهما فى المرور. واعترض شاب آخر وسأل الجندى: ليه ما ردتش عليه؟
فقال: يعنى لو أنضربت حاتدافع عنى؟!
كانت الأمور قد وصلت إلى الذروة بين الشعب والشرطة، وكأن رجالها ليسوا مصريين. وقد شاهدت فى البنك المركزى قبل قيام ثورة 25 يناير 2011 بمدة قصيرة، ضابط شرطة برتبة كبيرة، يرتدى زيا يؤكد أنه من القوات الخاصة. جاء إلى الشباك الذى أقف عنده ليسأل الموظفة عن شيكه، فقد أخبرته بأنها أرسلته إلى شباك نمرة كذا، فانتظر طويلا. لكنه لم يصل للآن.

جاء الضابط الكير بمنتهى الأدب، وسأل الموظفة، فعل مثلما يفعل أى مواطن عادي، لكن عميلا يقف أمامى فى الطابور، صاح فيه باستفزاز:
- فيه طابور.
قال الضابط مبتسما:
- أنا حاسأل بس.
- ولو، أقف فى الطابور.
قال الضابط:
- ما تصدقوا تلاقوا ضابط شرطة.
صدمتنى عبارة الضابط، فقلت له:
- لماذا تقول هذا، فأنتم منا، لماذا هذه التفرقة؟!
كان العميل الذى يقف فى الطابور أمامي، سعيدا، فقال فى زهو وانتصار:
- شفت عملت فيه إيه؟!
لا أريد أن أعود لهذه الأيام، فما حدث له أسبابه، منها أيضا سوء معاملة الشرطة للناس لسنوات طويلة. وزادت حدة ذلك فى الفترة الأخيرة لحكم مبارك. وانتشرت مشاهد يتناقلها الناس عن صفع ضابط لشاب بطريقة بشعة. وغيرها من مشاهد.
تمنيت أن يستغل المسئولون عن الشرطة هذه الظروف. وحالة التصالح بين الشرطة والشعب ويبدأون عصرا جديدا من حسن المعاملة. ومراجعة قوانينهم، وطريقة آداءهم، خاصة تغيير طريقة معاملة المتهمين. وحماية المقبوض عليهم. فقد حكى لى المرحوم قاسم مسعد عليوة. بأنه تم القبض عليه مع مجموعة من اليساريين فى أحد السجون. فسمعوا فى أحد العنابر مسجونا يصرخ ويستغيث: يا حرس يا حرس. فثار مسعد ومن معه، فقد تم القبض عليهم من أجل الحريات، فكيف يجدون من يستغيث ويصمتوا؟!. جاء الحارس صائحا:
- ما لكم عاملين هيصة كده؟!
- أنتم بتضربوا المسجون ده ليه؟!
قال الحارس فى منتهى البراءة مدافعا عن نفسه وعن زملائه:
- مالناش دعوة، ده مسجون جديد بيعتدوا عليه.
وكأن الأمر لا يعنيه. مساجين يعتدون جنسيا على مسجون جديد. وهو غير مهتم.
وزميل لى فى العمل، تم القبض عليه عندما سافر فى مهمة عمل فى القاهرة ، وعندما وصل لمحطة رمسيس، لم يجد تذكرة يخرج بها من المحطة، وفتشه الضابط فوجد معه مطواه صغيرة، يحتاج إليها فى عمله، فهو مندوب شراء الدشت للشركة، فيأتى أحيانا بمجموعة من الكتب القديمة التى ستباع كدشت، فالمطواة الصغيرة تساعده على فك رزم الكتب. لكن الضابط حوله لقسم الشرطة، توطئة لعرضه على النيابة. وقبل دخول الحجز. قابله متهم كان يشغل وظيفة كبيرة ، يجلس بين الحجزين ( حجز الرجال وحجز النساء) فقال لزميلى:
-ما ينفعش تدخل الحجز. أدى الشاويش حاجة ليسمح لك بالبقاء خارجه.
وفعل. وكلما تغير المسئول عن الحجز، يدفع من جديد، حتى جاء وقت عرضه على النيابة التى أفرجت عنه .
ويحكون عن الحجز حكايات عجيبة، حكى لى شاب بأن ضابطا قبض عليه وهو سائر على البحر، وأودع حجز قسم باب شرقي. فجاءه شابان وطلبا منه نقودا، ولما لم يجدا، أرادا أخذ حذاءه، وحزامه.
وآخر تحدث مع محتجز مثله، فذكر له الحى الذى يعيش فيه. فسأله عن شخص يعرفه، ففرح الشاب، وقال فى حماس شديد: أيوه أعرفه وأعرف أسرته.
فأخرج الآخر موس حلاقة من ملابسه وضربه فى وجهه، قائلا:
- قوله دى هدية من " فلان الفلانى".
فلسوء حظ الشاب كان الآخر على خلاف مع من ذكره له.
أعرف أن الشرطة مشغولة فى هذه الأيام بمطاردة الإرهابيين، وأنهم مرصودون من الإخوان الذين يقتلونهم دون سبب. رغم هذا لابد من سرعة تطوير منظومة الشرطة، خاصة مسألة التعامل مع المتهمين فى أقسام الشرطة، لا تكفى تحسين معاملتهم من الشرطة، فالأهم هو حمايتهم من متهمين آخرين أقوى منهم، ولهم عزوة فى الحجز. وفتح باب الحجز من وقت لآخر، وسؤال المتهمين عما يضايقهم، أو يهددهم. ومعاقبة الذين يحصلون على الإتاوات ومن يعتدى على غيره من المتهمين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

kiko

مقال رائع جداا

عدد الردود 0

بواسطة:

khalifa

لله درك استاذ مصطفي نصر

عدد الردود 0

بواسطة:

الشربيني المهندس

قسم شرطة نموذجي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة