د. أحمد حميدة

تجربة جهاز الكسب غير المشروع المصرى وإمكانية الاستفادة منها عربيا

السبت، 23 أبريل 2016 09:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مساهمة حقيقية لحماية المال العام فى الدول العربية فإنه يجب أن يتم نقل تجربة الكسب غير المشروع من مصر إلى شتى البلدان العربية، خاصة بعد قيام الجهاز بعد ثورة 25 يناير بالحفاظ على المنشئات المصرية من المفسدين العابثين بأموال الشعب واستطاع الجهاز التحقق من ثروة الفاسدين فى مصر ومحاكمتهم بتهمة استغلال النفوذ وتضخم الثروات .

فجرائم الكسب غير المشروع هى جرائم ذات طابع خاص مختلف عن الجرائم التقليدية سواء من حيث مرتكبيها أو الضرر الناجم عنها، فمرتكبى هذه الجرائم يتمتعون بمستوى ثقافى وعلمى وخبرة فى مجال عملهم تمكنهم من ارتكاب تلك الجريمة وإخفاء معالمها عن الأجهزة الرقابية، إلا أن جهاز الكسب المصرى استطاع الكشف عن هذه الأموال .

كما أن حجم الضرر الناتج عن هذه الجرائم يقع بصفة مباشرة على المال العام ما يؤدى إلى إضعاف كيان ومقومات الاقتصاد الوطنى، وإذا كنا نجتمع من أجل العمل الجماعى لمجابهة الفساد والحد منه، لذلك لابد من إيجاد آلية وإجراءات معينة تسهل عملية اكتشاف وإثبات تلك الجرائم وتؤدى إلى تسهيل عمليات استرداد الأموال المحصلة عنها، وها نحن فى مصر وعن طريق جهاز الكسب غير المشروع نستطيع التواصل مع كل الأجهزة لتتبع تلك الأموال وعودتها لمكانها الطبيعى فى محاولة جادة للحفاظ على المال العام من السرقة وجريمة الثراء أو الكسب غير المشروع هى فى حقيقتها صورة من صور الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة المنظمة بالمواد (170 - 177 - 182 - 183) من قانون العقوبات وبالذات جرائم الاختلاس واستثمار الوظيفة والرشوة وإساءة استعمال السلطة.

لكن الفرق بين هذه الجرائم وجريمة الكسب غير المشروع أو الإثراء غير المشروع هو فى طريقة الإثبات وليس فى كيفية تحقق الكسب غير المشروع.

فالكسب أو الإثراء غير المشروع أو الزيادة فى الثروة ستتحقق للموظف أو لمن هو خاضع لنطاق القانون من خلال استغلاله لوظيفته أو لمنصبه، ففى جميع هذه الجرائم فإن عبء إثبات تحقق أركان الجريمة وارتكابها من قبل المتهم يكون على النيابة العامة استنادا إلى قرينة البراءة المفترضة فى القانون الجزائى.

ولأهمية جهاز الكسب غير المشروع فإن مجلس النواب المصرى يعمل على تطوير القانون بوضع مواد تغلظ من العقوبة، ولو قمنا بنقل التجربة المصرية لكل البلدان العربية سنخلق حالة من التعاون المصرى العربى وتبادل الخبرات، ويمكننا من خلال تلك المنظمة عقد دورات تدريبية فى مجال مكافحة الكسب غير المشروع وفق المعايير الدولية لبحث التحديات التى تواجه الدول العربية فى مجال الحفاظ على المال العام من النهب وسبل التعامل معها من خلال دراسة التحديات التى تواجه كل دولة على حدة ما يعزز من الوصول لإقامة إدارة عربية مركزية للكسب تحت مظلة شاملة للاستفادة من القدرات المختلفة فى التحقيق فى قضايا الكسب غير المشروع وكذلك فى الصياغة التشريعية لمكافحة الكسب غير المشروع، وجهاز الكسب غير المشروع هو جهاز حكومى مصرى أنشئ طبقا للقانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع ويتبع وزارة العدل، ويشكل الجهاز من مدير يختار من بين مستشارى محاكم الاستئناف ومن عدد كاف من الرؤساء بالمحاكم الابتدائية يندبون طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية.

ويختص الجهاز بطلب البيانات والإيضاحات المتعلقة بالشكاوى ومعاونة الهيئات التى تتولى فحص إقرارات الذمة المالية وتحقيق الشكاوى المتعلقة بالكسب غير المشروع من خلال هيئة أو أكثر تشكل كل منها من خمسة من مستشارى محكمة النقض يختارون فى بداية العام القضائى بطريق القرعة، وتكون رياستها لأقدمهم وذلك بالنسبة إلى رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الوزراء ونوابه ومن هم فى درجتهم والوزراء ونوابهم وأعضاء اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى العربى وأعضاء مجلس الشعب، وهيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من مستشار بمحاكم الاستئناف، وذلك بالنسبة إلى من فى درجة الوزير ونائب الوزير والفئة الممتازة ووكلاء الوزارات ومن فى درجتهم، وهيئات يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل تتألف كل منها من رئيس محكمة وذلك بالنسبة إلى باقى الخاضعين لأحكام قانون الكسب غير المشروع، فيما وافق مجلس الوزراء المصرى على مشروع قرار بخصوص تعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع.

ويتضمن التعديل توسيع فئات الخاضعين لأحكام القانون، لتشمل فئات جديدة لم ترد فى القانون الحالى من بين أعضاء مختلف سلطات الدولة ورؤساء الأحزاب والهيئات والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، والشركات التى تسهم فيها الدولة والجهات التعاونية وغيرها من الجهات المنصوص عليها.

كما تشمل الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية التى ترتكب جريمة منصوص عليها بقانون العقوبات، أو أى قوانين أخرى، بحيث يشمل التجريم كل من يتكسب كسبا غير مشروع دون قصره على فئة معينة، حتى ولو لم يكونوا من العاملين فى الدولة، ويخضع للقانون مرتكبو جرائم الإرهاب وتمويله أو الانضمام إلى جمعية أو هيئة أو جماعة أو عصابة، وجرائم الرشوة والعدوان على المال العام، سواء كان فاعل أو شريك، وجرائم تهريب أو الاتجار بالسلاح والمخدرات وغسل الأموال وتوظيف الأموال، والذين يحققون من وراء ذلك ثروات طائلة غير مشروعة، يقومون بإيداع متحصلات جرائمهم فى مؤسسات مالية أو مشروعات مختلفة لغسلها، وقطع الصلة بين تلك الأموال ومصادرها الإجرامية، وإعادة ضخها فى مشروعات اقتصادية كبيرة بغير هدف الربح والمنافسة المشروعة، بما يقضى على المنافسة الحرة وعلى نحو يهدد الاستثمار والمستثمرين الجادين واقتصاد البلاد، كما يتضمن التعديل الإبقاء على وجوب تقديم إقرار الذمة المالية وفقا لأحكام القانون لمراقبة ذمة الخاضعين، التزاما بما تقتضيه واجبات الوظيفة، بأن يؤدى عمله بتجرد ونزاهة، ولكشف أى انحراف تحقيقا للشفافية.

ويتأبى ذلك المنطق على الفئات التى ليست من بين الموظفين العموميين والمنصوص عليهم بالبند السادس من المادة رقم 1، اكتفاء بمتابعة ذمتهم المالية من خلال فحص تضخم ثرواتهم نتيجة لأفعال غير مشروعة أو ارتكاب جريمة.

وأضاف التعديل أنه يجوز التصالح فى الجريمة المنصوص عليها بالمادة 18 من هذا القانون خلال سنة من تاريخ سريانه، حيث يكون للمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهما الخاص فى مرحلة المحاكمة طلب التصالح أمام المحكمة برد جميع ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، وتنقضى الدعوى الجنائية فى جريمة الكسب غير المشروع بمضى عشر سنوات، تبدأ من تاريخ تقديم إقرار انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها.

ولا يمنع انقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة من رد الكسب غير المشروع بحكم من محكمة الجنايات المختصة ويعاقب بالحبس وبغرامة مالية لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تخلف عن تقديم إقرارات الذمة المالية فى المواعيد المقررة، كما يعاقب بالحبس أو بالغرامة التى لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ذكر عمدا بيانات غير صحيحة فى تلك الإقرارات، وبعرض أبرز ملامح جهاز الكسب فى مصر نوصى برفع توصية ببحث أوجه التعاون العربى وإمكانية الاستفادة من خبرات الجهاز ونقل التجربة للعواصم العربية من أجل مد جسور التعاون فى هذا المجال للحيلولة دون التلاعب بالمال العام فى الأقطار المختلفة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة