سهير جودة

الرقى إذا غاب

الخميس، 18 سبتمبر 2014 05:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى إنجلترا مثلا قدمت الملكة بجلالة قدرها اعتذارا رسميا لأسرة كانت تتنزه مع كلبها ومرت سيارة الملكة بسرعة أزعجت الكلب، فى كل الدول المتقدمة الاعتذار فضيلة والذوق مثل الماء والهواء أما فى مصر التى كان يضرب بها المثل «الذوق ما خرجش من مصر» فقد أصبحت الصورة العامة وسلوكيات الناس تبدو وكأن الذوق لا يعرف أغلب أهل مصر ولم يمر عليها.

هل أصبح حال الشارع المصرى حقا أشبه بحوض أسماك ممتلئ عن آخره بكل الأنواع والأصناف والأحجام والكل يلهث وراء مصلحته وبقائه ومن هنا تنمو ثقافة البقاء والأنانية ويذهب الذوق فى رحلة بلا عودة.

وهل الصورة العامة فى الشارع تتحدث عن نفسها فعندما نشاهد سيركا فى كل مكان وفى كل تصرف وفى كل إداء إذا لم تصاب عيناك بهذا الأذى فالمؤكد أن الأذى سيأتى عبر أذنيك مما تسمعه من سباب بالأم والأب وسب الدين أيضا وهذه الفوضى المتنوعة ليست أفعالا حصرية فى الشارع ولكنها تحدث فى بعض وسائل الإعلام التى تثبت علنا وكأننا نشترك جميعا فى مشروع قومى يهدف إلى ترسيخ انعدام الذوق والرقى.
«الاحتراق الاجتماعى» أنه توصيف بعض الخبراء فى علم الاجتماع وهذه يعنى احتراق نفسى وأخلاقى فى المجتمع يواكبه احتراق داخلى بسبب الضغوط آيا ما كان مصدرها، الغلاء والبطالة والواسطة والمحسوبية الفساد والجهل الفقر سباعى الرعب فى مصر.

تتعدد الأسباب والنية واحدة البعض لا يبالى بمعنى القيم وأغلبنا مشغول بانتقاد الآخر وتفسير سلوكياته السيئة بينما لا أحدا يراقب ويرى نفسه بل ويرى كل وزنه حسنات ويغض الطرف عن سيئاته ويعتبر كل منا نفسه الشخص الصحيح فى الزمن الخطأ والجميع يشكو من الجميع وتحت هذا الضغط ربما لا يجوز لنا أن نسأل أين ذهب الرقى ولماذا خرج ولم يعد فى ظل هذه المنظومة نجد بعض الأسر تنشئ أبناءها على منطق «كن ذئبا حتى لا تأكلك الكلاب» والنتيجة أننا نجد عددا كبيرا من الشباب لديها غياب كامل لفكرة الذوق والرقى وهذا الغياب يترجم فى أفعال وكلمات وآداء.

الإحباط يدفع إلى الانحراف والإجرام أحيانا وعدم الاكتراث باية قيمة أو معايير اجتماعية وربما كان انعدام الرقى واختفاء الذوق هو أقل أنواع العدوان ولكنه البداية لكل حلقات الأذى والعنف والتردى والاستنزاف المجتمعى والابتعاد عن الجدية والاتقان إذا غاب الرقى عن أى مجتمع فهذا يعنى أن مجتمع يعيش بأخلاق الغابة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع كالعاده - ولكننا نعرف اسباب عدم الرقى وللاسف نتمادى فى عدم اتباعه

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

Ashrooof

تاكيد لكلامك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة