خداع 7.5 مليون مريض سكر فى مصر..12 قناة فضائية متخصصة فى سرقة الأفلام تذيع إعلانات مضللة.. الفضائيات تواصل بث الإعلان وسط صمت حكومى.. و"دم" المسئولية يتفرق بين القبائل.. و"حماية المستهلك": فتحنا تحقيق

الأحد، 05 يونيو 2016 02:00 ص
خداع 7.5 مليون مريض سكر فى مصر..12 قناة فضائية متخصصة فى سرقة الأفلام تذيع إعلانات مضللة.. الفضائيات تواصل بث الإعلان وسط صمت حكومى.. و"دم" المسئولية يتفرق بين القبائل.. و"حماية المستهلك": فتحنا تحقيق مرض السكر – أرشيفية
كتب منى ضياء - أحمد جمال

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لجأت مجموعة من القنوات الفضائية الشهيرة بسرقة الأفلام، لحيلة ليست جديدة لخداع المواطنين وتحقيق أرباحا طائلة على حساب صحتهم، ولكن هذه المرة تخطت كل الحدود بالإعلان عن دواء جديد ادعت هذه القنوات أنه يقضى على مرض السكر نهائيا تحت اسم "Goodbuy diabetes"، حيث استعانت الشركة المصعنة للدواء بالطرب إيهاب توفيق لكى يغنى فى الإعلان لجذب مزيد من المشترين.

ورغم تنصل المطرب من أى مسئولية تتعلق بعدم فعالية الدواء، ملقيا المسئولية على الشركة المنتجة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، إلا أن الشركات الوهمية التى تبيع "الدواء المغشوش" لازالت تتلقى عشرات الاتصالات يوميا من مرضى يطالبون بشراء الدواء، والذى يصل سعر العبوة منه إلى 1250 جنيها.

وتعرض هذه الإعلانات المشبوهة مجموعة من القنوات المتخصصة فى سرقة الأفلام من دور السينما، وهى "البيت بيتك، توك توك 1 و2، سينما برو، بيلودى أفلام، بلس 18، السينيورا، بالإضافة إلى قنوات الحلبة، المصارع، WWE" كما تعرضه أيضا مجموعة قنوات تايم.

وتبث هذه القنوات من أقمار صناعية تابعة لدول أجنبية وهى يوتلسات الفرنسى، وعرب سات التى يقع مقرها فى دولة السعودية، ولا تبث برامجها عبر النايل سات المصرى.

هذا الإعلان يخاطب مرضى السكر الذين يتجاوز عددهم فى مصر 7.5 مليون شخص – طبقا لتقديرات المعهد القومى للسكر والغدد الصماء، وهو ما دفع "اليوم السابع" للتواصل مع مجموعة من المواطنين ممن اشتروا هذا الدواء لنجد الكارثة، وهى أن الشركة المنتجة أبلغتهم عند طلب شراء المنتج أنه يشفى تماما من مرض السكر وأنه يستخدم بديلا لأدوية السكر المتداولة مثل الأنسولين، وهو ما يتسبب فى كارثة للمرضى الذين يتركون علاج السكر وينخدعون بمثل هذه الإعلانات المضللة.

وقالت سيدة محمد: إنها اشترت الدواء لوالدتها المريضة بالسكر وبدأت تناوله قبل 10 أيام، لافتة إلى أن الشركة أبلغتها أن الجرعة تكفى مدة 3 أشهر، وتبدأ نتائجها فى الظهور بعد أسبوعين من تناولها بشرط أن تستمر فى تناول العلاج الطبى الذى وصفه الطبيب خلال الأسبوع الأول، ثم تتخلى عنه تماما وتكتفى بالمنتج المعلن عنه فقط فيم بعد.

واتضح من الحديث أن سيدة التى تبلغ من العمر 30 عاما، شابة متعلمة حصلت على مؤهل جامعى، ورغم ذلك اعتقدت أن الدواء "أكيد موثوق فيه لأن الإعلان يتم إذاعته فى كل القنوات واللى بيغنى فى الإعلان إيهاب توفيق" – على حد تعبيرها - دون أن تتكلف عناء سؤال الطبيب المعالج أو التأكد من تسجيل الدواء بوزارة الصحة، حتى لا تنخدع بإعلانات مضللة.

وقالت إحدى السيدات – طلبت عدم ذكر اسمها – اتصلت بالشركة لتوفير عبوة من الدواء الجديد لابنتها التى تبلغ من العمر 35 عاما وتعانى من مرض السكر منذ 3 سنوات، وعندما علم الابن بهذا الفعل رفض الشراء مطلقا وطلب من الشركة استعادة العبوة مقابل دفع مصاريف الشحن، وهو ما برره لوالدته بأنه غير واثق فى الأدوية التى يعلن عنها فى التليفزيون، رغم محاولة الشركة إقناع الأسرة بإتمام عملية الشراء وأن نسبة الشفاء تصل إلى 100%.

الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيدلة، قال إن جميع الأدوية التى يتم الترويج لها عبر القنوات الفضائية مجهولة المصدر وغير مسجلة فى وزارة الصحة، بما يمثل خطورة على صحة الإنسان، ويتم بيعها دون المرور بإجراءات الأمان والرقابة الواجب توافرها لبيع الأدوية والمتبعة فى الصيدليات، بخلاف أن القانون حظر الترويج لتلك الأدوية سواء - كانت مسجلة أو غير مسجلة - عبر الإعلانات التجارية.

وكشف الوكيل أن نقابة الصيادلة، قامت بحصر القنوات الفضائية التى تذيع مثل هذه الإعلانات المضللة، وبلغ عددها حوالى 12 قناة فضائية، ورفعت تقارير بهذا الشأن لجهاز حماية المستهلك، وقام الجهاز من خلال هذه الشكاوى بتحرير محاضر ضدها فى أكثر من حالة سابقة للإعلان عن أدوية مجهولة المصدر.

وفيم يتعلق بالإعلان الجديد لدواء مرض السكر، نفى الوكيل علمه أو مشاهدته هذا الإعلان، مؤكدا أنه سيشاهده وسيتقدم بشكوى لإدارة التفتيش بوزارة الصحة للتحقيق فى هذا الشأن.

وفى محاولة لتحديد مسئولية الجهات المختلفة لوقف هذه المهزلة كانت المفاجأة، وهى أن أى من الجهات المفترض أن تكون معنية بالأمر لا يمكنها فعل أى شىء تجاه وقف مهازل هذه القنوات المجهولة، والتى وصلت لحد قتل المواطنين بمستحضرات لا يعرف أحد مصدرها.

وكانت البداية بجهاز حماية المستهلك والمفترض أن يكون له الدور الأكبر فى حماية المواطنين من ممارسات الشركات المجهولة والإعلانات المضللة، حيث أكد اللواء عاطف يعقوب رئيس الجهاز فى اتصال هاتفى لـ"اليوم السابع"، أن الجهاز بدأ التحقيق فعلا فى هذا الموضوع.

وقال يعقوب: "إحنا بنحقق فى الموضوع ده وبعتنا نجيب رد قطاع الصيدلة ولم يصلنا حتى الآن. لكن شكل الإعلان كده مضلل".

وأكد يعقوب أن الجهاز لن يتخذ أى إجراءات فى الوقت الراهن قبل رد الصيدلة للتأكد من مدى فعالية هذا المنتج وحصوله على التصاريح اللازمة، وفى حالة ثبوت أنه "مغشوش" سيتم إحالة صاحب المنتج والوكالة الإعلانية والقناة الفضائية للنيابة - على حد تأكيده – وهو الإجراء الذى تم اتخاذه حيال إعلان الفنانة هالة فاخر عن مركز صيانة غير أصلى على نفس هذه القنوات.

وردا على إمكانية قيام الجهاز بمحاسبة القنوات الفضائية المضللة، خاصة وأنها لا تتبع المنطقة الإعلامية الحرة ولا يوجد لها مقرات داخل مصر، وهو ما رد عليه يعقوب قائلا: "إحنا هنا لينا السلعة موجودة فى السوق وهندور على المنتج إذا كان حاصل على تصريح بالتداول ولا لأ".

ورغم التأكيدات السابقة، إلا أن الدكتورة مديحة أحمد مدير إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة نفت تماما وصول أى خطابات من جهاز حماية المستهلك للاستفسار عن هذا الدواء.

وقالت مديحة فى اتصال هاتفى لـ"اليوم السابع": "هذا الموضوع لم يصلنى من جهاز حماية المستهلك حتى الآن"، مؤكدة على أن كل المستحضرات والأدوية التى يعلن عنها فى التليفزيون غير مسجلة بوزارة الصحة وغير مصرح بتداوله، وأن هذا الإعلان مضلل تماما.

وشددت مدير إدارة التفتيش الصيدلة على أهمية القيام بحملات توعية إعلامية للمواطنين للتحذير من تداول مثل هذه المنتجات التى تروجها الفضائيات المجهولة، قائلا: "هذا يعد جريمة قتل عمد".

وحول الدور الذى يمكن أن يقوم بها قطاع التفتيش الصيدلى فى وقف بيع مثل هذه الأدوية ومحاسبة الجناة، قالت مديحة: إن وزيرا الصحة والاستثمار ناقشا هذه المشكلة من قبل حيث يتم الإعلان عن أدوية ومستحضرات طبية من خلال القنوات الفضائية، وهو أمر محظور، ولكن الأمر انتهى لتأكيد وزارة الاستثمار أن هذه القنوات لا تبث من خلال المنطقة الإعلامية الحرة ولا تدخل تحت سيطرتها، وهو ما يعنى حسب قولها إن الحل الوحيد هو توعية الناس من هذه المنتجات.

وأكدت أن إدارة التفتيش الصيدلى معنية بالتفتيش على الصيدليات أو مخازن وشركات الأدوية، وهى الأماكن الرسمية لبيع الدواء، وفى حالة اكتشاف مخالفات يتم إحالة المخالف للنيابة، أما وأن هذه المستحضرات يعلن عنها وتباع خارج هذه الأماكن فلا سيطرة لوزارة الصحة عليها.

واختتمت مدير إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة الصحة قولها: "مقدرك أوعدك إنى أعمل حاجة.. الموضوع مش تحت سيطرتى".

البحث عن المسؤول عن بث هذه القنوات تطلب الحديث مع رئيس المنطقة الإعلامية الحرة التابعة لوزارة الاستثمار عفت عبد العظيم، التى أكدت أن القنوات المذكورة لا تتبع المنطقة ولم تحصل على تراخيص من خلال الهيئة العامة للاستثمار قائلة: "مقاضاة هذه القنوات ليس من دور المنطقة الإعلامية الحرة.. كلموا وزارة الخارجية لو عايزين تعملوا حاجة للبلد".

وبسؤالها عن الجهة الحكومية التى يمكن مخاطبتها والتى من دورها التصدى لمثل هذه القنوات، قالت عفت عبد العظيم: " أنا معرفش مين الجهة اللى ممكن يكون ضمن مسئوليتها.. دى حاجة فى الهوا.. شوفوا لو البث عن طريق النايل سات اسألوا الشركة".

من جانبه أكد اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات"، إن الشركة ليس لها علاقة بالقنوات التى تبث هذه الإعلانات، حيث تبث من خلال أقمار صناعية أخرى بدول خارج مصر.

وقال أنيس "القنوات لا تتبعنا.. وجهاز حماية المستهلك هو المعنى بمواجهة هذه الإعلانات".

وردا على ما يمكن فعله لمواجهة هذه القنوات التى تخصصت فى سرقة الأفلام والإعلان عن منتجات ضارة بصحة المواطنين، أكد أنيس أن الحل بيد جهتين هما وزارة الخارجية التى يمكنها مخاطبة الدول التى يتم من خلالها البث الفضائى، أو القضاء الذى يمكنه محاكمة هذه القنوات.

كلام المسؤولين عن المنطقة الإعلامية الحرة والنايل سات عن تحمل وزارة الخارجية المسؤولية، دفع "اليوم السابع" لسؤال المتحدث الرسمى باسم الوزارة السفير أحمد أبوزيد، عن طبيعة وجود تحركات من الخارجية أو تلقيها مطالبات من جهات أخرى ببحث موقف هذه القنوات دوليا، حيث أكد أن وزارته لم تتلق أى تكليفات بهذا الشأن حتى تتحرك فى أى اتجاه.

وقال أبو زيد: "نحن لا نتحرك من عندنا لازم يجيلنا تكليف نتحرك بناء عليه من مجلس الوزراء باعتبارها الجهة الوحيدة التى تملك تكليف الوزارة بهذا التحرك.

ورغم إحالة مجموعة من القنوات الفضائية المتورطة فى نشر الإعلان المضلل على القضاء فى وقت سابق بتهمة سرقة الأفلام، تحولت القضية من المحكمة الاقتصادية إلى المحكمة العادية وهو ما يعنى إطالة مدة التقاضى، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى حل حاسم لوقف مهزلة استمرار هذه القنوات فى تربحها على حساب صحة المواطنين، دون أن تتمكن أى جهة حكومية من التصدى لمثل هذه المهازل التى تخطت مخاطر السرقات إلى "القتل العمد" بحسب ما وصفته مسئولة وزارة الصحة، فإلى متى يستمر المتربحون فى التجارة بالمرضى، وسط حالة السكون الحكومية؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سليمان

حماية المستهلك كوم تانى خالص !

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة