خالد أبو بكر يكتب : المشير والرئيس.. حالة فريدة من الوفاء.. وإشارات واضحة لمرحلة مهمة من تاريخنا المعاصر.. لكن متى سيتكلم؟

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016 04:50 م
خالد أبو بكر يكتب : المشير والرئيس.. حالة فريدة من الوفاء.. وإشارات واضحة لمرحلة مهمة من تاريخنا المعاصر.. لكن متى سيتكلم؟ خالد أبو بكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوم وفاة والدة الرئيس السيسى، رحمة الله عليها، توجهنا جميعًا وتوجه الشعب المصرى، بكل فئاته لتقديم العزاء إلى زعيمه وقائده بمشاعر حقيقية، وبمشاركة تلقائية سلم الرئيس فيها على عمال وفلاحين وموظفين ومثقفين، واستقبلهم الرئيس بنفسه، ولم يجلس لثانية واحدة وظل واقفًا على مدار ساعات يتلقى العزاء من كل الناس ببساطة وأدب جم.
 
إلى أن تقدم فجأة الرئيس خطوات من مكانه، وتحرك كى يسلم على أحد الأشخاص ويمسك بيده ليسير معه من أول القاعة إلى آخرها بل إلى المكان الذى سيجلس فيه، وقد حاول هذا الشخص مرتين أن يقول للرئيس أرجوك تفضل فتكفى خطوتين، إلا أن الرئيس فى المرتين يشير له ويقول أبدًا سأوصلك إلى حيث ستجلس، وتشعر أن الرجل كان ممتنًا ومحرجًا فى نفس الوقت من تصرف الرئيس الذى فاجأ الجميع.
 
هذا الرجل يا سادة هو المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع الأسبق، والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الذى كان الرئيس السيسى يعمل معه فى مناصب عدة، آخرها رئيسًا للمخابرات الحربية فى عهده.
 
هذا الرجل الذى شاءت الأقدار أن يتحمل مسؤولية قيادة البلاد بعد ثورة يناير، فى ظروف قاسية وصعبة مازلنا لا نعلم عنها إلا القليل من الحقائق.
 
أتذكر يوم أن دخل المشير طنطاوى إلى قاعة المحكمة أثناء محاكمة مبارك، وكان قليل الكلام وله هيبة، وقد وقف عند دخوله كل العسكريين الذين حضروا الجلسة، وقفوا بشكل مرعب يؤدون تحية منضبطة «وكل واحد كتفه شايل ٣ كيلو نجوم وحاجة كده تشرف»، ولم يجلسوا إلا عندما أشار لهم قائدهم بالجلوس، ولم يدلِ طنطاوى بإجابات مستفيضة، وبدا وكأنه يحدث نفسه، قائلا: أنتم لا تعلمون شيئًا فقد كانت الدنيا كلها فوق كتفيه فى هذا التوقيت خارجيًا وداخليًا، ومفاهيم متغيرة وشارع يسوقه بعض الناس مستغلين احتياجه وقوى أجنبية فى شوارع القاهرة، وأجهزة مخابرات تحاول أن تنقض فى أى لحظة ووضع اقتصادى ضعيف، ولكن أصر المشير على ألا يتكلم برغم كل هذا، وحتى يومنا هذا لم يدلِ بكلمة واحدة عن هذه المرحلة الهامة من تاريخنا المعاصر.
 
إلى أن أتى الرئيس السيسى رئيسًا لمصر، وهنا بدأنا نرى فى كل المناسبات كيف يعامل الرئيس المشير، عادة فى بلادنا العربية لا يهتم أحد بمن سبقوه، بل يحاول أن يتجاهلهم فى كل المناسبات، إلا أن ما يقوم به الرئيس السيسى تجاه المشير طنطاوى فى كل المناسبات دليل على أن هناك أصلا ووفاءً وإخلاصًا وانضباطًا فى بيت كبير نشأوا فيه جميعًا.
 
حالة نادرة من الوفاء بين القائد وأقرب أبنائه، ثم بين الرئيس وبين قائده السابق، حالة تستطيع أن تشعر بها وتراها فى كل وقت، وفى كل تصرف.
 
الرئيس السيسى بشعبيته الطاغية يحاول أن يفهم الجميع أننى أمسك بيد هذا الرجل، وأمتن له لما قدمه لبلاده، وأرفع بيده كى يمشى بين الناس رافعًا رأسه بعد وقت حاول الرعاع باسم الدين أن يضغطوا عليه، وللأسف استخدموا نقطة ضعفه الوحيدة «شعبه».
والسيسى بهذه الإشارات يعطى لمن حوله درسًا فى الوفاء، وفى احترام القادة، ويعطى أيضًا صورة للعالم كله عن الجيش المصرى بتقاليده العريقة وبسمو خلق قادته.
 
لذلك لم يكن مستغربًا هذا المشهد الذى وقف فيه أحد كبار الضباط بالقوات المسلحة ليعطى التحية للمشير طنطاوى، قبل أن يسلم المصحف الشريف للرئيس السيسى فى لقطة تلقائية رائعة، لكن الأروع أن يبتسم الرئيس السيسى، معلنًا إعجابه بما قام به هذا الضابط الكبير، ويتوجه بنفسه إلى المشير ويهديه المصحف الذى كان بين يديه.
 
كى تقف أنت أيها المصرى أمام هذا المشهد تتباهى، وتقول انظروا إلى قادة جيوش المنطقة، وانظروا إلى جيش بلادى لتتعلموا وتعرفوا الفرق وتحمد الله إنك «وأنت وحدك» صنعت رجالًا من دمك وأنت الآن تفخر بما صنعته إيديك. 
 
إشارات الرئيس السيسى للمشير كانت كفيلة أن تقول للجميع إن هذا الرجل تحمل ما لم يتحمله بشر.
 
لكنى أجد نفسى، وبحق الأجيال القادمة مضطرًا أن ألح فى طلبى إلى المشير طنطاوى، أن يتكلم ويشرح مادار فى بلادنا فى هذا التوقيت، وفى تلك المرحلة لأن هذا حق لكل أبناء مصر حقهم الأصيل فى معرفة تاريخ بلادهم المعاصر.
 
نحتاج أن نفهم أين الحقيقة من مصدرها الأول.. نحتاج أن نعرف من كان على صواب، ومن كان على خطأ.. نحتاج أن نفهم كيف كانت الصورة وكيف كانت تصدر إلى المجتمع.
 
أعرف أن شيم الكبار الصمت، وأعرف أيضًا أن شخصيته لا تميل إلى الأحاديث الإعلامية، لكنى أطلب منه أن يكتب، ويكتب كثيرًا كل شىء بالتفصيل، لأن ما لديه ليس لدى أى شخص، وما لديه هو ملك للجميع.
 
إنها رسالتى للمشير لا أمل من تكرارها، وأرجو أن تصل له فمن حق أحفاده أن يعرفوا ما جرى فى بلادهم، فهل سيستجيب؟









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة