طه أمين يكتب: السادات.. هزيمة دولة الخوف

الجمعة، 16 أكتوبر 2015 08:05 م
طه أمين يكتب: السادات.. هزيمة دولة الخوف الرئيس الراحل محمد أنور السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لا يعرف الكثير من أبنائنا عن الرئيس العظيم أنور السادات أكثر من دوره فى حرب أكتوبر ١٩٧٣.. باعتباره قائدًا أعلى للقوات المسلحة.. تلك القوات التى رفعت علم مصر على أرضها المحتلة بعد أن قضينا أعوامًا نتجرع فيها ألم الهزيمة ومرارتها- كما عبر الرئيس السادات نفسه فى خطاب النصر- معلنًا قدرة مصر على تحويل يأسها إلى أمل.. وتبديل ترددها إلى حزم.. وإعلان سيطرتها على محيطها الحيوى وأمنها القومى إلى الأبد.. لم يعرف الكثير من أبنائنا عن أنور السادات أكثر من ذلك.. وبالتالى لم يعرفوا كيف هيأ السادات الشعب المصرى للحرب ومن قبلها هيأه نفسيا للانتصار على خوفه كى يستطيع الانتصار على عدوه الصهيونى..

كان السادات قد ورث عن الرئيس عبد الناصر تركة ثقيلة.. هى عبارة عن هزيمة عسكرية دراماتيكية فوجئ بها الشعب المصرى بعد أيام من بداية المعركة.. كانت أياما تواصل فيها خداع الإعلام لإقناع الشعب المصرى بانتصار وهمى يضع القوات المصرية على أبواب القدس.. فى الوقت الذى كان أبناؤنا الأبطال من جنود وضباط الجيش المصرى العظيم يعانون مرارة فشل بعض القيادات فى التخطيط لمعركة حسمها العدو الصهيونى من أول لحظة.. لقد دفع الجندى المصرى وقواتنا المسلحة ثمن سوء التقدير والتخطيط من جانب بعض القيادات- يعلم الله وحده- مدى قدرتها على التحليل والتخطيط لمعركة مصيرية كتلك التى خضناها فى ٥ يونيو ١٩٦٧.. لم يحارب الجندى المصرى- فى حقيقة الأمر- وإنما ترك نهباً لعدو أحسن التخطيط بينما بعض قياداتنا تغط فى سبات عميق.. وتحمل المصريون فشل التخطيط السياسى والعسكرى فى تلك الفترة فى صمت فرض عليهم جميعا... فرض عليهم بقوة الصمت الإجبارى.. وبحكم السيطرة الإعلامية التى جعلت من الهزيمة نصرا.. وجعلت الفشل نكسة.. وصنعت مزيجا من صورة الوطن التى تنماهى مع صورة الزعيم... ليصبح العالم كله- بزعمهم- كارها للزعيم وبالتالى كارها للوطن... وأصبح المصرى مكرها على الصمت مجبرا عليه.. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة... وفى رأيى أن التحدى الأكبر الذى واجهه الرئيس السادات فى بداية حكمه لم يكن فقط إعادة بناء القوات المسلحة.. وإنما إعادة الثقة للمواطن المصرى فى وطنه.. وإقناع المصريين أن ما سيأتى سيكون من صنعه هو.. ولأجله هو.. وأن المواطن المصرى يستحق أفضل مما فات طوال سنوات حكم عبد الناصر.. وأن مصر ستكون أفضل طالما آمن المصرى أنه صاحب وطن.. وشريك بناء.. وليس درويشًا يسير فى ركاب زعيم ملهم.

وكان أول ما قام به السادات هو إلغاء الرقابة على الصحف.. ليتحدث المصرى بحرية.. ولتنشأ ثقافة جديدة يستطيع من خلالها تعلم قراءة الأخبار وتحليلها.. وتنفس الحرية فى النقد والانتقاد.. الذى وصل فى بعضه إلى التجريح والسب فى حق السادات نفسه.. الذى ترك للصحافة حرية أكبر ليتعلم المصرى التعبير عن نفسه وأفكاره دون خوف.. غير السادات بعد ذلك العديد من القوانين التى ألغت الاعتقالات وبالتالى أغلق المعتقلات.. ألغى السادات فى خطوة تالية كل أنواع الرقابة على المواطن إلا بأحكام قضائية.. فقد كان المواطن المصرى عرضة لانتهاك خصوصياته فى أى لحظة.. وبقرار من كائن من كان.. دون الرجوع لقاض أو قانون.. تقدم السادات خطوة أكثر فقرر وضع دستور عام ١٩٧١ وهو واحد من أفضل الدساتير المصرية فى التاريخ الحديث.. ليشعر المواطن المصرى بالأمان فى ظل وثيقة- لا تنحو نحو الإنشاء و اللعب بالشعارات- وإنما تضمن له حقوقه وتحدد له واجباته.. كل ذلك لينتهى الأمر بالسادات باتخاذ قرار الحرب.. لتكون خطوة أخيرة نحو نصر استعد له خطوة بعد أخرى.. ليكون شعبه منتصرا على خوفه ورعبه الذى جعل المصرى يخاف أن يذكر أى انتقاد سياسى حتى أمام أخيه.. فقد أوصلته دولة الخوف إلى حالة من الرعب والسلبية لم يكن معها ممكنا تحقيق أى انتصار عسكرى... فتحية للرئيس السادات الذى حارب الخوف فى قلوب المصريين.. قبل أن يحارب العدو الصهيونى على أرض سيناء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة