هل تختلف خصخصة «السيسى» عن خصخصة «مبارك»؟.. خبير: الحكومة لديها من الأدوات ما يجعل عمليات البيع عادلة وتساهم فى دعم الاقتصاد

الثلاثاء، 02 فبراير 2016 01:24 م
هل تختلف خصخصة «السيسى» عن خصخصة «مبارك»؟.. خبير: الحكومة لديها من الأدوات ما يجعل عمليات البيع عادلة وتساهم فى دعم الاقتصاد شريف إسماعيل رئيس الوزراء
تحقيق : محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد ملف الخصخصة من جديد ليثير الجدل بين المهتمين بالشأن الاقتصادى، خصوصا بعدما أعلنت الحكومة مؤخرا عن عزمها طرح عدد من الشركات العامة الناجحة للاكتتاب العام بالبورصة، بهدف تنمية هذه الشركات وتمويل هيكلة الشركات الأخرى، بالإضافة إلى دعم سوق المال.

ورغم ارتباط فكرة الخصخصة فى مصر بشكل عام بالفساد الحكومى، وخصوصا أن معظم قضايا الفساد خلال السنوات الماضية ارتبطت بشكل ما ببيع شركة ما، وأشهرها شركة حديد الدخيلة وعمر أفندى وغيرهما، فإن الحقيقة أن أسباب هذا الفساد كانت تتركز دائما فى الإجراءات، خاصة فى عمليات التقييم، وهو ما تعهدت الحكومة الحالية بعدم السماح بحدوثه، وخصوصا أن عمليات البيع لن تكون لمستثمر وحيد، وإنما ستكون بالاكتتاب فى البورصة، أى لآلاف المستثمرين.. فهل تختلف الخصخصة فى عهد السيسى عنها فى زمن مبارك؟

قال إيهاب سعيد، خبير سوق المال، إن الخصخصة فى مفهومها لدى عامة الناس، هى تخارج الدولة من أصولها لصالح القطاع الخاص، أما فى مفهومها الشامل، فهى تحمل فى طياتها ما هو أعم من مجرد هذا التعريف البسيط، موضحا أنها تهدف من المنظور الاقتصادى إلى الاستغلال الأمثل للموارد، ورفع إنتاجية الفرد، وكفاءة التشغيل، وقصر دور الدولة على تنظيم السوق دون تدخل إلا فى حالات الضرورة القصوى, أما من المنظور السياسى، فهى تهدف إلى تفرغ الدولة للشؤون الأهم، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الأمنية، بعيدا عن الدخول فى منافسة مع القطاع الخاص.

وأضاف سعيد أن الخصخصة لا يمكن اعتبارها منهجا منفردا، وإنما تأتى ضمن برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى، يشترط لتحققه وجود توجه كامل من الدولة لتطبيق إصلاحات هيكلية صعبة، ولذلك لا يمكن إطلاق لفظ «خصخصة» على أى عملية بيع أو طرح من قبل الدولة لإحدى شركاتها.

والناقدون لمفهوم الخصخصة، دائما ما يرجعون رفضهم إلى التخوف من سياسة الاحتكار التى قد يخلفها السوق الحر، خاصة وأن أولى تجاربنا قد شهدت استغلال بعض رجال الأعمال المقربين من السلطة لهذا التوجه فى الاستحواذ على قطاعات كاملة.

وأكد خبير سوق المال أن الدولة يمكنها أن تتدخل ببعض الإجراءات التى تضمن سلامة السوق دون أن تنافس، كمنح تراخيص إضافية لمصانع أخرى لذات المنتج، أو بتسهيل الاستيراد، أو حتى بخفض الجمارك، وغيرها من الإجراءات التى تستطيع الدولة عن طريقها ضبط السوق دون تدخل مباشر بالمنافسة.

وأما ما يتعلق برجال الأعمال وتقربهم من السلطة، فيمكن التغلب عليه بفصل رأس المال عن السلطة فصلا نهائيا، كما فعلت الكويت، حين حظرت على الوزراء والنواب وأقاربهم الاستفادة من برنامج الخصخصة.

فالأزمة تولدت مع ربط البعض لهذا المفهوم الاقتصادى مع أى نقد لنظام مبارك باعتباره نظاما فاسدا! فما من ناقد لنظام مبارك، إلا وربط انتقاداته ببرنامج الخصخصة، حتى تولد شعور لدى الرأى العام بأن الخصخصة فكرة فاسدة ترتبط كليا وجزئيا بنظام مبارك! وأى محاولة لإعادة الحوار حول هذا المفهوم، فيعتبر ردة للخلف وعودة للفساد، والحقيقة أن البعض تملكت منه الفكرة وأضحت تسيطر عليه بالفعل، فيما أن البعض الآخر يعتبرها فزاعة للنظام الحالى.

سواء أعداءه المعروفين أو حتى مجموعة اليساريين الحالمين بعودة نظام الستينيات، رغم اندثاره، ليس فقط فى مصر ولكن حتى الاتحاد السوفيتى الذى سقط وسقطت معه الاشتراكية التى كانت تشكل المنهج الأساسى للشيوعية القائمة على الحد المفرط من الملكية الخاصة، بكل ما خلفته من سلبيات، تمثلت فى البيروقراطية، وضعف الحوافز الفردية، وغياب الابتكار والمركزية اللامحدودة فى القرارات وظهور روح اللامبالاة.

وهى كلها سلبيات تنطبق بشكل واضح على العديد من قطاعات الدولة ومؤسساتها، نظرا لكونها إرثا ثقيلا من ستينيات القرن الماضى.

ولنا فى شركات قطاع الأعمال أكبر عبرة ومثل، فكيف تكون إجمالى أرباح 125 شركة من كبرى الشركات 1,6 مليار جنيه سنويا بعد أن تضاعفت 3 مرات، فى الوقت الذى تتجاوز فيه مرتبات العاملين بالقطاع 15 مليار جنيه؟!

فلا يخفى على أحد أن العديد من هذه الشركات تعانى من خسائر متراكمة، سواء بسبب تهالك الماكينات، أو سوء استغلال الأصول، أو حتى فساد إدارتها.

وأيا ما كانت أسباب الخسائر، يبقى أن تلك الشركات كمثال تُحمل موازنة الدولة أعباءً سنوية دون أى عائد حقيقى.

والمدهش حقيقة أن من يرفض طرح جزء من الشركات الناجحة بالبورصة بحجة أنها عودة لبرنامج الخصخصة، لا يجد أى غضاضة، فيما تفعله بعض هذه الشركات الحكومية كل فترة من بيع أصولها لتسديد مرتبات العاملين!

فبعض شركات قطاع الغزل والنسيج تضطر أحيانا لبيع بعض ما تملكه من أراضٍ لسداد مرتبات العاملين، لاسيما وأن خسائر القطاع لا تخفى على أحد، ويكفى أن وزارة الاستثمار تدعمه بقرابة مليار جنيه سنويا لسداد الرواتب!

فأيهما أولى؟ بيع أصول الشركات لسداد الرواتب الشهرية؟ أم طرح حصص من شركات أخرى ناجحة للمصريين بالبورصة، واستخدام جزء من التمويل الناتج منها فى إعادة هيكلة وتطوير نظيرتها الخاسرة؟
أخيرا، أتفهم تماما أن مجرد الإعلان عن طرح شركات حكومية ناجحة بالبورصة، أيا ما كانت الأهداف، لا يعنى بالتبعية عودة برنامج الخصخصة.

إلا أننى وبمنتهى الأمانة، أتمنى أن تكون تلك الخطوة هى بداية لتطبيق الخصخصة بمفهومها الشامل، فلا أمل فى أى تقدم سوى بالتخلص من كل الأفكار العقيمة التى تسببت فى تراجع مصر فى كل بيانات التنافسية العالمية.


p









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة