صالح المسعودى يكتب: الكلام الأحرش الأمرش

الإثنين، 05 يناير 2015 06:07 م
صالح المسعودى يكتب: الكلام الأحرش الأمرش أسرة سعيدة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثل مصرى صميم فى غاية الندرة كما أنه فى غاية الأهمية لما يحويه من معان، والمثل يقول (الكلام الأحرش الأمرش أحسن من الكلام الأحلس الأملس) ومعناه بشكل مبسط أن القول الواضح حتى ولو به من الخشونة الواضحة خير من الكلام الناعم أو الأملس الذى يعتمد على المداهنة دون نتائج واضحة ومحددة.

فقد كثرت فى أيامنا هذه مظاهر المداهنة والحديث السياسى الذى يفهمه البعض بأنه هذا الكلام المعسول الذى لابد له من الليونة الكلام بل ويتطلب الأمر نوع مستحدث من الابتسامة وهى الابتسامة (الصفراء) التى تظهر فكى الأسنان إن لم يكن القصبة الهوائية من داخل الفم فكلما كانت ابتسامتك عريضة وبألوان الطيف وتجيد الكلام المعسول أو(الأحلس الأملس) فأنت بذلك سياسى بارع، ولكنك يا عزيزى لا تعلم مدى أهمية الكلام الواضح والصريح الذى يغلف أيضا بأسلوب مهذب ولكن به من الصراحة والقوة ما يجبرك على احترام صاحبه (فمن أرضى الله. أرضى الله عنه الناس) ولكن هيهات أن نقدر الكلام (الأحرش الأمرش لنبتعد عن الكلام الأحلس الأملس).

وهذا المثل الشعبى المصرى يذكرنى بقول الشاعر: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى فى موضع السيف بالعلا * مضرٌ * كوضع السيف فى موضع الندى
ودعنى عزيزى القارئ أركز هنا على معنى البيت الثانى، حيث إن البيت الأول مشهور ومعروف للعامة وهنا يقول الشاعر ووضع الندى (والندى هنا تعنى المداهنة والسياسة) فى موضع السيف (السيف هنا بمعنى الحزم والحسم فى الأمور) فيكون هذا الإبدال مضر كما لو تضع سيفك فى الندى وهنا المقصود بالندى الثانية الطل الذى يسقط ليلا فيؤدى إلى صدأ السيف.

كم هو جميل أن نضع الأمور فى نصابها! كم هو جميل تذكر الحكمة فى كل تصرف نقوم به فلا نغالى فى شىء فالمغالاة كانت من أسباب الشرك فى الأرض كم نحتاج للوضوح والواقعية فى أقوالنا قبل أفعالنا فهناك أمور تستحق أن تستوقفنا فربما أهملناها، و(تمريرها) يؤدى فيما بعد لكوارث لا يحمد عقباها.

فهناك أمور فارقة فى حياة الأمم لا يصح فيها المداهنة والسياسة لأنها لا تقبل أكثر من وجه، كما أنه لا يجب استخدام هذا الحزم لأغراض تخالف الهدف المرجو أى أنه يجب وضع الأمور فى نصابها الصحيح فلا إفراط ولا تفريط.

فنحن نحتاج إلى (الكلام الأحرش الأمرش) فى كل مناحى الحياة، نحتاج الوضوح والمصداقية نحتاج الشفافية التى تجبر على الاحترام والتقدير نحتاج إثابة المحسن ومعاقبة المسىء حتى لا يطمع المخطئ بسبب التهاون، ولا ييأس المظلوم من العدالة. نحتاج عودة فعلية للزمن الجميل. زمن يقدر فيه الكبير ويعطف فيه على الصغير والفقير. زمن الترابط الأسرى. من أجل كل ما سبق وغيره فنحن نحتاج إلى (الكلام الأحرش الأمرش).








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة