أكرم القصاص - علا الشافعي

"اليوم السابع" فى غزة بعد حرب الـ50 يوما.. شهود عيان يكشفون جرائم الاحتلال ويؤكدون: طائرات الصهاينة أمطرتنا بصاروخ كل دقيقة واستخدموا سلاح "دايم" المحرم دولياً.. ونناشد العرب إعادة الإعمار قبل الشتاء

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014 10:32 ص
"اليوم السابع" فى غزة بعد حرب الـ50 يوما.. شهود عيان يكشفون جرائم الاحتلال ويؤكدون: طائرات الصهاينة أمطرتنا بصاروخ كل دقيقة واستخدموا سلاح "دايم" المحرم دولياً.. ونناشد العرب إعادة الإعمار قبل الشتاء جانب من الدمار
رسالة غزة: محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء



دمار وخراب وجوع وفقر منازل وطرقات وشوارع مدمرة، الفزع والرعب يرتسم على «وشوش» الأطفال، تلك هى المشاهد التى رصدناها عقب دخولنا «قطاع غزة» بعد حرب همجية إسرائيلية استمرت حوالى 51 يوما استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا خلفت وراءها دمارا شاملا.. «اليوم السابع» زارت لأول مرة القطاع بعد عدة أيام من سريان الهدنة الحالية لرصد مجازر قوات الاحتلال الإسرائيلى فى عملية «الجرف الصامد» الوحشية، رصدنا المأساة ومشاهد الدمار عن قرب.

الدمار فى كل شوارع القطاع من رفح جنوبا مرورا بخان يونس ودير البلح فى الوسط وحتى مدينة غزة شمالا وأحياء «الشجاعية» و«الزيتون» شرقا و«بيت حانون» و«جباليا» و«بيت لاهيا» فى أقصى الشمال.



صمود الطفل الفلسطينى يمثل ملحمة تراها العين فى كل مكان

القطاع الذى لا تزيد مساحته على 360 كم مربع بطول 41 كم وعرض فى أقصى الأحوال يصل لـ10 كم، ويعانى من أضخم كثافة سكانية فى العالم، حيث يعيش حوالى مليون و800 ألف مواطن، ما يعنى أن كل 40 ألف فلسطينى يعيش فى كيلومتر مربع واحد، معظم هؤلاء يعيشون فى ظروف إنسانية غير طبيعية، لا وجود لحياة آدمية، فالمياه ملوثة إن وجدت، والمواد الغذائية تكاد تكون منعدمة، ذلك فى الأماكن الأقل ضررا من القصف، لكن الوضع يزداد سوءا داخل الأحياء المدمرة بالكامل وعلى رأسها حى «الشجاعية» وحى «الزيتون» شرق مدينة غزة، حيث رائحة جثث الشهداء والغازات السامة التى تم إطلاقها مع أطنان من المتفجرات والبراميل المتفجرة هى السائدة فى المكان، معظم هذه الغازات مسرطنة، تنذر بكارثة بيئية مستقبلا، خاصة أننا على أعتاب فصل الشتاء وفى حال نزول الأمطار ستتسرب تلك الغازات والمواد السرطانية للتربة، حسبما أكد لنا العديد من الخبراء البيئيين فى القطاع.

فى البداية، كان وصولنا لقطاع غزة بعد رحلة ذهاب من القاهرة طويلة وصعبة للغاية استمرت أكثر من 15 ساعة برا، وذلك بسبب الصعوبات الأمنية فى سيناء والتهديدات الإرهابية على طول الطريق منذ عبورنا قناة السويس إلى القنطرة شرق وصولا بالعريش ومناطق الشيخ زويد حتى طريق «العريش - رفح»، لنستقر ليلة بالكامل بالعريش، وذلك لإغلاق الطريق لحظر التجوال الذى يفرضه الجيش بعد الساعة الرابعة عصرا لمهاجمة العناصر الإرهابية هناك، فرغم تحركنا من القاهرة بعد منتصف ليل الأحد وتحديدا الساعة الثالثة صباحا وصلنا لمدينة العريش الساعة الخامسة والنصف عصرا، وبالطبع كان قد تم إغلاق المعبر حيث يغلق المعبر الساعة الثالثة عصرا، ومن هنا قررنا المبيت فى أحد فنادق العريش لتبدأ رحلتنا من جديد صباح يوم الاثنين، متجهين إلى «معبر رفح».

عقب الانتهاء من إجراءات السفر التى استمرت حوالى 3 ساعات ونصف بسبب انقطاع الكهرباء وشبكة الاتصالات والإنترنت فجأة للحيلولة دون تواصل العناصر الإرهابية مع بعضها البعض خلال عمليات تمشيط القوات الأمنية حسبما أكد لنا نائب مدير أمن شمال شيناء اللواء على العزازى، الذى التقيناه فى مكتبه قبل مغادرة العريش، دخلنا إلى مدينة «رفح الفلسطينية»، حيث كانت النقطة الأولى لانطلاقنا نحو رصد مأساة القطاع.

كان المشهد على طول طريق «صلاح الدين» أطول طرق القطاع طولا، حيث يربط بين معبر رفح جنوبا وحتى معبر «إيريز» شمالا كارثيا، فآثار دمار البيوت التى نسفت بالكامل وطرقات غير ممهدة دكتها مجنزرات الاحتلال الإسرائيلى خلال عملية الاجتياح فى الحرب العدوانية الأخيرة فى كل مكان، ولم يختلف المشهد كثيرا فى منطقة «خزاعة» التى تقع شرق خان يونس، أو فى مناطق متفرقة بـ«دير البلح» وأحياء بالكامل فى مدينة غزة حتى الشمال فى «بيت لاهيا» و«بيت حانون» و«جباليا» فالدمار الشامل هو عنوان كل شىء هناك.

بعد جولة فى عدد من المناطق الشرقية التى كانت أكثر المناطق قصفا وتدميرا فى القطاع لقربها من الحدود الإسرائيلية، ذهبنا إلى حى «الشجاعية»، وهو الحى الذى شهد دمارا شاملا، فكل شبر وكل قطعة تراب فى هذا الحى مدمرة، فهناك منازل مدمرة بالكامل، وأخرى مدمرة جزئيا، رائحة البارود والغازات السامة تفوح من كل مكان، بيوت عديدة خرجت أحشاؤها للشوارع، الدماء لا يزال أثرها موجوداً على التراب رغم انتهاء الحرب والدخول فى هدنة الـ30 يوما التى توصلت إليها القيادة المصرية بين الجانبين، زد على ذلك رائحة جثث الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ الذين سقطوا ضحايا هذه الحرب، فهناك من فقد عائلته بالكامل وهناك من فقد أكثر من 16 شخصا جملة واحدة من أقاربه وأحبائه.



الحى الذى تعرض فجر 20 يوليو الماضى لقصف المدفعية الإسرائيلية دون سابق إنذار بشكل عشوائى وعنيف سقط فيه أكثر من 120 شهيدا ومئات الجرحى من المدنيين، كما توغلت القوات البرية الإسرائيلية للمناطق الشرقية للحى لتخلف وراءها الأطنان من الركام وشبكات كهرباء وصرف صحى وخطوط مياه مدمرة تحتاج لعشرات الشهور لإصلاحها.

لا يوجد منزل فى «الشجاعية» إلا ويحمل فى باطنه قصصاً مأساوية بين مقتل أهله بالكامل أو نزوح أصحابه إلى أماكن قريبة غير مدمرة أو مدارس «الأونروا» المعنية بشئون اللاجئين، لقد تعرض الحى لساعات طويلة من القصف من جانب المقاتلات الحربية الإسرائيلية والطائرات «الزنانة» بدون طيار.

خلال جولتنا بمنطقة «شعث» أكثر المناطق تدميرا فى «الشجاعية»، التقينا لؤى الغول، أحد سكان القطاع، وقال لنا إن مشهد الدمار فى هذه المنطقة لا يختلف حاله فى محيط مستشفى «الشفاء» التى تعرضت هى الأخرى للقصف الوحشى، كما كان لشارع «بغداد» أشهر شوارع الحى نصيب ضخم من الدمار، فأثناء تجوالنا فى الشارع وتحديدا عند ساحة مسجد «التوفيق» كانت آثار الدمار أكوام من المنازل المنهارة تماما، ولم تقف الكارثة عند هذا الحد، بل ما يزيد «الطين بلة» أن المسؤولين عن القطاع من حركة «حماس» لم يقدموا أى مساعدات للسكان هناك، وتركوا أهالى الشجاعية وباقى المناطق المنكوبة يلقون حتفهم ومصيرهم بمفردهم.



موفد «اليوم السابع» فى صورة تذكارية مع أطفال غزة

يقول الحاج عبدالهادى حبيب، من سكان الحى: «قصفوا منزلى ذا الـ3 طوابق، أنا أعيش الآن فى غرفة واحدة أنا وأولادى ومفيش حد سأل فينا»، وعند سؤاله هل جاء أحد المسؤولين عن القطاع من حركة «حماس» لتقديم المساعدات أكد أنه لم يتلق أى مساعدات، قائلا: «لنا الله»، كما التقينا أحد أطفال الحى يدعى «يامن» والذى أكد إصابة والده بإصابة بالغة خلال الحرب، فيما قال طفل آخر: «كنا بالدار وبعدين ضربوا علينا صاروخ من زنانة - إحدى الطائرات بدون طيار إسرائيلية الصنع - وعيطنا ثم اتشردنا وتوهنا»، وقال آخر: «فى نصف الليل ضربونا بالصواريخ واحنا بنجرى ضربوا الصواريخ فوق رؤوسنا».

وأكد عدد آخر من أهالى الحى أنه لم يتم تقديم أى نوع من المساعدات حتى اللحظة لهم سواء من المسؤولين فى القطاع أو من جانب الأمم المتحدة، لتكون مأساة أهالى القطاع مضاعفة، حيث يواجهون شبح الخراب والدمار الذى خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلى من ناحية ومن ناحية أخرى يواجهون عدم مبالاة حركة «حماس» المسؤولة عن إدارة القطاع وصمت «الأمم المتحدة» والمجتمع الدولى تجاههم.

وقال شهود عيان بالحى حول الحرب الأخيرة، إنه خلال العدوان الإسرائيلى على الشجاعية تم قصف مصنع عصائر بجوار مستشفى الشفاء خلف وراءه العديد من الإصابات، فيما أكد آخرون أنه تم تدمير محطات مياه ومزارع الزيتون بشرق «جباليا» شمال قطاع غزة، كما دمرت أشجار البرتقال والموالح ومزارع الدجاج والبيض، مشيرين إلى أن القطاع يواجه مأساة اقتصادية كبرى، حيث وصل سعر كيلو الدجاج إلى 18 شيكل أى حوالى «36 جنيها مصريا» بعد أن كان قبل الحرب بـ11 شيكل فقط أى «22 جنيها مصريا».

فيما قال شهود عيان فى منطقة «بيت حانون» إنه تم قصف «أبراج العودة» وهى الأبراج التى كان قد أمر الرئيس الراحل ياسر عرفات ببنائها لضباط السلطة الفلسطينية، كما تم قصف منازل «بيت لاهيا» بالقذائف المدفعية وتدمير المزارع والصوب الزراعية والمساجد، مؤكدين أن الاحتلال ضرب كل مقومات الحياة فى القطاع.

واستخدم الاحتلال الإسرائيلى سلاح «الدايم» لأول مرة خلال عدوانه على القطاع، ويعد هذا السلاح من الأسلحة الكيمائية المحرمة دوليا، فقد تم إطلاقه - حسب شهود عيان بمدينة غزة - وتعد رائحته الكريهة أفظع بكثير من رائحة الصرف الصحى، وتعود خطورة هذا السلاح إلى أنه عندما يسقط على أى منطقة بالجسم يهتك الأنسجة مما يستوجب بتر العضو بالكامل وليس جزءا منه.

كما استخدم العدوان الإسرائيلى القنابل الضوئية بكثافة، حيث تنتج وهجا كبيرا يشبه أشعة الشمس، وبعدها كان يتم قصف المناطق المحددة بوابل من الصواريخ الموجهة من الطائرات الـ F16 والطائرات بدون طيار والبراميل المتفجرة التى كانت تزن أطنانا.

وأكد أهالى غزة لـ«اليوم السابع» أن الاحتلال الإسرائيلى أطلق المئات من القنابل الضوئية على منطقة «تل الهوا» غرب مدينة غزة فى أحد أيام الحرب من الساعة الواحدة صباحا وحتى السادسة من فجر اليوم نفسه، مشيرا إلى أن الغاز المصاحب للقنابل يثير شبورة كبيرة ورائحته تؤدى لحالات اختناق حادة لا يزال أثرها موجوداً حتى الآن.

وقال سمير خليفة، أحد سكان غزة ويعمل بتلفزيون فلسطين، إنه فى اليوم الذى تم فيه استهداف الشجاعية بشكل مكثف استشهد حوالى 120 شخصا خلال عمليات نزوحهم من الحى، حيث قامت الطائرات الإسرائيلية باستهدافهم وهم يهربون خارج الحى، مؤكدا أن عائلات تم إبادتها بالكامل.

وأضاف خليفة أن المجنزرات والمدرعات والدبابات الإسرائيلية توغلت لمسافة 3.5 كم داخل الحى بحجة البحث عن أنفاق هجومية، ثم قامت قوات الاحتلال بالتوغل داخل القطاع خلال الاجتياح وقصفت المبانى بصورة عشوائية دون التمييز بين مدنيين وعناصر المقاومة، مؤكدا أنه فى بعض الأحيان كان يتم إطلاق من 50 لـ 60 قذيفة فى الساعة الواحدة، موضحا أن حى الشجاعية تعرض لـ6000 قذيفة دفعة واحدة فى منتصف شهر رمضان السابق.



الدمار لم يستثن البشر ولا الشجر ولا الحجر فى قطاع غزة

وعن مشاهد القتل والدمار قال خليفة إن الناس خرجت من بيوتها مسرعة للهرب من القصف الإسرائيلى العشوائى، حيث تركوا كل ما يملكون وخرجوا بملابس النوم، مشيرا فى الوقت نفسه، إلى أن النساء من سكان الحى خرجن بملابس الصلاة «الإسدال» لأن هذا الزى سيكون لباسهن طوال فترة النزوح، مضيفا أن جيش الاحتلال كان يحذر السكان قبل القصف بخمس دقائق أو أقل عبر رسائل نصية على الهواتف المحمولة أو باتصال تليفونى مفاده «معك جيش الدفاع اترك منزلك فورا سيتم تدميره فى غضون 3 دقائق».

مشهد آخر من مشاهد الدمار كان فى وسط مدينة غزة، حيث رصدنا الدمار الذى لحق ببرج «الباشا» المكون من 12 طابقا، الذى كان بداخله العديد من مكاتب وسائل الإعلام الفلسطينية المحلية، حيث دمرته قوات الاحتلال بأطنان القنابل ليتحول لكومة من الركام وسط غزة.

معظم مناطق القطاع عادت سنوات طويلة للوراء، فأصبحت عربات «الكارو» هى وسيلة المواصلات فى بعض الأحياء التى دمرت طرقاتها وشوارعها، واستخدم الفحم مرة أخرى لطهى الطعام، وأصبحت النيران هى وسيلة الإضاءة ليلا، والخيام، والأكشاك هى المساكن الشعبية، والأرصفة هى الأسِرّة التى ينام عليها النازحون، حتى فى مدارس «الأونروا» الأعداد كبيرة، آلاف العائلات تعيش فى أماكن مزدحمة، الشتاء على الأبواب ولا وجود لمقومات حياة طبيعية، هذا الأزمة الإنسانية ستتصاعد بشدة عند دخول موسم المدارس مع فصل الشتاء، والجميع هناك من أهالى الأحياء المنكوبة لا يملكون سوى الدعاء.

كانت هذه رحلة «اليوم السابع» فى طرقات وأحياء قطاع غزة، تركنا القطاع وأهله يعيشون فى حالة معيشية صعبة، جميع من التقينا بهم أكدوا لنا أنهم بحاجة ماسة لبناء منازلهم التى دمرت فى أسرع وقت، فالحياة أصبحت مستحيلة وسط الركام دون مياه شرب نظيفة أو شبكات صرف صحى ودون علاج أو غذاء، العالم يماطل فى إرسال مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، والذى يدفع الثمن هؤلاء المشردون النازحون.






آثار الدمار حول أحد مساجد الشجاعية


جدران متصدعة بأحد منازل الشجاعية



منزل مدمر من صوارخ المقاتلات الإسرائيلية


دمار شامل فى الشجاعية


مراسل اليوم السابع فوق أنقاض برج الباشا وسط غزة


سيارة فلسطينية تعرضت للقصف الإسرائيلى


آثار الدمار الإسرائيلى فى الشجاعية


إحدى قذائف الصواريخ الإسرائيلية التى ضربت منازل الشجاعية


الحزن على وجوه أهالى حى الزيتون


العلم الفلسطينى يرفرف فوق سماء غزة رغم الدمار


المنازل المنهارة فى الشجاعية


طفل من الشجاعية ينظر بصمود


تكدس الآلاف بإحدى مدارس الأونروا فى غزة


خيام بدل البيوت المدمرة فى الشجاعية


صورة توضح مدى الخراب الذى حدث بالشجاعية


طفل على أطلال منزله المدمر بالشجاعية


طفلة تحمل المياه فى حى الزيتون بغزة


دمار شامل فى غزة


منازل محروقة بالشجاعية


منزل بالشجاعية مدمر بالكامل


منزل تعرض لصواريخ الإف 16 الإسرائيلية


الدمار يسيطر على كل شبر فى الشجاعية


الشوارع أصبحت مأوى سكان حى الزيتون بعد الدمار الإسرائيلى


دمار لمنزل بحى البلتاجى بغزة


الدمار فى كل مكان بالشجاعية









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

hani

هو مش انتم انتصرتم - ياريت اللى دمكم يعمركم - اقصد حماس

فوق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة