كرم جبر

خدعة اسمها «من أجل مصلحة المواطن»

السبت، 03 ديسمبر 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أجل مصلحة المواطن، عبارة فقدت معناها، من كثرة استخدام البعض لها بمناسبة وبدون مناسبة، وعلى غير الحقيقة وبصورة استفزازية، فالسكر مثلًا لا يوجد فى أى مكان، إلا عند المتحدث الإعلامى لوزارة التموين، الذى أصر فى مداخلة أحد البرامج، أن السكر متوفر والاحتياطى كافٍ، ومعه الزيت التموينى والأرز، ولم يعترف بأن السلع التموينية لم يتم تسليمها منذ شهرين أو أكثر، وأصر على أن كله تمام، والوزارة تعمل من أجل مصلحة المواطن، وكأن «المواطن» ناكر الجميل لا يعرف مصلحته، ولا يعترف بأن السكر فى كل مكان ولا توجد فيه أزمة.
 
لو تمت المصارحة بأن القرارات التى أطلقت ماراثون الغلاء، لم تكن فى مصلحة المواطن، وتزيد معاناته، ربما تسلح الناس بالصبر والتحمل، ولكن زاد الصراخ وارتفعت الشكوى، بسبب الإصرار على إنكار المشاكل والأزمات، أو وصفها بأنها بسيطة وعادية، وأن العيب فى المواطن الذى يشكو الغلاء، بينما ينفق مليارات الجنيهات فى الجمعة السوداء أو البيضاء، وكأن  الـمصريين جميعا ذهبوا واحتشدوا أمام عدد محدود من السلاسل التجارية، جريا وراء التخفيضات الوهمية.
 
استشيط ألما عندما أجد مسؤولا يفسر الغلاء بأنه فى مصلحة المواطن، ويبرر جنون الدولار بأنه فى مصلحة المواطن، فى الوقت الذى تضاعفت فيه أسعار كل السلع، ولا أدرى أين المصلحة فى ارتفاع سعرعلبة قياس السكر من 120 جنيها إلى 240، واختفاء المحاليل من الصيدليات والمستشفيات، ويتقاتل الناس أمام عربات بيع السكر، للحصول على كيلو أو اثنين، فى مشهد مؤسف أتمنى أن يختفى ولا نراه، وإلى متى  تستمر لعبة الكراسى الموسيقية بين السلع الضرورية التى تختفى فجأة، دون مبررات حقيقية؟
 
المستثمرون ورجال الأعمال والتجار الذين يستنزفون المواطن ويستغلونه، يرفعون أيضا يافطة «من أجل مصلحة المواطن»، فعندما ألغت الحكومة الرسوم الجمركية على الدواجن المستوردة، شحن المستوردون قوتهم وهددوا وتوعدوا، وسكبوا دموع التماسيح على حظائر الثروة القومية الداجنة التى تريد الحكومة أن تقتلها وتغلق بيوت عشرات الآلاف، لمجرد أنها فكرت فى مواجهة أزمة تلوح فى الأفق فى الأسابيع القادمة، على غرار ما يحدث فى الزيت والأرز والسكر، وزعم صناع الأزمات بأن القرار فى غير «مصلحة المواطن».
 
يا ريت نسمى الأشياء بمسمياتها الصحيحة، ولا نزيد معاناة المواطن باللجوء إلى خدعة اسمها مصلحة المواطن، فالمواطن هو الذى يعرف مصلحته، ومن ينفعها ومن يضرها، ومن يقف فى صفه ومن يتاجر به.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة