عبد النبى مرزوق يكتب: المواطن المصرى بين نقد الذات وانتقاد الآخرين

الخميس، 17 مارس 2016 10:04 م
عبد النبى مرزوق يكتب: المواطن المصرى بين نقد الذات وانتقاد الآخرين مواطنون - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النقد تعبير كتابى أو لفظى عن سلبيات وإيجابيات سواء كانت إبداعات أو إخفاقات فى قرارات يتخذها شخص أو مجموعة من الأشخاص فى موقع ما من المسئولية والسلطة سياسية كانت أو اجتماعية واصفا مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، ثم يتبعها بما يقترح من الحلول، فلم يشرع النقد إلا لتلافى أخطاؤنا وتصويب مساراتنا.

النقد فعل محايد غير منحاز يوضح الإيجابيات والسلبيات دون اتهام أو تقريع أو اعتداء، فى حين أن الانتقاد يهتم أكثر بتصيد الأخطاء وإظهار الجوانب السلبية دون تصويب أو تبيان للصحيح من العمل وغالباً ما يوجه لذم أو انتقاص صاحب العمل ذاته.

وتروى القصة حينما تولى الملك نيقولا الأول مقاليد الحكم فى روسيا مطلع القرن الثامن عشر فاندلعت موجة عارمة من الاحتجاجات ضد فساد الدولة وانهيار منظومتها الصناعية، وطالب المحتجون الملك نيقولا بالاصلاح حتى تلحق روسيا بما سبقها من دول أوروبا، وقد تزعم الحركة الاحتجاجية شخص يدعى راييلف فما كان من نيقولا إلا أن أمر بقمع هذه الاحتجاجات وقضى بكثير من أحكام الإعدام على بعض المتظاهرين وعلى رأسهم راييلف.

جاء يوم تنفيذ الحكم على راييلف فى وسط ذهول شعبى، وما أن وقف راييلف على منصة الإعدام والتف الحبل حول رقبته وتخلت الأرض عن قدميه تعلق بالحبل فانقطع ونجا راييلف من الموت شنقا، كان من تقاليد الدولة فى مثل هذه الحالات النادرة أن يتم إصدار عفو ملكى كرامة لصاحب النجاة ولما شرع الملك بكتابة المرسوم الملكى سأل حراسه عما قاله راييلف بعد نجاته، بادر الحراس الملك بما قال راييلف حيث هلل قائلا هل وصل الأمر إلى هذا الحد من الإهمال والفساد وأن روسيا العظمى لم تعد قادرة على صناعة حبل قادر على حمل رجل، عندئذ مزق نيقولا مرسوم العفو وأمر بحبل جديد وتم اعدام راييلف.

انتهت القصة ومات راييلف ليس لأنه صاحب رأى نقدى، لكنه تجاوز فى استخدام النقد دونما يدرى فى أى وقت والى أى مدى ينقلب النقد إلى انتقاد، والحقيقة فى أن عدم تربيتنا على نقد الذات مقابل شغفنا بانتقاد الآخرين هو ما حولنا إلى مجتمع من الواعظين والمتناصحين دون تطبيق ما نقوله على انفسنا قبل ان نطالب به الغير، فعقلية الوصاية التى نفرضها على غيرنا شغلتنا عن أنفسنا فتحولنا إلى ملايين الواعظين المصلحين دون أن نتعظ ودون أن نعمل لإصلاح أنفسنا أولا والخلل ثانيا للنهوض بالوطن والخروج به من كبوته.

النقد البناء هو إظهار لمواضع القصور والخطأ قولا وفى ذات اللحظة مد يد العون بالبدائل واقتراح الحلول لإصلاح ذلك القصور.














مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة