أكرم القصاص - علا الشافعي

سعد الدين الهلالى

التصوير واقتناء الصور «2»

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014 12:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل الحديث عن أحكام التصوير فإنه يجب التعريف به وبيان أنواعه؛ للقاعدة المنطقية «الحكم على الشىء فرع عن تصوره»؛ خاصة أن أكثر الفقهاء أجازه فى أحوال دون أحوال.

والتصوير فى اللغة يطلق على صنع الصورة، أى الهيئة الخاصة التى يتميز بها الشىء، سواء أكان هذا الشىء خرافيًا ليس له واقع أم كان هذا الشىء على غرار مخلوق من النبات أو الجماد أو الحيوان أو الإنسان. وسواء أكان هذا التصوير حكميًا أو نظريًا مثل ذكر صورة الشىء أو صفته للخيال الذهنى أم كان هذا التصوير حسيًا أو ماديًا. وهذا التصوير الحسى أو المادى إما أن يكون بتسجيل خلق الله فوتوغرافيًا أو إلكترونيًا، وإما أن يكون بريشة الرسام على اللوحات بما لا يكون للتصوير ظل لكون الصورة مسطحة أو ذات بعدين فقط ويكون التعامل معها بالنظر لا باللمس، وإما أن يكون بنحت الفنان الذى يصنع التماثيل بهيئة خلق الله التى لها ظل لكونها مجسمة أو ذات ثلاثة أبعاد، ويكون التعامل معها بالنظر أو باللمس على السواء. وقد تسمى الصورة تصويرة، وتجمع على تصاوير، ومن ذلك ما أخرجه البخارى عن أنس قال: كان قرام «ستر رقيق من صوف ذو ألوان» لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «أميطى عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تَعرض فى صلاتى».

والتصوير فى اصطلاح الفقهاء لا يخرج عن معناه اللغوى سالف الذكر. ويرجع سبب اختلاف الفقهاء فى أحكامه إلى تعارض ظاهر بعض الأدلة فيه، وإلى اختلاف الفقهاء فى تعميم النهى عنه أو تخصيصه فى مورده، أو حمله على ما فيه تعظيم أو عبادة للصورة من دون الله. ومهما علا صوت بعض أقوال الفقهاء فى ذلك فلا يزال اجتهادهم فى منزلة اجتهاد مخالفيهم فى الدنيا يسرى عليه القاعدة الفقهية التى كشف عنها الإمام الشافعى عندما قال: «قولى صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب». ونظرَا لاستغلال أوصياء الدين حسن نوايا المسلمين بتصديق المتحدث فى دين الله فيذكرون بعض الأدلة التى تفيد بظاهرها النهى عن التصوير، ويخفون البعض الآخر من الأدلة التى تفيد بظاهرها مشروعية التصوير مطلقًا أو فى حال أمن الاستعمال من عبادة غير الله فإننى سأذكر ما استطعت حصره من أدلة فى هذين الاتجاهين قبل بيان مذاهب الفقهاء فى تأويلها؛ حتى يقف القارئ الكريم على أصول قضية التصوير الشرعية وحقيقتها الفقهية، فلا ينساق وراء الأوصياء وإنما يستقل برؤية قلبه الذى لا يكذبه فى ساعته؛ فالقلب لا يعرف غيب المستقبل وإنما يدرك واقعه بحسب المعطيات المتاحة، وهذا غاية نطاق التكليف.
أولًا: الأدلة التى تفيد بظاهرها مشروعية التصوير فى الجملة.
«1» قوله تعالى: «ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير. يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرًا وقليل من عبادى الشكور» «سبأ: 12-13».
«2» أخرج الشيخان عن الربيع بنت معوذ، قالت: أرسل النبى صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم. قالت: فكنا نصومه بعد، ونُصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن «الصوف المصبوغ»، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. وفى رواية لمسلم بلفظ: ونصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم.

وأخرج الشيخان عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات «التماثيل والصور التى يصنعها البنات» عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسرِّبهن إلى فيلعبن معى.

«3» أخرج أبو يعلى بسند ضعيف، وأخرجه الحاكم وصححه عن عائشة قالت: ما تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتى، وقال: «هذه زوجتك». وفى رواية أخرى لأبى يعلى عن عائشة قالت: لقد نزل جبريل بصورتى فى راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجنى.
«4» أخرج مسلم عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم».

«5» أخرج البزار عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا بعثتم إلى رجلًا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم». وأخرجه ابن أبى شيبة عن يحيى بن أبى كثير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أبردتم إلى بريدًا فأبردوا حسن الوجه حسن الاسم».

«6» أخرج مسلم عن عائشة قالت كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حولى هذا فإنى كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا».

«7» أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، وفى سهوتها ستر «السهوة تشبه الرف أو الخزانة الصغيرة يوضع فيها الشىء»، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: «ما هذا يا عائشة»؟ قالت: بناتى، ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع، فقال: «ما هذا الذى أرى وسطهن»؟ قالت: فرس. قال: «وما هذا الذى عليه»؟ قالت: جناحان. قال: «فرس له جناحان»؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلًا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.
«8» أخرج البخارى عن عائشة أنها كانت اتخذت على سهوة لها سترًا فيه تماثيل، فهتكه النبى صلى الله عليه وسلم، فاتخذت منه نُمرقتين، فكانتا فى البيت يجلس عليهما. وأخرجه ابن أبى شيبة عن عائشة قالت: سترت سهوة لى، تعنى الداخل، بستر فيه تصاوير، فلما قدم النبى صلى الله عليه وسلم هتكه، فجعلت منه منبذتين، فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم متكئًا على إحداهما.

وأخرج أحمد والترمذى وأبو داود بإسناد صحيح عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أتانى جبريل عليه السلام فقال لى: أتيتك البارحة فلم يمنعنى أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان فى البيت قرام ستر فيه تماثيل «القرام ستر رقيق من صوف ذو ألوان»، وكان فى البيت كلب. فمر برأس التمثال الذى فى البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن، ومر بالكلب فليخرج»، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا الكلب لحسن أو حسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج. قال أبو داود: والنضد شىء توضع عليه الثياب شبه السرير.
وأخرج أحمد والبزار عن على بن أبى طالب قال: كانت لى من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة لم تكن لأحد من الخلائق. إنى كنت آتيه كل سحر فأسلم عليه حتى يتنحنح، وإنى جئت ذات ليلة فسلمت عليه فقلت: السلام عليك يانبى الله، فقال: «على رسلك يا أبا حسن حتى أخرج إليك». فلما خرج إلى قلت: يانبى الله أغضبك أحد؟ قال: «لا». قلت: فما لك لا تكلمنى فيما مضى حتى كلمتنى الليلة؟ قال: «سمعت فى الحجرة حركة فقلت: «من هذا؟» فقال: أنا جبريل. قلت: ادخل. قال: لا، اخرج إلىّ. فلما خرجت قال: إن فى بيتك شيئًا لا يدخله ملك مادام فيه. قلت: ما أعلمه يا جبريل. قال: اذهب فانظر، ففتحت البيت فلم أجد فيه شيئًا غير جرو كلب كان يلعب به الحسن. قلت: ما وجدت إلا جروًا. قال: إنها ثلاث لن يلج ملك مادام فيها أبدًا واحد منها: «كلب، أو جنابة، أو صورة روح».

وأخرج مسلم عن سعيد بن أبى الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إنى رجل أصور هذه الصور فأفتنى فيها. فقال ابن عباس: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل مصور فى النار يجعل له بكل صورة صورها نفسًا فتعذبه فى جهنم». ثم قال ابن عباس للرجل: إن كنت لابد فاعلًا فاصنع الشجر وما لا نفس له.

وأخرج أحمد عن أبى هريرة أن جبريل عليه السلام جاء فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم فعرف صوته، فقال: «ادخل»، فقال: إن فى البيت سترًا فى الحائط فيه تماثيل فاقطعوا رؤوسها فاجعلوها بساطًا أو وسائد، فأوطئوه فإنا لا ندخل بيتًا فيه تماثيل.

وأخرج البخارى عن ابن عمر قال: أتى النبى صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء على فذكرت له ذلك، فذكره للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنى رأيت على بابها سترًا مَوْشيًا فقال: «مالى وللدنيا» فأتاها على فذكر ذلك لها، فقالت: ليأمرنى فيه بما شاء. قال: «ترسل به إلى فلان أهل بيت بهم حاجة».
«9» أخرج ابن أبى شيبة عن ابن عون قال: دخلت على القاسم بن محمد بن أبى بكر، وهو بأعلى مكة فى بيته، فرأيت فى بيته حَجَلة «بيت كالقبة يستر بالثياب، والجمع حجال» فيها تصاوير القندس «حيوان قارض كث الفراء له ذنب مفلطح وغشاء بين أصابع رجليه يستعين به على السباحة» والعنقاء «طائر ضخم». وعن ليث قال: رأيت ابن عبد الله بن عمر متكئًا على وسادة حمراء فيها تماثيل، فقلت له؟ فقال: إنما يكره هذا لمن ينصبه ويصنعه. وعن سالم بن عبد الله قال: كانوا لا يرون بما وطئ من التصاوير بأسًا. ومثله عن ابن سيرين. وعن عروة بن الزبير أنه كان يتكئ على المرافق فيها التماثيل الطير والرجال. وعن ابنة سعد بن أبى وقاص أن أباها جاء من فارس بوسائد فيها تماثيل، فكنا نبسطها. وعن عكرمة قال: كان يقال فى التصاوير والبسط التى توطأ هو ذل لها. وعن عكرمة قال: إنما الصورة الرأس فإذا قطع فلا بأس. وعن عطاء قال فى التماثيل: ما كان مبسوطًا يوطأ ويبسط فلا بأس، وما كان ينصب فإنى أكرهها. وعن الزهرى أنه كان يكره التصاوير ما نصب منها وما بسط.

«10» أخرج الطحاوى عن أم نافع بنت أبى الجعد مولى النعمان بن مقرن قائد فتح فارس، عن أبيها أبى الجعد قال: كان نقش خاتم النعمان بن مقرن إبلًا قابضًا إحدى يديه باسطًا الأخرى. وعن عطاء قال: كان نقش خاتم عمران بن حصين رجلًا متقلدًا بسيف. وعن عبد الله بن يزيد قال: كان نقش خاتم حذيفة بن اليمان كركيان «طيران أبيضان كأنهما نسران». وزاد الذهبى فى «سير أعلام النبلاء» أن خاتم حذيفة كان من ذهب فيه فص ياقوت ومقوش على الخاتم كركيان متقابلان بينهما الحمد لله، وكان نقش خاتم أبى موسى الأشعرى أسد بين رجلين.وقال السرخسى فى «المبسوط» كان نقش خاتم أبى هريرة ذبابتين، ووجد خاتم دانيال عليه السلام فى زمن عمر وكان نقشه رجل بين أسدين يلحسانه.

ثانيًا: الأدلة التى تفيد بظاهرها عدم مشروعية التصوير فى الجملة. وللحديث بقية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

التصوير اصبح ضروره حتميه فى كل مناحى الحياه - نحن نستهلك الوقت فى امور الجاهليه ونبذ العلم

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

رجاء لا نريد خزعبلات الجاهليه - كفانا تخلف وكوارث ومصائب - الخالق ميزنا بالعقل والتفكير والابداع

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

التماثيل والموسيقى والصور ليست حرام طالما لم تلهينا عن الصلاه وعبادة الخالق

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

هل المطلوب ان نكون اغبياء ومتخلفين حتى نرضى جماعت التكفير والارهاب والتطرف

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الدين النصيحه والمعامله وانتم لا تاخذون بالنصيحه وتتعاملون بالكذب والنفاق

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الاسلام كله فى الخمس ايات الاول من سورة البقره - افهموها واستوعبوها يا مسلمين

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام غنيم

مهلا يا جماعة !!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة