أكرم القصاص - علا الشافعي

د. سمير البهواشى يكتب: مقبولة لا محالة

السبت، 20 سبتمبر 2014 08:13 ص
د. سمير البهواشى يكتب: مقبولة لا محالة الكعبة المشرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحج ظاهرًا سفر من مكان إلى مكان، وباطنًا انتقال من المعصية إلى الطاعة ومن السيئة إلى الحسنة، لذلك كانت التوبة أهم أركان الحج السابقة للشعائر والمصاحبة للنية.

والتوبة هى الرجوع من طريق البعد عن الله إلى طريق القرب منه جل فى علاه، وهى بداية طريق السالكين، ولها ركن ومبدأ وكمال، فمبدؤها يكون بالإيمان الذى هو نور يقذفه الله فى القلب يعرف به العبد أن الذنوب مهلكة فتشتعل فيه نار الخوف والندم وينبعث من هذه النار صدق الرغبة فى الرجوع عن الذنب وتلافيه والاجتهاد فى عمل الخير والعزم على عدم العودة إلى الذنب مرة أخرى، وبهذا يكتمل الركن ويتم الكمال.

وهى واجبة على كل أحد إذ لا يخلو إنسان عن الذنب حتى إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه وهو المعصوم قال: "إنى ليغان على قلبى حتى أستغفر الله فى اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة"، وهى واجبة أيضا فى كل حال، فإن لم تذنب الجوارح بالمعاصى فقد يذنب القلب بالغفلة عن الله فى لحظة من اللحظات، وإن الله تبارك وتعالى ليفرح بتوبة عبده المؤمن أكثر من فرح أحدنا بعودة عزيز غائبٍ إليه، فقد جاء فى الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل فى أرض فلاة دوية مهلكة، معه راحلته وعليها طعامه وشرابه، فنام نومة فاستيقظ، وقد ذهبت راحلته فانفلتت، فطلبها فلم يجدها، فقال أرجع مكانى فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فنام فاستيقظ، فإذا راحلته عنده وعليها زاده وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من هذا العبد براحلته وزاده".

وإذا اجتمعت شروطها فهى مقبولة لا محالة وأهم هذه الشروط حل عقدة الإصرار الذى لا حامل عليه سوى الشهوة والغفلة الناشئتين من مرض فى القلب، وأمراض القلوب أشد فتكًا بالإنسان من أمراض الأبدان، لأن صاحبها لا يدرى شيئا عنها بعكس الثانية ثم إن عواقبها لا تكون فى هذه الدنيا وإنما تكون فى الآخرة، فهى ليست نقدا وإنما نسيئة، وأيضا فإن أطباءها نادرون بعكس كثرة أطباء الأبدان، لذلك فإن العلاج عزيز إلا على من وفقه الله، ولما كان علاج الأمراض بعلاج أسبابها فإننا نظرنا إلى مرض الإصرار فوجدنا أن أسبابه تنحصر فى خمسة أسباب وضعناها هنا وذيلناها بالعلاج الممكن:

1 - العقاب الموعود ليس بنقد، والطبع يستهين بما لا يوجد فى الحال.

العلاج: أن يتفكر المرء فى أن كل ما هو آت قريب وأن البعيد هو ما ليس بآت وأن الموت أقرب إلى كل أحد من شراك نعله، فما يدريه لعله فى آخر أيامه أو آخر أنفاسه وهو لا يدرى، ثم يتفكر كيف أنه يتجشم عناء السفر إلى البلاد البعيدة خشية الفقر فى المستقبل ومن أجل أن يكون ثروة ثم هو يتهاون فى بناء مستقبل أبده..؟؟.

2 - إن اللذات والشهوات قد تأخذ بخناق الواحد منا حتى إنه لا يستطيع منها فكاكا.

العلاج: أن ينظر كل منا فى نفسه كيف يستمع إلى نصيحة طبيبه إذا أمره أن يتجنب الملح والدخان والدهون لكى يحافظ على قلبه إن أصيب بضغط الدم أو بذبحة فى قلبه، ثم كيف يتغافل عن أوامر ربه ورسوله التى تحضه على الخير وتنهاه عن الشر.

3 - التسويف، وهو قول الإنسان لنفسه، سوف أتوب غدا، وهو بناء على ما ليس فى يديه.

العلاج: تذكر الموت فى كل لحظة والنظر إلى أى الأعمال يحب المرء أن يقابل ربه عليها إذ من منا ضمن لنفسه البقاء إلى الغد بل إلى الساعة التالية، ومن ظن هذا فهو غاية الجهل.

4 - الطمع فى كرم الكريم وعفو العفو سبحانه وتعالى.

العلاج: هذا وإن كان طمعا فى محله إلا أن الذى أوله شرط فإن النور آخره وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى".

5 - أن يكون والعياذ بالله شاكًا فى أمر الآخرة.

وعلاجه تصحيح العقيدة.

ويجب على الإنسان أن يتوب من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها فلا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع ندم واستغفار، فالصغيرة تعظم إذا استصغرها العبد ولم يغتم بها بل فرح بها وتباهى واستهان بستر الله له عند اقترافها فجاهر بها وتعظم أكثر وأكثر إن صدرت من عالم يقتدى به، فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.














مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سامى

بارك الله فيك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة